كشف الرئيس الفنزويلي نيكولا مادورو أنه ينوي "تطهير إدارة
الشرطة" من عناصرها الفاسدة المتهمة في بعض الأحيان بالتواطؤ مع المافيا وارتكاب عمليات قتل وابتزاز، في هذا البلد الذي يشهد مستويات عنف هي من الأعلى في العالم.
وتعهد الرئيس الذي يسير على خطى سلفه هوغو تشافيز إطلاق "ثورة، إذ لا بد من اتخاذ تدابير لإزالة الشوائب من إدارة الشرطة في
فنزويلا".
وأتت هذه التعهدات بعد مقتل روبرت سيرا (27 عاما) النائب عن الحزب الاشتراكي الحاكم في منزله مع شريكته التي تعاونه في البرلمان.
وتفيد السلطات أن شرطيين كانا يوفران له
الحماية متهمان بالمشاركة في جريمة القتل.
وأقيل وزير الداخلية الجنرال ميغيل رودريغيس توريس من منصبه بعدما وجهت له أصابع الاتهام من قبل مجموعات موالية للحكومة أثر مقتل عدة أعضاء منها خلال اشتباكات مسلحة مع قوى الأمن في كاراكاس.
وتعد فنزويلا التي تسجل 53 عملية قتل لكل 100 ألف نسمة بحسب الأمم المتحدة (39 بحسب السلطات و79 بحسب منظمات غير حكومية) ثاني أكثر البلدان خطورة في العالم بعد هندوراس (90.4 جريمة قتل لكل 100 ألف نسمة).
ويفلت من العقاب مرتكبو 92 جريمة قتل من كل مئة فيبقى انعدام الأمن مصدر القلق الرئيسي لسكان البلاد، بالرغم من البرامج المتعددة المعتمدة في هذا الخصوص من قبل تيار تشافيز الحاكم منذ العام 1999 والمتهم بأنه المسؤول الأكبر عن هذا الوضع.
وكانت السلطات الفنزويلية قد أطلقت في العام 2006 عملية إصلاح كبيرة وأسست 85 وحدة أمنية، موزعة على الأصعدة الوطنية والمحلية والبلدية.
ولا يزال الخوف ينتاب اليوم المارة عندما يلتقون شرطيا في الشوارع.
واشتكى كثيرون من عمليات ابتزاز يقوم بها عناصر من الشرطة للحصول على المال عندما يوقفون السائقين لانتهاكات بسيطة.
وحوكم بعض عناصر الشرطة بتهمة تنفيذ عمليات خطف أو قتل، كما كانت الحال في العام 2006 إثر مقتل ثلاثة أشقاء وسائقهم ثم قتل رجل أعمال فنزويلي إيطالي الأصل.
ويعتبر لويس خيراردو غابالدون، الخبير في علم الجريمة والعضو السابق في لجنة إصلاح الشرطة، أن المشكلة الرئيسية تكمن في غياب الإشراف على رجال الأمن.
ويوضح لوكالة فرانس برس أنه من جراء ذلك "هناك مشكلة في الشرطة، مرتبطة بضلوع عناصر أمن في جرائم"، وقد قُتل تسعون منهم منذ مطلع السنة لارتباطهم على ما يبدو بأوساط الجريمة.
وأشار كذلك إلى الأجر المنخفض للعاملين في هذا المجال وهي مشكلة مشتركة لقوات الشرطة في كل أرجاء أميركا اللاتينية.
ويضيف أن سبعة أشخاص مختلفين تولوا وزارة العدل والداخلية في السنوات الخمس عشرة الأخيرة، الأمر الذي لا يساعد على حسن إدارة قوات الشرطة.
وتفيد الأرقام الأخيرة المتوافرة أن فنزويلا كانت تضم في العام 2012 نحو 89 ألف شرطي أي ثلاثة عناصر لكل ألف نسمة.
وهذا المعدل يحترم توصيات الأمم المتحدة، لكنه لا يكفي لمواجهة مستوى الخطورة في البلاد، على ما يؤكد خافيير غورينيو، الموظف السابق في الشرطة العلمية والخبير في علم الجريمة.
ولا تبدي كلية الأمن الاختبارية المكلفة تدريب عناصر الشرطة الوطنية "صرامة كبيرة" على صعيد "معايير الانتساب والتدريب"، وأحيانا يتم خفض فترة التدريب.
ويقول خورينيو إن الشرطة البلدية لا تضم عديدا كافيا أيضا، وهي متواجدة في "98 من أصل 335 مدينة في البلاد"، وهي ظاهرة عائدة إلى أسباب سياسية إذ أن الحكومة الوطنية تمنع تشكيل قوات أمن محلية في البلديات التي تقودها المعارضة.
وبسبب الأجور المتدنية باتت وظائف أخرى تستهوي عناصر الشرطة مثل القيام بمهام الحراسة الشخصية.