كتب أحمد عمر: تابعت سطورا من خطاب الوداع لعدلي منصور المؤقت ووصاياه العشر، أول رئيس «مستقيل» في تاريخ الأمة العربية. بكى الرجل، حزناً على الشهداء، ربما حزناً على الكرسي، وهو الراجح.
فوقعت في قلبي عبارة أدبية تطلق في سياق الخداع هي «ضحك على الذقون» وإنه يمكن أن يجري «تمديدها» كما جرى تمديد الانتخابات في مصر إلى عبارة «بكاء على الذقون». وُصف المستشار من قبل سحرة الفضائيات بأنه رئيس «ناكر للذات»، وليس للشعب، وأضيف؛ أنه «ناكر للموضوع» أيضاً. وما أجمل الدين والدنيا إذا اجتمعا، والذات والموضوع إذا نكّرا كما نكّر
عرش بلقيس. ماذا ينفع المرء إذا كسب الكرسي وخسر ذاته وموضوعه!
وتابعت أيضاً سطوراً من خطاب العرش، الذي فاجأ الموالين والمعارضين، الغلمان والبالغين، وهو يقرأ وعيناه مسمرتان، مرعوبتان، على جهاز «الاوتو كيو». وقد تأوّلت «المقعة» خيراً باكتشاف البترول في وجه «
أبو الدنيا». وعَمَار يا منوفية، يا أم الرؤساء والمستشارين. في حصيلة الغلة التي عدت بها من الفضائيات، استغاثة لميس الحديدي وهي تستنجد ببرهامي رئيس حزب النور الذي ستنقطع عنه الكهرباء قريبا، ليس لأنّ السد العالي مهدّد بسدّ النهضة الأثيوبي، بل لأنّ السيسي أخد تفويضاً عالمياً وعربياً بضرب الإرهاب.
فيرد عليها البرهامي من غيهب «الغسق»: احنا بعتنا أخوات راقصات يا أخت لميس جزاك الله خيراً.
تابعت أيضا مناسك الاستفتاء على اختيار شخصية مؤد لدور «أبو الدنيا». الصناديق كانت وحيدة ثكلى، تأكل الثرى من شدّة العطش. لقد بدأت حملة التقشف في.. الأصوات. إنها قمة التوفير .. الزهد الديمقراطي بعينه. عش في الدنيا كأنك وزير دفاع. ذهب المؤقت باكياً، وجاء الدائم ضاحكاً وممتقعاً والبقاء لله.
غرائب الإبل والفضائيات
أبدي إعجابي في حسن تخلّص محمد كريشان من المآزق التي تحدث في مصارعات الجدال الفضائي، إنه يعتذر دائماً بالمنطق السليم، والثبات في السير على «الاوتوستراد» المستقيم. وأظنّ أنّ عثمان آي فرح ليس أقل حزماً منه، أما محمود مراد فيتخلص من مماحكات وأكاذيب دعاة الاستبداد بالابتسامة اللطيفة الساخرة، وهي طريقة أذكى وألطف من الطريقتين السالفتين، وإذا قادت غادة عويس سفينة الحصة الفضائية، فأبشروا أيها المشاهدون بـ»داحس والغبراء»، فهي تحسمها غالباً بأن تلقي ضيفها بركلة من السفينة. وهذا ما حدث لضيفها الأمريكي – المصري الأصلع، الذي وصل عواؤه لقبرص. أصنف السيد الأصلع الذي قذفته عويس في بحر قبرص بين غرائب الابل، وأستمتع بحقده الذي سيموت مسموماً به.
الاتجاه «المعاكش»
لا أعرف ما هي مواهب عبد الرحيم علي الإعلامية، اللوك؟ عبد الرحيم علي ليس وسيم الطلة ولا «اباظة» الطلعة، و الصوت ليس صوت كروان واللسان أعوج زي خريطة الطريق، الرجل لا يجيد سوى نطق 26 حرفاً من حروف الأبجدية، لعل موهبته هي في الافتراء، والكيد وتأليف الاتهامات، فقد لفقّ لأحمد ماهر تهمة التآمر مع الصرب ضد البوسنة والهرسك، أما حياة الدرديري فهي موهوبة حقاً وجميلة أيضاً، وثالثاً هي تلميذة للمعلم توفيق «عكاشة» الذي أصبح صاحب مدرسة في الإعلام العربي اسمها «الاتجاه المعاكش». هدهد عكاشة تلميذته، وكفكف دموعها وعزاها على «الفراعين»، لأن السيسي لم يتفضل عليها بمقابلته، والآخرة خير وأبقى يا سيدة درديري.. أما جمال ريان فينجو في كل لقاء من حوار قصير من دقيقتين، فهو ليس كفوءاً لحوار أطول، خاصة مع محترفين مثل محمود ابراهيم عضو حملة شفيق بونابرت، ومن قبله حملة «كنز اسرائيل الاستراتيجي». لم أعرف أحداً من إعلاميي الانقلاب والفلول يضارعه في الفهلوة سوى هاني بورسلان. فوجئت بقدرة أيمن عزام على إقناع الانقلابي ياسر الهواري بأنّ عدلي منصور طرطور، بعد أن ساق له الحجة تلو الحجة، والغريب، أنّ ياسر الهواري اقتنع، ولأنه انقلابي وعنيد وصاحب موهبة في الحِجاج، فقد ردّ بأن مرسي أيضاً طرطور، لكن الفرق كبير بين الاسير والطرطور، وهو ما فات أيمن عزام. الغريب أنّ ضيوف «الجزيرة» من إعلاميي الانقلاب لا يظهرون على الفضائيات المصرية، والسبب هو أنهم تأخونوا على «الجزيرة» والدليل هو مجدي حمدان .
المندس
استمتعت بفيلم المندس الذي انبرى له كثيرون بالتحليل والثناء والنقد واستخلاص الدروس، من جهة أخرى «غير أمنية»، تذكرت «المغامرين الخمسة»، ورأفت
الهجان. نجح مهند في الدخول إلى حصون العدو، وسرق لنا أسراراً بواسطة بيكاسا.. إنه رأفت الهجان الثاني الذي تسلل إلى حصون الدولة العبرية.. المصرية! فسبحان مغير الأحوال.
هوامش:
- يقول الصديق محمد منصور إنّ نقطة ضعف فيصل القاسم هي ربطة العنق. كنت أعتقد أنّ نقطة ضعفه هي أنه يكرّر طرفته ثلاث مرات في الحلقة الواحدة. مثال: تكرار إدعاء الهفوة العارضة في نطق حرف الثاء في اسم حزب البعث.. بحرف الصاد !
- «العربية» وشعارها: أن تعرف أكثر. أنا لم أعرف اسم الوسيط في صفقة الإفراج عن معتقلي طالبان..عفواً عن الأسير الأمريكي المقدس !
- ميشيل كيلو ضيف «الذاكرة السياسية»: تمنيت لو كانت الحلقة حرة، يتكلم فيها كيلو كما فعل مصطفى الفقي في «سنوات الفرص الضائعة»، مع الفارق طبعاً، فمصطفى الفقي كان من سدنة عصر «سنوات الضياع».
- محمود الزهار على «الميادين» والمحقق سامي كليب يعذّبه بالسؤال عن سوريا، فيقول كلاماً عاماً عن عودة سوريا إلى دعم القضية الفلسطينية كما كانت. خشيت أن يقول الزهار: والله أنا ندمان سيدي.
- أقسم السيسي عدة مرات، مرة يميناً دستورية أمام مرسي، ومرات أمام الشعب، أنه سيظل مخلصاً للديمقراطية والوطن، وأمام الله، وأنه ليس طامعاً في أي منصب. كيف سيكفر عن أيمانه؟ لقد فعل.. ليس بتحرير عشرة مساكين، أو عشرين متظاهرا، على ذمة التحقيق، وإنما بتعبيد شعب مصر.
- أعجب الكثيرون «ببرنامج» المرشح السوري حسان النوري، وله من برنامجه عدة أولاد.
- «بلا حدود» مع باكوس وسامي كمال الدين ليست محاولة لقلب نظام حكم السيسي الذي بات عصيا على الانقلاب، وإعادة ساخرة لمشاهد تمّ تناولها في المشهد المصري، لكن صوت البندقية يصيب الشعب بالطرش.
(القدس العربي)