حاولت الصحافة الإسرائيلية على غرار مثيلتها في التغطية الأمريكية حول ما يحصل في
العراق الترويج والتسويق لفكرة سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في الشام والعراق -المعروفة إعلاميا بـ"
داعش" اختصارا- على مدن عراقية وسرعة انتشارها وخطورتها، وحاولت تسليط الضوء على أميرها، وزعمت أن "داعش" يملك من المقاتلين حوالي 14 ألف مقاتل يتطلعون للسيطرة على المنطقة.
وتناولت صحيفة "يديعوت أحرنوت" في مقال للكاتبة الإسرائيلية سمدار بيري ما قالت إنها مخططات "داعش" في الاستيلاء على منطقة تشمل العراق وسوريا والاردن وفلسطين، "لكنه مستعد (أي داعش) للاكتفاء بخطة أصغر، يشوش بها على سوق النفط العالمية، وتحوّل القارة الأوروبية إلى ميدان قتل".
وفي محاولة لإبراز التنظيم اعتبرت الكاتبة في مقالها تحت عنوان "
ابن لادن أمامك" أن "داعش هو التنظيم الإرهابي الأول في العالم قبل القاعدة"، مشيرة إلى أن "الإدارة في واشنطن خصصت جائزة ابتدائية تبلغ 10 ملايين دولار لمن يأتي بمعلومة تفضي إلى اعتقال أمير التنظيم المنشق عن القاعدة أبو بكر
البغدادي، وجائزة مضاعفة لمن يقطع عنق ما أسمته ابن لادن الجديد".
واستعرضت الكاتبة ما اعتبرت أنه يميز البغدادي خلاف خصومه في القاعدة، بأنه "لا يؤمن بالأشرطة المسجلة وبالرسائل إلى المقاتلين في الميدان.. وهو يدع تجنيد المجاهدين للمتطوعين الشباب في قسم التوجيه عن طريق الشبكات الاجتماعية، كما يناسب منظمة إرهاب في القرن الواحد والعشرين" على حد قولها.
وتابعت بأنه "يجد الشباب الذين يأسرهم قلة ظهوره وسلوكه الغامض، وذلك من أجل التسلل إلى معسكرات التدريب، بالإشارات الخفية في تغريدات له على تويتر.. ويأتون إلى الميدان من مراكز تجنيد سرية في مساجد بأنحاء بريطانيا وإسبانيا والمغرب والأحياء الفقيرة في باريس والأردن وأمريكا اللاتينية بل ومن
السعودية".
ونقلت الكاتبة تقديرات للاستخبارات "الغربية" (لم تحددها) أن "داعش" بدأ مسيرته "قبل ثلاث سنوات بسبعة آلاف متطوع، ونجح اليوم في مضاعفة العدد بل زاد على ذلك.. إن عددا منهم ضباط وجنود من الجيش العراقي الذي حُل في 2003 بأمر المفوض الأمريكي الأعلى في بغداد بول بريمر".
وقالت بيري إن ما اعتمد عليه في سيطرته على الموصل "هو الكنز الاستراتيجي والاستخباري لديه وهم الضباط والجنود العراقيين الغاضبين من الجيش المنحل"، على اعتبار أنهم "أفضل المرشدين في ساحة القتال.
ونسيت الكاتبة سبب "سقوط الموصل دون مقاومة وتخلى مئات الضباط والجنود ببساطة عن المواقع العسكرية وتركوا مخازن السلاح" لتنظيم "داعش"، مضيفة أنه نجح في "الاستيلاء على منطقة سامراء في الشمال، وتكريت وبعقوبة وهم يصرون على إخضاع منشآت تصفية النفط الكبرى في الدولة" على حد قولها.
واستعرضت بيري في مقالها لما أسمته "الخطة الكبرى" للمنظمة "الارهابية"، حيث قالت إن "الخبراء يشيرون إلى ثلاثة احتمالات طموحة كل واحدة أكثر من الأخرى.. وهي إنشاء "دولة الشريعة الإسلامية الصحيحة" التي تشمل العراق وسوريا ولبنان والأردن والقدس والسعودية.
وأوضحت بأن التنظيم يعتمد "الخطة المتوسطة"، حيث "يكتفي أعضاء المنظمة بالاستيلاء على حقول النفط العراقي، وبالتشويش على سوق النفط العالمية، وبالربط بين سوريا والعراق عن طريق الحدود المفتوحة، وإذا لم تنفذ هاتان الخطتان فأنهم هناك مستعدون للاكتفاء أيضا بتصفية حسابات مع آيات الله الشيعة من إيران، وبتقسيم العراق إلى ثلاث دول مستقلة: بغداد والجنوب، والوسط السني والمدينتان المقدستان النجف وكربلاء والشمال الكردي الذي يمتد حتى الحدود مع سوريا وتركيا".
وأشارت إلى أن الصور التي رفعها مقاتلو البغدادي من "داعش" إلى الشبكة هذا الأسبوع ساهمت في زعزعة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وصرفت الانتباه عن المذبحة في سوريا.
وأضافت أن رئيس الحكومة العراقية المنتهية ولايته نوري المالكي يحشد قواته من المتطوعين، ويحاول إظهار الوحدة، حيث "وقف إلى جانب المالكي الشيعي رجل دين مسلم سني، وسياسي كردي، في محاولة منه للإعلان عن أنه لا توجد حرب أهلية، وأن ما يحدث في العراق سلوك عنيف لعصابات قتل تحاول السيطرة".
وقالت بيري إن تنظيم "داعش" على علاقة وعمق صلة بالسعودية، حيث "تكشف الأشرطة الحاسوبية الـ162 والتي ضبطت عند أبو هاجر، رئيس "المجلس العسكري" لداعش، الأصابع الطويلة لقيادة الأجهزة الأمنية في الرياض، وخطط العمليات، والسلاح والمعدات العسكرية، ومحافظ المال التي سحبت في قصر الملك عبد الله دون أن تطرف عين".
وتابعت بأنه "حسب المعلومات التي توثق نشوء المنظمة السري واتساعها السريع، بدأت منظمة داعش تعمل في مناطق سوريا وليبيا قبل ثلاث سنوات مع ميزانية بلغت 875 مليون دولار.. وتضاعفت الملايين وزادت على ذلك على إثر الاستيلاء على منشآت النفط والتهريبات والاستيلاء على المصارف في المدن التي احتلت في العراق".
وأثارت في مقالها بأن العاهل السعودي "عزل أميرين سعوديين في لحظة بأمر ملكي تعسفي ليحل محلهما أميران آخران يثق الملك عبد الله بهما، وهما مطلعان على أسراره الخفية (...) وقد أرسلا ليدعما داعش سرا وللإنفاق عليها واستخدامها، وهي التي كان يفترض بحسب خطة الأسرة المالكة الأصلية أن تسقط نظام بشار الأسد".
وتابعت "هكذا أخذت الأسرة المالكة السعودية تدعم داعش بالمال منذ سنة 2010، وكانت مشاركة في التخطيط لعمليات إرهاب على ضباط وموظفين كبار في سوريا في أقرب حلقة من بشار.. ولم يكف الرئيس السوري عن الشكوى من المؤامرة الكبيرة، وأرسل قوات عسكرية وطائرات لترمي براميل متفجرات من الجو ولتهاجم الإرهابيين الذين تسللوا إلى سوريا".
وختمت مقالها في الإشارة إلى إعلان "حاكم محافظة نينوى أثناء السيطرة على مدينة الموصل أن داعش استولى على المصارف، وفتح خزائن المال وحصل على 425 مليون دولار أخرى نقدا وذهبا.. فإذا أضيف هذا المبلغ أصبح الحديث الآن عن أغنى منظمة إرهاب في العالم، ونقول من أجل المقارنة إن ميزانية حزب الله السنوية تقف على 200 مليون دولار، وتعمل طالبان بميزانية 70 مليون دولار، وتكتفي القاعدة بـ 30 مليونا فقط".