يبدو ان إجماع القوى السياسية
اللبنانية على اختلافها على ضرورة دعم مؤسسة الجيش في مواجهة التحديات الإقليمية والداخلية، ينسحب كذلك على القوى الإقليمية والدولية رغم اختلافها.
ويكاد يكون الجيش المؤسسة الوحيدة في لبنان التي تلقى إجماعا سياسيا وشعبيا، في بلد لديه الكثير من مبررات الانقسام، والعديد من الفرقاء السياسيين، الأمر الذي يمنع مجلس النواب حتى اليوم من انتخاب رئيس للبلاد.
منحة إيرانية
وفي سياق دعم الجيش قررت إيران الثلاثاء، وعلى لسان الأمين العام لمجلس الأمن القومي علي شمخاني تقديم منحة عسكرية للجيش اللبناني -لم يحددها- لتعزيز قوات الأمن التي تدعمها أيضا
السعودية والولايات المتحدة.
ونقلت وكالة رويترز عن شمخاني في بيروت قوله: "قررت الجمهورية الإسلامية تقديم منحة عسكرية للجيش اللبناني".
ورغم اختلاف الداعمين -إيران والسعودية وأمريكا-، لا يرى السياسيون في لبنان أن أيا من الدول تحاول استقطاب
الجيش اللبناني.
عضو المجلس السياسي لحزب الله اللبناني عبد المجيد عمار قال لـ"عربي 21" إنه من الطبيعي أن تقدم الدول المساعدات لبعضها، وأنه لا توقعات بأن تؤثر هذه المساعدات على الجيش سياسيا".
وأضاف عمار أن محاولات استقطاب مؤسسة الجيش هو أمر غير وارد.
دعم لا يضر بإسرائيل
وفي ظل التوسع السريع لـ"تنظيم الدولة" في سوريا ووصوله مؤخرا إلى مشارف عرسال اللبنانية، يرى رئيس المركز الدولي للتحليل الاستراتيجي في دبي، إبراهيم خياط، أن لبنان يواجه خطر وصول "التيار التكفيري الإرهابي" إلى شمال لبنان لإيجاد منفذ عبر طرابلس إلى البحر الأبيض المتوسط.
وأشار خياط لـ"عربي 21" إلى أنه وبعد موقف السعودية الأخير وانخراط دول مجلس التعاون الخليجي -عدا الكويت- في الحرب على الإرهاب؛ أصبح الموقف في لبنان أكثر انسجاما -على مستوى القوى السياسية- مع متطلبات حفظ السيادة اللبنانية على الحدود، والتي هي مسؤولية الجيش اللبناني في المقام الأول.
وقال إن الجيش اللبناني حورب باستمرار داخليا وخارجيا لكيلا يصبح قوة مهددة لإسرائيل.
غير أن الخياط يرى تحسنا في الموقف الأمريكي من تسليح الجيش اللبناني في إطار الحرب على الإرهاب، رغم أن السلاح الأمريكي المقدم للجيش دفاعي، ولا يشكل أدنى تهديد لإسرائيل.
تقارب سعودي - إيراني
كما أشار خياط إلى أن التقارب السعودي - الإيراني في مقاربة الملفات الإقليمية سينعكس إيجابا في إطار دعم الجيش اللبناني في مواجهة "الإرهاب"، وأن الدعم الإيراني لمؤسسة الجيش يتماشى مع المصلحة الدولية بأن لا تصل "التنظيمات الإرهابية للبحر الأبيض المتوسط".
من جهته قال عضو كتلة "المستقبل" في البرلمان اللبناني النائب عاطف مجدلاني، إن الجيش اللبناني بحاجة إلى مساعدة الجميع؛ كونه العمود الفقري للدولة.
وقال مجدلاني لـ"عربي 21" إن "الجيش القوي يعني دولة قوية"، مرحبا بأي مساعدات من أي جهة طالما أنها "غير مشروطة".
في وقت سابق قال سعد الحريري رئيس وزراء لبنان الأسبق، إن ملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز آل سعود أبلغه بأنه أصدر أمراً بتقديم مساعدة للجيش اللبناني والأمن الوطني بمبلغ مليار دولار.
وأضاف الحريري، بمؤتمر عقده في القصر الملكي بجدة مساء 5 آب/ أغسطس الماضي، أن تقديم هذا المبلغ يأتي لـ"دعم وتعزيز إمكانات الجيش اللبناني والأمن الوطني، للمحافظة على أمن واستقرار لبنان، شقيقة المملكة العربية السعودية".
كما تسلم الجيش اللبناني، في 29 آب/ أغسطس الماضي شحنة جديدة من الأعتدة والذخائر مقدمة من الولايات المتحدة الأمريكية، التي قال سفيرها في بيروت ديفيد هيل، إن بلاده تسعى لتأمين حاجات الجيش لـ "ضمان الحدود ومواجهة المجموعات المتطرفة".
وقال هيل، في مؤتمر صحفي في القاعدة الجوية العسكرية في مطار بيروت خلال تسليم الشحنة بحضور ممثل عن قائد الجيش وعدد من كبار الضباط: "عملنا على تأمين كل الذخائر والأسلحة التي طلبها الجيش اللبناني من أجل ضمان الحدود وهزيمة هذه المجموعات المتطرفة التي تهدد أمن لبنان".