لم تعد ظاهرة
انقطاع الكهرباء في
مصر تقتصر على فترات الليل وساعات الذروة المسائية، بل صارت تطارد المصريين في نهارهم أيضا، ومنذ الصباح الباكر، لتفسد عليهم نهارهم في منازلهم ومقار أعمالهم، وهو ما بلغ ذروته في الأيام الأربعة الأخيرة، بانقطاع الكهرباء لمدد قد تصل إلى 12 ساعة يوميا في مناطق ومحافظات عدة.
ولاحظ المصريون -بقدر كبير من الانزعاج- أن انقطاع الكهرباء في كل يوم من الأيام الأخيرة بدأ مع ذروة عملهم الصباحي، وتحديدا منذ الساعة التاسعة، في انقطاعات طويلة تتجاوز الساعة والساعتين في كل مرة، بمتوسط انقطاعات في اليوم الواحد، ما بين أربع إلى عشر مرات، ما تسبب في تعطيل أرزاق أصحاب الورش والمحلات والمصانع والشركات، وكبدهم خسائر فادحة في الأجهزة والإنتاج.
ويأتي ذلك في وقت بات فيه البقاء بالمنزل، أو ارتياد المقاهي، جحيما آخر للكثيرين، لا سيما لأصحاب الأمراض وكبار السن والأطفال، من جراء البقاء في الحر القائظ، دون نسمة هواء، بعد توقف المراوح التي يعتمد عليها غالبية المصريين في تخفيف وطأة الحر عليهم.
وقد أدت الأحمال الزائدة إلى اشتعال عدد من
محولات الكهرباء، وتعطيل عدد من
المصالح الحكومية، وتلف عدد من الأجهزة الكهربائية في المحافظات المختلفة، وشكوى أصحاب المصانع من أنهم يتعرضون لخسائر كبيرة قد تؤدي إلى توقفهم عن الإنتاج.
وساءت خدمات شركات أجهزة الهاتف المحمول، وساءت خدمات الإنترنت، ووصلت إلى حد الانقطاع الكامل للخدمة. وبررت شركات المحمول والاتصالات سوء الخدمة، وانقطاعها في العديد من المناطق والمحافظات، بانقطاع التيار الكهربائي عن محطات التزويد، ونفاد العمر الافتراضي لشحن البطاريات الملحقة بأبراج التقوية.
ولم يسلم المساجين من تأثير انقطاع الكهرباء؛ فقد شهد قسم أول طنطا حالة من الفوضى داخل السجن الكائن بديوان عام القسم، بعد انقطاع التيار الكهربائي، ما تسبب في وقوع حالات إغماء بين المحتجزين، وعلى الفور أخرج مأمور القسم المساجين إلى ساحة القسم، لحين وصول سيارات الإسعاف، حيث تم إسعافهم، وتحرر محضر بالواقعة.
وبرر وزير الكهرباء الدكتور محمد شاكر انقطاعات الكهرباء المتزايدة بالقول، إن زيادة معدلات خفض الأحمال خلال الأيام الأخيرة يرجع إلى خروج عدد من الوحدات من الخدمة بسبب نقص الغاز الطبيعي، وزيادة التشغيل بالمازوت، وخروج وحدات أخرى من العمل لأعطال طارئة، مع ارتفاع درجات الحرارة.
وقال مصدر مسؤول بالكهرباء -حسبما ذكرت جريدة الأهرام الخميس- إن مصر ستمر بكارثة حقيقية خلال الأيام المقبلة في انقطاع التيار إذا استمر نقص الوقود بهذا الشكل، وإن تخفيف الأحمال من الممكن أن يصل إلى 6 آلاف ميجاوات في منتصف الشهر مع ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة الأحمال.
والأمر هكذا، تقدم مواطن في محافظة القليوبية ببلاغ ضد إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، ووزير الكهرباء، يتهمهما فيه برفع أسعار الكهرباء دون أي تحسن في مستوى الخدمة.
ومن جهتها، انتقدت الصحف المصرية الصادرة الخميس انقطاعات الكهرباء المستمرة، وتصدرت الظاهرة عناوينها الرئيسة..
قالت الوطن: "مصر تغرق فى بحر الظلام.. والكهرباء: عطل فى الكريمات".
وقالت اليوم السابع: "الأعطال المفاجئة ونقص الوقود وراء أزمة الكهرباء.. مصادر: الأحمال وصلت إلى 27 ألف ميجاوات لأول مرة منذ 2012.. ورئيس القابضة للكهرباء: نعاني من محدودية الوقود".
وقالت الشروق: "الظلام يضرب مصر".. فيما قالت الأخبار: "رقم قياسي للظلام".
وفي التفاصيل، قالت الأخبار: "إن المواطنين خرجوا من ملابسهم بسبب الحر الذي تصاعد نتيجة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، إذ عادت الشموع لوظيفتها الأساسية كمصدر للإضاءة، وتعالت صرخات المواطنين بعد أن تحولت الكهرباء إلى وسيلة مؤكدة لتلف أجهزتهم التي أُصيبت بالصدمة الكهربائية"، بحسب الجريدة.
بينما قالت صحيفة الوطن، إن مصر عاشت الأربعاء واحدة من أسوأ موجات الظلام منذ سنوات بسبب انقطاع الكهرباء فى معظم محافظات الجمهورية، بمتوسط 16 ساعة في بعض المناطق، وهدد مواطنون غاضبون بعدم دفع الفواتير، فيما بررت وزارة الكهرباء انقطاع التيار بوجود عطل فني في وحدتين بمحطة الكريمات، وتأثر التغذية الكهربية للشبكة القومية، بجانب نقص الوقود اللازم، فضلا عن زيادة الاستهلاك.
وغير بعيد، قالت "الشروق": "فجر انقطاع التيار الكهربائي بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة، حالة تذمر لدى المواطنين في سائر المحافظات".