حذر باحث أمريكي من أثر الحرب في
سوريا على حيادية الجيش
اللبناني وتعاونه مع
حزب الله في ملاحقة
السنة. وقال ديفيد شينكار من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى في مقال نشرته صحيفة "لوس أنجليس تايمز" إن الحرب الأهلية في سوريا لم تترك أثرها على الوضع الاقتصادي وتدفق اللاجئين والتوتر الطائفي فقط بل وعلى المؤسسة العسكرية التي ظلت ومنذ نهاية الحرب الأهلية اللبنانية والتي قتل فيها 200 ألف شخص المؤسسة الأكثر تماسكا في لبنان المعقد طائفيا.
وقال الكاتب إن لبنان شهد منذ بداية العام الحالي سلسلة من العمليات الانتحارية والسيارات المفخخة في مناطق السنة والشيعة، وكما شهد سلسلة من الاغتيالات منها اغتيال السياسي السني محمد شطح.
ويشير شينكار إلى أن المشاكل والخلافات السياسية وتضعضع المؤسسة السياسية كان كاف لعودة الحرب الأهلية لولا تماسك الجيش اللبناني والذي يلعب دورا مهما في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها البلاد، مع أنه لا يعرف كم من الوقت سيظل لاعبا لهذا الدور قبل أن تنحدر البلاد للفوضى. وينظر الكثير من اللبنانيين للجيش باعتباره الحامي للبلاد والحاجز أمام اندلاع أي حرب أهلية.
وبسبب الظروف الأمنية والوضع العسكري فقد انتشر الجيش في كل أنحاء لبنان وأقام الحواجز ونقاط التفتيش في المناطق التي تشهد نزاعات طائفية. ووجد نفسه في مرمى النار في أثناء الاشتباكات التي تحدث بين الأطراف المتنازعة. ويعتبر دوره الحالي تطورا عن الدور التقليدي الذي مارسه في حراسة ومراقبة المخيمات الفلسطينية البالغ عددها 10 مخيمات.
ويقول الكاتب إن الجيش اللبناني يعبر عن طبيعة لبنان بطوائفه وتعدديته على خلاف المخابرات العامة التي يسيطر عليها
الشيعة والمخابرات الداخلية التي يسيطر عليها السنة، ولهذا يتمتع بشعبية ودعم من السكان، لكن حيادية الجيش وشعبيته أصبحت محل تساؤل من قبل السنة في الآونة الأخيرة.
ورغم أن الجيش لم يواجه حزب الله الذي بقي خارج سلطة الدولة اللبنانية إلا أنه واجه القاعدة وبعض الجماعات المرتبطة به. ولم تثر حرب الجيش على جماعات القاعدة في لبنان أية ردود فعل بين السنة الذين يعرفون بضبط النفس ولا تحظى القاعدة بدعم بينهم إلا أن أحدا لم يسائل موقفه.
ويشير الكاتب لأثر الحرب الأهلية في سوريا وتداعياتها على لبنان والتي عقدت من مهمة الجيش اللبناني التقليدية خاصة فيما يتعلق بحزب الله والذي أثارت مشاركته سخط السنة، ملاحظا وجود أدلة عن توجهات نحو التشدد بين أبناء الطائفة السنية.
ويقول الكاتب إن أعدادا من المقاتلين وصلوا للبنان من سوريا، لكن حيادية الجيش أصبحت محل مسألة فهو مستمر في تجنب مواجهة مع حزب الله، وفي الوقت نفسه تبنى موقفا متشددا من الجماعات السنية وهو ما دفع الكثيرين منهم للاستنتاج أن الجيش لم يعد مؤسسة وطنية محايدة.
ويضرب الكاتب مثلا بأحداث مدينة صيدا في حزيران/يونيو 2013 حيث تعاونت قوات الجيش مع حزب الله وهاجمت أتباع الشيخ أحمد الأسير، الناشط السلفي المعرف بنقده لحزب الله. ويضيف إلى أن هذا تعاون أمني بين حزب الله والجيش في حملة اعتقالات وقتل مستهدف للسنة بمن فيهم رجال دين لأنهم يقدمون الدعم للمقاتلين السوريين وهو ما أثار غضب السنة. واعتقل الجيش 12 شخصا وقتل اثنين في شهر كانون الثاني/يناير وحده، وبالمقابل لم يعتقل أي شيعي.
وعبر نواب السنة عن مشاعر الحنق والقلق من مواقف الجيش حيث ينقل هنا ما قاله النائب مصطفى علوش "عندما يطبق القانون على طرف واحد فهذا يخلق شعورا بالظلم".
ويختم بالقول إن مؤسسة الجيش تتعرض لامتحان خاصة في ظل الدعوات التي طالبت فيها جبهة النصرة الجنود السنة الذين تلبغ نسبتهم 30% لترك الجيش، وسواء استجابوا أم لا فاستمرار النظرة له بأنه متحالف مع حزب الله ضد السنة سيعزز المشاعر الطائفية وسيؤثر على معنويات الجنود إن لم يكن انضباطهم وهو أمر يدعو للقلق.