عادت
الكتاتيب إلى دولة
الكويت، بعد نحو قرن، من خلال مشروع جديد، أطلقته
جمعية أهلية، للمساهمة في
تعليم "
البدون".
وافتتحت جمعية "المعلمين" الكويتية (غير حكومية) بمحافظة الجهراء (غرب) الأسبوع الجاري المشروع الجديد، الذي يتمثل في إنشاء كتاتيب، لتعليم أطفال "البدون" الذين لم يحصلوا على شهادات ميلاد.
ولا يحق للطلبة "البدون" الدراسة في المدارس الحكومية بالكويت، إلا أن عددا منهم يدرسون في المدارس الخاصة الكويتية على نفقة وزارة "التربية" الكويتية، من خلال صندوق خيري أنشئ لهذه الغاية تموله الوزارة، ويُقبل الطلبة فيه بشروط.
ويشترط لتسجيل المقيمين بصورة غير قانونية، أبناءهم في مدارس خاصة، أن تكون لديهم (بطاقة خدمات) صادرة عن الجهاز المركزي، لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية.
ويتكفل الصندوق بتعليم 150 ألف طالب من المقيمين بصورة غير قانونية في مختلف المراحل الدراسية.
وتأتي هذه الكتاتيب، لتساهم في تعليم من لم تنطبق عليهم الشروط، من أطفال "البدون".
وفي تصريحات صحفية لدى افتتاحه المشروع، قال مدير جمعية المعلمين (فرع الجهراء) المشرف العام على المشروع، سلطان غالي المغري، إن "الهدف من المشروع تنفيذ استراتيجة الجمعية ورسالتها بنشر العلم".
وأضاف "نفتتح هذا المشروع بصفتنا أفرادا في المجتمع، إذ نمثل أكبر شريحة في المجتمع وهي شريحة المعلمين (حوالي 60 ألفا)".
وأشار إلى "ضرورة إيصال رسالة الجمعية إلى المؤسسات المدنية والحكومية، من أجل الالتفات بعين المسؤولية إلى هذه الفئة (في إشارة إلى أطفال البدون) التي تطال أكثر من 600 طفل وطفلة حُرموا من التعليم لعدم حصولهم على شهادات الميلاد".
و"البدون" أو غير محددي الجنسية أو المقيم بصورة غير شرعية، هم فئة سكانية تعيش في الكويت ولا تمتلك الجنسية الكويتية، حيث تدرج مسماهم في الوثائق الرسمية من "غير كويتي"، إلى "بدون جنسية"، ثم "مقيم بصورة غير قانونية".
أما الكُتاب (بضم الكاف، والجمع الكتاتيب) فأصوله ترجع إلى أقدم العصور، وهو مكان دون المدرسة لتعليم الناشئة حفظ القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة، وافتتح أول كتاب بالكويت عام 1887، قبل أن تظهر المدارس النظامية عام 1911 وتختفي الكتاتيب تدريجيا.
ومضى المغري قائلا "لا نريد أن نترك أطفال البدون فريسة للجهل والضياع، كما أننا نهدف إلى خلق فرص عمل تطوعية للمعلمين والمعلمات بدون مقابل لإيصال التعليم إلى هذه الفئة التي حُرمت من التعليم، بعيدا عن الأمور السياسية".
وأوضح أن "المشروع يضم في بدايته فصلين دراسيين للبنين والبنات كتجربة أولية بواقع 22 طفلاً في كل فصل، يبدأ يومهم الدراسي من الثامنة صباحا حتى الحادية عشرة صباحاً"، على أن تشمل المواد الدراسية "العلوم والرياضيات واللغة الإنجليزية والتربية الإسلامية واللغة العربية".
وأضاف المغري أن "هناك تنسيقا (دون تحديد جهات التنسيق) يجري لاحتمال تعميم التجربة التي لا تزال قيد الدراسة إلى بقية المناطق".
وبحسب الهيئة العامة للمعلومات المدنية (حكومية)، فإن عدد من يحملون الجنسية الكويتية على أرض الكويت يبلغ 1.2 مليون نسمة، فيما يقارب عدد الوافدين حوالي 2.8 مليون نسمة.
والوافد هو المقيم بصورة قانونية، ويمتلك إقامة شرعية، ويحمل جنسية غير كويتية، أما البدون فهم المقيمون بصورة غير قانونية، وعددهم تقريبا 106 آلاف، بحسب الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين.
وفي عام 2013، أنشات الحكومة الكويتية الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع "البدون" ليضع حلولا لمشاكلهم.
من جانبه، قال رئيس فريق المتطوعين بالمشروع، أحمد الخليفي، وهو من البدون، إن "المشروع يأتي انطلاقاً من الدور المجتمعي للجمعية ومبادئها الأساسية، وهو محاولة تسعى إلى إيصال رسالة مدنية واضحة للمجتمع مفادها عدم إقحام الأطفال في المسائل السياسية وإجراءات القيود الأمنية"، داعياً إلى أن "يبقى الطفل في التعليم إلى أن تحل قضية البدون من قبل الجهاز المركزي أو الجهات الحكومية الأخرى".
وأضاف الخليفي، في تصريحات له، أن "الكتاتيب ليست حلا، ولكنها رسالة للمجتمع ولأصحاب القرار لإعادة هؤلاء الأطفال إلى مقاعد الدراسة النظامية"، موضحا أن الجمعية "لا تمنح شهادات دراسية".
وبين الخليفي أن "فريق العمل بأكمله تطوعي، يضم 8 معلمات و4 إداريين كرسوا جهدهم ووقتهم لتعليم هؤلاء الأطفال المحرومين من التعليم"، مناشداً أصحاب القرار الالتفات إلى هذه القضية الإنسانية والتعامل معها من "جانب إنساني بحت يخلو من الشأن السياسي".