كان الانتصار الساحق لألمانيا على
البرازيل نتاج تراكم مروع لتراجع بطيء امتد منذ فترة طويلة في كرة القدم بالبلد الحاصل على خمسة ألقاب في كأس العالم، والذي لم تعد قدرته على تصدير لاعبين من الطراز العالمي مثلما كانت.
فالبرازيل لم يكن لها أي لاعب في القائمة المختصرة التي تضم ثلاثة لاعبين يختار منهم الأفضل في العالم منذ وصل كاكا وفاز بالجائزة في 2007، وجاء نيمار أبرز لاعبيها في المركز الخامس لعام 2013.
وبينما ضمت تشكيلة البرازيل المتوجة بآخر ألقابها الخمسة في كأس العالم عام 2002 لاعبين من العيار الثقيل من عينة ريفالدو ورونالدينيو ورونالدو فإن التشكيلة الحالية تعلق آمالها بشكل كبير على نيمار الذي لا يملك في خبرة الملاعب الأوروبية إلا موسما وحيدا.
وبعد الوصول لنهائي كأس العالم ثلاث مرات متتالية بين 1994 و2002، خرجت البرازيل من دور الثمانية في 2006 و2010 قبل أن تفاجأ بالهزيمة المروعة بسبعة أهداف لواحد أمام الألمان في قبل النهائي، الثلاثاء الماضي.
ورغم أن الهزيمة هي الأولى للمنتخب البرازيلي على أرضه في 64 مباراة رسمية، فإنها قدمت العديد من العروض السيئة هناك في السنوات الأخيرة بينها التعادل بدون أهداف مع بوليفيا وفنزويلا.
كما انتهت مشاركة البرازيل في كأس كوبا أمريكا قبل ثلاث سنوات بالهزيمة بركلات الترجيح في دور الثمانية على يد باراجواي.
لكن مشاكل كرة القدم البرازيلي أعمق من النتائج.
ويشعر كثيرون بأن البرازيل تدفع الآن ثمنا باهظا لتحول اهتمامها منذ الثمانينيات والتسعينيات من الاعتماد على المهارات الفنية إلى القوة والسرعة.
وذات مرة قال زيكو وهو واحد من أفضل اللاعبين الذين أنجبتهم الملاعب البرازيلية إنه لو ظهر في هذا العصر لما حقق ما وصل إليه.
وقال في مؤتمر عن كرة القدم قبل نحو عامين: "أنا واثق أني لو ذهبت للاختبار في أحد أندية كرة القدم اليوم لرفضوني لأني رفيع وضئيل الحجم".
وأضاف: "لم نعد نر مهاجمين بشكل روماريو في مسابقات الناشئين.. (المهاجم الصريح) الآن لاعب ضخ"، في إشارة للمهاجم القصير الذي قاد البرازيل للفوز بكأس العالم في 1994.. من هنا يبدأ التدهور في كرة القدم البرازيلية".
وحتى حين يبزغ نجم أحدهم فإن مشواره عادة ما ينحرف عن مساره مثلما حدث مع روبينيو والكسندر باتو اللذين فشلا في الارتقاء لمستوى التوقعات بعد تجارب غير موفقة على مستوى الأندية في أوروبا.
وقال مدرب البرازيل لويز فيليبي سكولاري إن لاعبين كثر يختفون تماما بعد الانتقال للعب في الخارج في سن صغيرة.
وأضاف، الأربعاء: "البرازيل تنتج بالفعل لاعبين جيدين، لكن علينا أن نفهم أن كثيرين منهم يبدؤون هنا وينتقلون للخارج في سن مبكرة جدا، لذلك فإنه لا سبيل إلّا محاولات البحث والرصد للكشف عن لاعبي البرازيل المميزين بالخارج".
وسكولاري نفسه واجه مرارا انتقادات بالاعتماد على ارتكاب مخالفات في أوقات معينة، رغم أنه أشار إلى مدربين برازيليين آخرين أن يفعلوا الشيء نفسه.
وشن الكاتب المخضرم فرناندو كالازانز هجوما حادا على هذا الجيل من المدربين في عموده بصحيفة أوجلوبو، يوم الأربعاء.
وكتب يقول: "من السهل لوم الإدارات ومن الصواب سياسيا أن تتجنب مهاجمة المدربين الذين يطلقون على أنفسهم الأساتذة، وهؤلاء باستثناءات قليلة جدا لا يملكون أي لمسات، ولديهم فقر تماما من الناحية المعلوماتية".
وأضاف: "على مدار سنوات وسنوات ماضية، تخصصوا في الخطط الدفاعية والفوز بهدف نظيف والاعتماد على التمريرات الطويلة ومطالبة لاعبيهم بارتكاب مخالفات وركل المنافسين ودفعهم".
وبدأت نقطة التحول في مسار كرة القدم البرازيلية بعد الهزيمة أمام إيطاليا في كأس العالم 1982، حين خرج أحد أروع المنتخبات التي شاهدها العالم في البطولة خالي الوفاض.
وقال زيكو: "لو أننا فزنا بتلك المباراة لتغيرت كرة القدم تماما.. لكننا بدلا من ذلك بدأنا الاعتماد على تحقيق النتائج بأي ثمن والاعتماد على المخالفات لوقف هجمات المنافسين".
وتابع: "لم تكن تلك الهزيمة مفيدة لكرة القدم العالمية"، على حد قوله.