في حرب إعلامية، تهدف إلى شيطنة
الثورة السورية، دأبت "
إسرائيل" على توظيف المزاعم بأن منفذ هجوم "بروكسل" كان "جهادياً" عاد من القتال في سوريا، في تحريض واضح للحكومات الأوروبية على الوجود الإسلامي في
أوروبا، ومحاولة نزع الشرعية عن دعم الثورة السورية.
فبمجرد أن أعلنت الشرطة الفرنسية عن توقيف المتهم بتنفيذ الهجوم، حتى سارعت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى الزعم بأن الهجوم يدلل على خطورة السماح بتواصل تدفق "المجاهدين" إلى سوريا.
وفي مقال نشر صباح الإثنين في موقع "واي نت"، تحت عنوان "خريجو الجهاد في سوريا"، زعم معلق الشؤون العسكرية رون بن يشاي أن الهجوم كان متوقعاً، على اعتبار أن عودة "الجهاديين" من سوريا إلى أوروبا سيكون مرتبطا بتكثيف العمليات "الإرهابية" ضد الأهداف اليهودية و"الإسرائيلية".
وجاهر بن يشاي بالقول إن منع المجاهدين من الوصول إلى سوريا يمثل مصلحة إسرائيلية استراتيجية، على اعتبار أنهم سيتحولون إلى مصدر تهديد كبير في حال سقط نظام الأسد أو ضعف بشكل كبير.
واحتفت إذاعة الجيش الإسرائيلي بالكشف عن هوية المتهم بتنفيذ الهجوم، على اعتبار أنه يسمح بتحقيق أهداف استراتيجية للكيان الصهيوني.
وفي تقرير نشرته صباح الاثنين، نوهت الإذاعة إلى أن الكشف عن هوية منفذي الهجوم سيساعد في تعقب الجاليات الإسلامية، وسيمنح قوى اليمين المتطرف التي حققت نتائج كبيرة في الانتخابات للبرلمان الأوروبي المبرر لإضفاء صدقية على مطالبتها بإغلاق أبواب الهجرة أمام المهاجرين العرب والمسلمين.
ونوهت الإذاعة إلى أن إضعاف الوجود الإسلامي في أوروبا يمثل مصلحة "استراتيجية" لإسرائيل، على اعتبار أن تحقيق هذا الهدف يقلص من دور المسلمين في التأثير على السياسات الأوروبية.
من ناحيته، زعم عاموس هارئيل، المراسل العسكري لصحيفة "هارتس" أن مهدي نموش، المشتبه به في تنفيذ
هجوم بروكسل، تدرب في سوريا على تنفيذ عمليات في الغرب.
ويذكر أن تقارير إسرائيلية سابقة قد عزت هجوم بروكسل إلى تصفية حسابات بين جهاز الموساد وأجهزة استخبارية أجنبية.
فقد رجح الصحافي بن كاسبيت، الذي يعد أحد أوثق الصحافيين الإسرائيليين صلة بالأجهزة الاستخبارية وصناع القرار في تل أبيب أن يكون الهجوم، الذي أسفر عن مقتل أربعة أشخاص، بينهم إسرائيليان يعملان في "ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية" بنيامين نتنياهو هو تصفية حسابات بين جهاز الموساد الإسرائيلي وأجهزة استخبارية أجنبية، مشيراً إلى أن كل المؤشرات تؤكد أن الهجوم لم يكن من قبيل "جرائم العنصرية"، كما ذكرت الشرطة البلجيكية.
ونوه كابسبيت في تقرير نشره الخميس الماضي في موقع "يسرائيل بولس" إلى أنه نظراً لأن جهازي الموساد والشاباك يقعان تحت الإشراف المباشر لديوان رئيس الحكومة "الإسرائيلي"، فإنه عادة ما يتم التعامل معهم على أساس أنهم "موظفون" في هذا الديوان، في حال تعرضوا لمشاكل أثناء أداء عملهم في الخارج.
وشدد كاسبيت على أنه على الرغم من نفي "إسرائيل" أن يكون الموظفون في ديوان نتيناهو هما عملاء موساد، وأنه ليس لهم علاقة بالعمل الاستخباري، إلا أن ظروف تنفيذ الهجوم تدلل على أن جهاز مخابرات وقف وراء الهجوم.
وأشار كاسبيت إلى أنه عند فحص الهجوم، يتبين أنه نفذ بـ "مهنية عالية"، حيث بدت عملية الهجوم كعملية تصفية مخطط لها، مشيراً إلى أن طريقة تنفيذ الهجوم تمت عبر التقنيات التي تستخدمها الأجهزة الاستخبارية في تنفيذ عمليات التصفية، حيث دخل رجل يعتمر قبعة ويحمل حقيبة بهدوء المتحف، ثم أخرج بندقيته وأطلق النار على الأربعة، فأرداهم قتلى، ثم غادر بهدوء دون أن يجري في الشارع، وكأن الأرض ابتلعته.
ويرى كاسبيت أن كل من له علاقة بالعمل الاستخباري، وعلى اطلاع بطرائق التصفية كما تنفذها الاستخبارات، يعي أن عملاً من هذا النوع لا يمكن أن ينفذه شخص عادي.