قال عدد من الخبراء إن دمشق غير القادرة على الاعتراض ضد ضربات
التحالف الدولي لمواقع مقاتلي "تنظيم الدولة" تفضل الظهور بموقف إيجابي عبر تأكيدها أنها أبلغت مسبقا بذلك، كما أنها تأمل أيضا في اغتنام الفرصة لكي تعود شريكة في "الحرب على الإرهاب".
من جهته، قال مدير معهد بروكينغز في الدوحة، سلمان شيخ، إن "النظام كان مرغما على قبول الواقع"، مضيفا: "كان بإمكانه أن يرفع الصوت عاليا أو التهديد وإحداث جلبة، لكنه اختار كما يبدو أن يظهر وجها إيجابيا. لا أعتقد بوجود تعاون واسع (مع التحالف)، لكن هذا هو الانطباع الذي يريد أن يعطيه".
وكان رئيس النظام السوري، بشار
الأسد، أكد الثلاثاء تأييد بلاده "لأي جهد دولي" يصب في مكافحة الإرهاب، وذلك بعد ساعات من شن التحالف الدولي الضربات الجوية، بحسب وكالة الأنباء الرسمية (سانا).
ونقلت الوكالة عن الأسد خلال استقباله مبعوث رئيس الوزراء
العراقي حيدر العبادي، ومستشار الأمن الوطني في العراق، فالح فياض، قوله إن بلاده "مع أي جهد دولي يصب في مكافحة الإرهاب وأن نجاح هذه الجهود لا يرتبط فقط بالعمل العسكري على أهميته بل أيضا بالتزام الدول بالقرارات الدولية ذات الصلة".
وأعلنت وزارة الخارجية السورية أن الولايات المتحدة أبلغتها شن غارات جوية على تنظيم الدولة في أراضيها.
وأضافت الوزارة أن "الجانب الأميركي أبلغ مندوب
سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بأنه سيتم توجيه ضربات لتنظيم الدولة".
وأشارت إلى أن وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، تلقى الاثنين رسالة من نظيره الأميركي جون كيري عبر وزير خارجية العراق "يبلغه فيها أن أمريكا ستستهدف قواعد تنظيم
داعش الإرهابي، وبعضها موجود في سوريا".
وبدورها، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، جنيفر ساكي، الثلاثاء، إن بلادها حذرت النظام السوري من الاشتباك مع الطيران الأمريكي إذا ما قام بمطاردة داعش داخل الأراضي السورية.
وأضافت المتحدثة ساكي في تصريح مكتوب وزع على الصحفيين، الثلاثاء، "قمنا بإعلام النظام السوري بنيتنا بالتحرك العسكري ضد داعش عن طريق مبعوثتنا بالأمم المتحدة سمانثا باور التي أبلغت المبعوث السوري الدائم إلى الأمم المتحدة بشار الجعفري".
وأشارت إلى أن واشنطن "لم تطلب موافقة الحكومة السورية، ولا نستطيع معها تنفيذ الهجوم، ولقد حذرنا سوريا من الاشتباك مع طائرات الولايات المتحدة".
وقالت: "لم نطلب إذن النظام، لم ننسق تحركاتنا مع الحكومة السورية، لم ننبه السوريين مقدما، على مستوى الجيش، أو أشرنا لهم عن توقيتاتنا بخصوص الأهداف المحددة".
وأضافت بساكي أن "وزير الخارجية كيري لم يبعث برسالة إلى النظام السوري بهذا الخصوص".
ويعتقد النظام السوري المعزول من قبل الدول الغربية بسبب قمعها في آذار/ مارس 2011 حركة احتجاجات بدأت سلمية أن الحرب ضد "تنظيم الدولة" تشكل فرصة له لكي يعود شريكا مقبولا.
وإذا كانت الولايات المتحدة تسيطر على الأجواء، إلا أن دمشق تعتبر أن لا بديل عن جيشها للقضاء على التنظيم.
من جهته، قال مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في دمشق، بسام أبو عبد الله، والذي يعتبر مقربا من النظام إن "التحالف سيكون مضطرا للتعاون مع سوريا نظرا لعدم وجود أي قوة برية قادرة على محاربة الإرهاب باستثناء الجيش النظامي ومن تحالف معه، وقد يكون هذا التعاون مقدمة لمفاوضات سياسية".
وهذا هو بالضبط ما تبحث عنه دمشق دائما "إعطاء الأولوية لمحاربة الإرهاب"، على حد قوله، ويعني بهذه العبارة جميع فصائل المعارضة الذين يعارضون الأسد.
وسيسمح ذلك للنظام، بحسب اعتقاده، بتأجيل دائم لأي محادثات حول إصلاح النظام المتسلط الذي أعلن قيامه قبل نصف قرن.
بدوره، يرى الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية، كريم بيطار، أن "الضربات بإمكانها بشكل غير مباشر أن تفيد النظام أقله على المدى القصير"، بمواجهة الغرب الذي ما انفك يردد رغبته في التخلص منه.
وأضاف أنه "كان من المفترض بالمجموعات الأكثر تطرفا مثل تنظيم الدولة أو جبهة النصرة أن تحاول تجنب الضربات أو التخفيف من وطأتها. وبالتالي، فقد تصبح الضغوط التي تمارس على النظام أخف".
إلى ذلك، فإن "التنسيق غير المباشر والخفي (عبر الحكومة العراقية) السائد قد يتحول رويدا ليتطور نحو تنسيق أكثر انفتاحا مع الولايات المتحدة كلما تورطت هذه الأخيرة أكثر فأكثر في حرب طويلة مع تنظيم الدولة. وهذا ما يأمله الأسد بالضبط"، بحسب الباحث.
وعلى الصعيد الميداني، يبدي المعارضون المعتدلون خشية إزاء تطورات كهذه.
ويقول الناشط أبو يوسف من محافظة الرقة معقل "تنظيم الدولة": "بالطبع نريد أن تغادر داعش الرقة، لكننا نخشى أن يكون ذلك مفيدا للنظام بسبب إمكانية أن ينتشر مجددا في المناطق التي تخليها داعش".
لكن سلمان شيخ أبدى من جهته تحفظات قائلا: "يجب الانتظار لمعرفة من سيستفيد من الضربات الجوية على المدى الطويل. والأمر الواضح هو عدم وجود قوات قادرة من المعارضة حاليا على تحقيق مكاسب، كما أن نظام الأسد لا قدرة لديه على التمدد شرقا".
وأضاف أن النظام سيسعى إلى إجراء اتصالات مع دول أوربية ودولة أو دوليتن عربيتين لتزودها بمعلومات استخباراتية ضمن إطار محاربة "تنظيم الدولة".