لم يعد حمزة قادرا على العيش في بلاده بعد اعتقال أخيه وموته في سجون النظام السوري، فهو يخاف من أن يتم سوقه للخدمة الاحتياطية، فكان السفر وترك عائلته هو الخيار الوحيد أمامه الذي ترضاه العائلة بعد وفاة أخيه. لكن حمزة تفاجأ حينما ذهب للحصول على جواز سفر بمتطلبات وشروط لم تكن مطلوبة من قبل.
حمزة شاب سوري أرغمته الأحداث على تغيير مجرى حياته بعد الألم الذي عاشته عائلته بسبب فقدان أخيه وخوفهم عليه، فقرر السفر. يقول: "قررت الحصول على جواز سفر من مبنى الهجرة والجوازات في مدينتي دمشق، وكانت احدى الأوراق المطلوبة هي إذن السفر من شعبة
التجنيد الموجودة في المنطقة التي أسكن فيها".
يتابع: "فعلا ذهبت الى شعبة التجنيد لاستخلص إذن سفر، وهو أمر روتيني، والحصول عليه سهل لا يكلف شيئا، باستثناء لقاء عناصر شعبة التجنيد المقيتة، حيث أني خدمت الخدمة الإلزامية، وانتهيت منها قبل بداية الثورة، لكنني تفاجأت بقانون جديد يلزم جميع المكلفين بالخدمة الإلزامية والاحتياطية بدفع مبلغ 300 دولار في أحد بنوك النظام كفالة عودة الى البلاد".
يضيف حمزة: "لم أفهم تفاصيل الموضوع من الموظف الذي بدأ بتنفيذ القرار منذ أيام فقط، لكن الذي يعرفه الجميع أن مثل هذه الكفالة كان يدفعها الشاب الذي يؤجل الالتحاق بالخدمة الإلزامية فقط بداعي الدراسة، حيث كان المبلغ 2000 ليرة
سورية للسنوات الأولى في الجامعة، وعشرة آلاف ليرة في سنة التخرج، أما اليوم فالقانون يستهدف جميع
الشباب، وحتى تجديد
جواز السفر أصبح بحاجة للمعاملة ذاتها، ومبلغ 300 دولار مبلغ كبير في سورية تأمينه ليس بالأمر السهل".
ويقول ناشطون إن النظام السوري يهدف في سياسة التضييق على الشباب السوري بهذه القوانين إلى الكسب المادي، وإرغام الشباب على البقاء في البلاد، لسوقهم إلى جبهات القتال، بداعي خدمة الاحتياط بعد التراجع الواضح في أعداد مقاتليه.
وأشيع مؤخرا بين الشباب عن صدور قرار رسمي بمنع سفر الشباب، ممن تتراوح مواليدهم بين عام 1985-1991، القانون لم تتبناه أي جهة رسمية من قبل النظام، ولكن السوريين ألفوا سياسة النظام ببث الإشاعات، ومن ثم تحويلها إلى قوانين وقرارات، بعد أن يتيح الفرصة للعاملين معه ابتزاز المواطنين، والحصول منهم على مبالغ باهظة بحجة تجاوز القانون والاحتيال عليه رغم أنه لم يصدر بعد.
ويأتي هذا في الوقت الذي يتابع فيه النظام حملات المداهمة في المناطق التي يسيطر عليها ليعتقل الشباب ويسوقهم إلى الخدمة الاحتياطية بدون سابق إنذار.
أحد الناشطين من أبناء دمشق يصف ما يجري فيها قائلا: "نتذكر في هذه الأيام حرب السفربرلك، التي خاضتها الدولة العثمانية، حيث أن حملات أخذ العسكر ما زالت في ذاكرة المسنين من أبناء دمشق، والتي يروون تفاصيلها لأحفادهم، حيث أنها تشبه حملات النظام اليوم، ولكن شتان ما بين تلك الحرب وهذه ، فهذه لقتل أبناء البلد وتلك في سبيل فتح جديد، وفي كلتا الحربين احتمال عودة الشاب إلى أهله منها تكاد تكون مستحيلة".