كتب إيان بلاك وسعيد كمالي دباغ، عن شخصية الجنرال قاسم
سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الجمهوري الذي يقوم بتنسيق الجهود العسكرية في
العراق ويعيد تنظيم الميليشيات الشيعية لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (
داعش)، وقالا إنه شخصية مهمة في الأزمات "وربما شعر نوري
المالكي، رئيس الوزراء العراقي بالراحة برؤيته وهو يحاول أي المالكي تنظيم هجوم مضاد ضد الجهاديين السنة من داعش الذين سيطروا على مناطق شاسعة وهددوا بغداد".
وأضاف الكاتبان أن سليماني -هو زائر منتظم لبغداد، مع أن زياراته لا يعلن عنها- هو لاعب مهم في العراق منذ الغزو الأمريكي له عام 2003 والإطاحة بالرئيس صدام حسين.
وعن شخصيته "الغامضة" تقول إن المقاومة الشديدة وتحشيد الميليشيات هي طبيعة العمل السري، والذي أعطاه سمعة الرجل القوي والمؤثر في المنطقة.
وآخر مهمة له في بغداد ينظر إليها كإشارة عن خطورة الأزمة العراقية، فحليف طهران يواجه الجهاديين السنة. وبحسب علي أنصاري من جامعة سانت اندروز "سيتعامل الحرس الثوري
الإيراني مع العراق كجبهة أخرى تماما كتعامله مع سوريا"، وبالتأكيد "يتعاملون (يقصد الإيرانيين) معها بجدية".
ولعب سليماني في السنوات الثلاث الأخيرة كنقطة ارتباط بين طهران ونظام بشار الأسد وحزب الله.
وبسبب العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة للدور الذي يلعبه في سوريا، فإن سليماني لن يقابل مسؤولين أمريكيين في حالة موافقة واشنطن على التعاون عسكريا مع طهران لمواجهة خطر داعش. مع أنه تفاوض مع الأمريكيين في مرحلة ما بعد 9/ 11 لمساعدتهم في أفغانستان، وكان هذا قبل أن يشمل جورج بوش إيران في محور الشر في خطابه الشهير.
وفي خطاب نادر ألقاه سليماني في شباط/ فبراير أكد فيه على أن سوريا هي "أس الخلاف"، "فعلى جانب يقف العالم فيما تقف إيران على الجانب الآخر، ويدعو البعض لرحيل الأسد.. لكنهم لا يعرفون الحقيقة".
ويعتبر سليماني من أشد الموالين لآية الله خامنئي، المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، وعادة ما يبتعد عن الأضواء، مع أنه يظهر بين الفينة والأخرى في جنازات جنود الحرس الثوري الذي يقتلون في سوريا. وقد وصف خامنئي سليماني مرة "بالشهيد الحي".
وظهرت صور له وضعت على الإنترنت وهو يقدم التعازي لعائلة هلال الأسد إبن الرئيس الأسد الذي قتل الشهر الماضي قرب الحدود التركية.
يبلغ سليماني من العمر 57 وكان في العشرينات من عمره عندما انضم للقوات الإيرانية، وشارك في الحرب ضد صدام حسين في عام 1980. وبعد ذلك نقل للمناطق الشرقية من إيران لمكافحة تهريب المخدرات من أفغانستان، وفي عام 1988 عين قائدا لفيلق القدس.
ويقدر عدد عناصر الفيلق بعدة آلاف ويقوم بمهام خاصة وحساسة، مثل تهريب الأسلحة ومهام سياسية تتمثل في أي شيء له علاقة بحماية الثورة أو مهاجمة أعدائها.
ووصف مسؤول بريطاني مازحا القوة إنها "تجمع ما بين مهام المخابرات الخارجية (أم أي6) والقوات الخاصة (أس إي أس) والدعم الدولي والتنمية"، وهي "ذراع إيران الطويلة في كل مكان".
كما ظهر سليماني في صورة مع ابن عماد مغنية، القائد العسكري في حزب الله الذي اغتيل في دمشق عام 2008.
ويتفق الخبراء على أنه من الصعب تقليل دور سليماني في العراق "في زمن الأزمة يعتبر سليماني قائد مسرح العرائس" الذي يحرك الخيوط حسب توبي دودج من جامعة لندن للاقتصاد،وهو يشبه سكارليت بيمبرنيل (مسرحية عن الثورة الفرنسية)، فهو موجود في كل مكان وليس في كل مكان، ويمكن تحميله مسؤولية كل شيء، ويقوم سليماني بتكرار ما فعله في دمشق مرة أخرى في بغداد، أي يقدم النصيحة ويساعد حليفا يواجه مشكلة، المالكي في هذه الحالة".
وبحسب دودج فأهم رصيد لسليماني في العراق هي كتائب عصائب الحق، وهي منظمة أنشأتها إيران كي تضعف حركة مقتدى الصدر. وكان قيس الخزعلي قائد الميليشيا واحدا من الذين التقاهم سليماني في بغداد "مثل بقية التنظيمات التي شكلها الإيرانيون، عصائب الحق متدينون وأيديولوجيون ويعملون كمواز للدولة يضعفونها عندما يريدون ويعملون معها عندما يريدون".
وتظهر تصريحات سليماني حسا من الالتزام الاستراتيجي بالعراق والحفاظ على إيران وقوة الشيعة، "كان العراق قلعة المعارضة لإيران، ولهذا السبب قدم الغرب لصدام المال حتى قبل إنشاء الجمهورية الإسلامية".