لا تزال قضية تحرير
راهبات معلولا والتي أسدل عليها الستار قريبا، تثير جدالا واسعا وتنتشر حولها الروايات، فهناك رواية النظام والرواية
اللبنانية ورواية الراهبات أنفسهن.
فاللبنانيون يقولون إن دولة
قطر دفعت للجماعات التي اختطفت الراهبات وهم معارضون لنظام الأسد 66 مليون دولار أمريكي مقابل حرية الراهبات، وبالنسبة لرواية النظام السوري فإن الرقم أعلى من ذلك ويصل إلى 71 مليون دولار، وأما عن رواية الراهبات أنفسهن فإنك إن استمعت إليهن فلم يتم دفع أي شيء لجبهة النصرة التي كانت تحتجزهن.
وذكر روبرت فيسك في تقريره عن الحادثة لصحيفة "إندبندنت" أنه في
سوريا لا أحد يتم تحريره بدون دفع
الفدية، والثمن الذي دفعته أجهزة الأمن التابعة للنظام كان تحرير 152 سجينة بعضهن من أقارب المقاتلين. أما بالنسبة للراهبات المختفيات الآن في مكان سري في وسط دمشق فالثمن يرتفع.
وقابل فيسك الراهبات ونقل عن الأخت أيرين "نشعر بالأمان في هذا المكان" التي كانت تتحدث من جمعية القديس جورجيوس في حي القصة في دمشق "أشعر بالسعادة هنا".
وعندما طلب من الأخت أيرين سؤال المسؤولة عنهن وهي الأم بلاجيا سياف إن كانت ترغب بالحديث عن تجربتها، عادت برسالة غاضبة قالت فيه أن الأم بلاجيا شعرت بالأذى من مقابلة أجرتها قناة الدنيا المؤيدة للنظام "وأقسمت بالرب أن لا تتحدث أبدا مع الإعلام، مرة أخرى".
وكان فيسك قد شاهد الفيلا التي تم احتجاز الراهبات وخادماتهن فيها في بلدة يبرود، ويرى أن هناك العديد من الأسئلة التي يجب الإجابة عنها.
ويعود لأصل القصة عندما أعلن عن اختطاف الراهبات من بلدة معلولا في كانون الأول/ ديسمبر الماضي ونقلهن الخاطفون إلى بلدة يبرود التي ظلت بيد الجماعات الإسلامية لمدة عامين تقريبا. وأظهرت أشرطة الفيديو أن الراهبات عوملن بطريقة جيدة من الخاطفين وشوهدت إحداهن وهي تضحك مع أحدهم، ثم جاءت قصة الإفراج عنهن.
ويقول فيسك إن رجال الأمن اللبنانيين الذين شاركوا في المفاوضات لتأمين إطلاق سراحهن أكدوا أنهم لم يدفعوا فدية، ولكن عندما سلمت الراهبات ووصلن بيروت، قمن وأمام دهشة النظام ومؤيديه بشكر من ساهم في إطلاق سراحهن، وقلن إنهن تلقين معاملة جيدة من الخاطفين. وشكر أحد قادة الإسلاميين وقطر، وأخيرا شكرن الرئيس السوري بشار الأسد.
ويشير الكاتب هنا للتقارير التي نشرت في دمشق حول صفقة تضمنت فدية كبيرة دفعها القطريون بل وأسهمت فيها الأحزاب المسيحية المعارضة للأسد في لبنان. وجاءت الصفقة في الوقت الذي كان يحضر فيه الجيش السوري وحليفه من حزب الله الدخول ليبرود، حيث تم الإفراج عن الراهبات مقابل منح المقاتلين الإسلاميين ممرا آمنا لبلدة رنكوس القريبة من يبرود.
وإذا صحت هذه التقارير فهذا يفسر مشاهداته في يبرود بعد دخول الجيش السوري ومقاتلي حزب الله للبلدة، حيث لم يشاهد جثثا لقتلى من المعارضة.
ويقول ضباط الجيش إن المعركة القادمة ستكون مع جبهة النصرة في رنكوس، وهنا يتساءل ألم يكن النظام ومؤيدوه يتحدثون عن تدمير الجهاديين الأجانب بدلا من تحرير مجموعة من الراهبات؟
ويشير هنا إلى الأم بلاجيا التي تعرضت للنقد وقيل عنها إنها لبنانية، مع أنها في الحقيقة سورية ومقربة من القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع الذي يمقت نظام الأسد، وشكرت قطر التي تدعم المعارضة، وشكرت أيضا الجيش السوري بدلا من جبهة النصرة!
ويرى فيسك أن شكرها للجيش السوري جاء لأن هناك عددا من عمليات تبادل الأسرى بين النظام والمعارضة تجري، وهذا ما يحدث عادة في الحروب الأهلية.
وبحسب رواية دمشق فالمفاوضات قادها "منذ البداية للنهاية" هو مدير الأمن العام اللبناني عباس إبراهيم.
والذي قاد بدوره مفاوضات مماثلة مع الإسلاميين في مخيم عين الحلوة خارج مدينة صيدا في الجنوب اللبناني.
وهناك عمليات وقف إطلاق للنار و لجان "مصالحة"، واللبنانيون منخرطون فيها على ما يبدو لأنهم راغبون بمنع وصول الحرب الأهلية للبنان.