نجح الرئيس
اليمني عبدربه منصور
هادي، في شق عصا الحراك الجنوبي، بعدما أعلن مؤسس الحراك العميد ناصر النوبة وقيادات حراكية أخرى تأييدها لمواقف الأول، الرامية لحل القضية الجنوبية بصورة عادلة، ما أثار حفيظة قيادات حراكية تعارض أي تسوية مع هادي.
ويعتقد محللون بأن مساعي الرئيس هادي، جاءت بعد حالة من التخبط والارتباك السياسي في صفوف قيادات الحراك الجنوبي المتعددة، التي أفقدته الالتفاف الشعبي، نتيجة فشله في تحقيق أي تقدم ملحوظ في خياراته تجاه حل القضية الجنوبية.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني عباس الضالعي بأن "جدية الرئيس هادي بحل مشكلة الجنوب وفق رؤية وطنية هو الذي دفع قادة الحراك الجنوبي لإعلان تأييدهم له، والذي تعامل بصورة مغايرة عن مواقف الرئيس المخلوع علي صالح، الذي اعتمد على أسلوب المراوغة، في إنصاف الجنوبيين".
وأضاف في تصريح لــ"عربي 21" بأن "التدخل الخارجي -وتحديدا الإيراني- الداعم للداعين للانفصال عن الشمال، جعل الكثير من قيادات الحراك الجنوبي تراجع مواقفها من وثيقة حل القضية الجنوبية، التي تضمنت حلولا استثنائية بكل المقاييس".
وأوضح بأن "الرئيس هادي يعرف جيدا من هو الصادق من قيادات الحراك الجنوبي، ومن يحاول استغلال مظالم الناس، عبر الابتزاز والمزايدة، لتنتهي هذا الحالة بعملية فرز لقيادات الحراك، وأذاب الجليد الذي سببه الرئيس المخلوع من خلال تراكم المشاكل وتعقيدها، بالاعتماد على قيادات صنعها للعمل معه بمواصفات خاصة بعيدا عن القضايا الأساسية لمشاكل الجنوب".
ولفت إلى أن "مصير الحراك الجنوبي بشكل عام قد حددته مواقف التأييد لتوجهات الرئيس هادي، والتي أعلنتها قيادات من الصف الأول في الحراك، ولم يبق سوى الجيوب التي لا توجد لديها رؤية مستقبلية، وتعتمد على المراهنة بافتعال المشاكل وإحداث زوبعات أمنية وشعبية، بعد خروج الشارع الجنوبي عن سيطرتها".
من جهته أكد القيادي في الحراك الجنوبي الدكتور أحمد ياسين بأن "الرئيس هادي، لم ينجح في احتواء قيادات الحراك الجنوبي، بل إن ما حدث مؤخرا، من تأييد قيادات في الحراك للرئيس هادي، يمكن وصفه بأنه تم استثمارها"، متهما إياها بأنها "من ضعاف النفوس".
وكان المؤسس الأول للحراك الجنوبي، العميد ناصر النوبة، أعلن وقوفه بجانب الرئيس هادي، ومع مخرجات الحوار الوطني والخاصة بحل القضية الجنوبية، وهو ما أحدث ارتباكا في صفوف الحراك الجنوبي.
وأضاف ياسين لـ"عربي 21" بأن الحراك الجنوبي، يعيش حالة من الترقب، للوضع الحالي الذي تمر به اليمن، نافيا في الوقت نفسه شعوره بالإحباط، أو الانهزام، وأن جمود مواقف الحراك هي نتيجة قرارات مجلس الأمن بفرض عقوبات على معرقلي المرحلة الانتقالية في البلاد.
ولفت إلى أنهم مستمرون في نضالهم لحل القضية الجنوبية، ولا فكاك عن هذا الخيار قائلا: "سنظل أٌقوياء، وبانتظار ظروف سياسية أخرى تزيدنا قوة إلى قوتنا الحالية".
وبحسب ياسين فإن "القوى السياسية الفاعلة في صنعاء، تغيرت مواقفها الآن، إزاء اتحادية الدولة من عدة أقاليم، والتي سبق أن وافقت عليها، نكاية برؤية الحراك الجنوبي المشارك في مؤتمر الحوار الوطني، التي شددت على اتحادية الدولة من إقليمين".
إلا أن، الباحث في شؤون الحراك الجنوبي أنيس منصور، يرى بصورة مغايرة، لما طرحه ياسين أن "الحراك الجنوبي وصل إلى حالة من الانهزام، على خلفية غياب التأييد الإقليمي والدولي للمطالب التي يرفعها، والهادفة إلى إعادة تقسيم اليمن وهذا باعتقادي لا يخدم المصالح الإقليمية والدولية".
وأضاف لــ"عربي 21" أن الحراك الجنوبي "يعاني الآن من التعب والإرهاق، جراء التفكك الذي يفتك بجسده، لاسيما انهيار شعبية الحراك، نتيجة الملل الذي أصاب الشارع الجنوبي من الخطاب السياسي، والذي يصطدم مع مخرجات الحوار الجنوبي، الذي يعتبر طوق نجاة لهم، بعد ظهور مؤشرات جدية التوجهات السياسية لحل القضية الجنوبية بصورة عادلة".
وأشار إلى أن "الحراك الجنوبي، تحول إلى ظاهرة صوتية لا غير، تتطلب من الرئيس هادي التضييق على التمويل الذي تتلقاه الفصائل الحراكية المطالبة بالانفصال من الخارج، فإذا حدث هذا الأمر، فإن الحراك سيستسلم للأمر الواقع".
وبين منصور أن "ما يحصل في الضالع، من معارك بين قوات الجيش ومسلحي الحراك الجنوبي فصيل البيض، يمكن تفسيرها بأن المعركة بين هادي، وحراك البيض مرحلة كسر العظم؛ لكون الضالع، النواة التي تشكل منها الحراك الجنوبي".
يشار إلى أن الحراك الجنوبي حركة سياسية انطلقت في الجزء الجنوبي من اليمن، والذي كان يعرف سابقا باسم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، قبل الوحدة مع الشمال في 22 أيار/ مايو 1990. حيث تشكلت النواة الأولى للحراك الجنوبي في 2007، بعد قيام بعض العسكريين بمظاهرات مطالبين بعودتهم إلى وظائفهم العسكرية في الجيش، بعد أن تم إحالتهم إلى التقاعد من قبل الحكومة اليمنية، إبان حرب صيف 1994 بين الشمال والجنوب، وإعلان نائب الرئيس السابق علي سالم البيض
الانفصال عن الشمال بعد أربع سنوات من الوحدة.