كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية عن الدور الذي تلعبه الميليشيات الشيعية في
سوريا، كما وأظهر التقرير حجم الدور الإيراني في دعم هذه الميليشيات.
ونقل كاتب التقرير مارتن شولوف عن دبلوماسي غربي عمل في المنطقة سابقا قوله إن "قرارا استراتيجيا" لدعم نظام بشار
الأسد قد اتخذته الجماعات الشيعية التي تدار من قبل الجنرال قاسم سليماني قائد لواء القدس.
ومن أهم الميليشيات التي تحولت لقوة سياسية في
العراق وأكبر مجند للحرب في سوريا ميليشيا "عصائب الحق" التي يقودها قيس الخزعلي. ويحضر الأخير للانتخابات البرلمانية التي ستجري في العراق في الشهر المقبل، فيما يعزز دوره في تجنيد المقاتلين لسوريا.
ولدى الجماعة كما ينقل الكاتب عن متطوعين مكاتب وبيوت في العاصمة بغداد تستخدم لهذا الغرض.
وبدأ الكاتب مقالته من مقبرة وادي السلام في النجف التي تعتبر من أكبر المقابر في العالم حيث قال إنها تستقبل بشكل دائم عراقيين
شيعة قتلوا في سوريا. وقدر عاملون في المقبرة عدد من دفنوا فيها حوالي 500 بعد إحضارهم من سوريا.
ويضيف شولوف إن الميليشيا اشترت 2.500 متر مربع من أرض المقبرة لدفن المقاتلين من عناصرها الذين يقتلون في سوريا.
ويقول الكاتب إن الحركة التي بدأت تظهر في العراق كفصيل خرج من تحت عباءة جيش المهدي في عام 2007 تحمل في كل عملياتها بصمات سليماني، من ناحية عدم إعلان المسؤولية عن الهجمات.
وكانت أول عملية قامت بها "عصائب الحق" الهجوم على موقع للجيش الأمريكي قرب كربلاء وقتلت فيهه خمسة جنود.
واعتقلت القوات الخاصة البريطانية "أس إي أس" قائد الميليشيا قيس وشقيقه ليث الخزعلي وأحد ناشطي جزب الله علي موسى الدقدوق.
وردت الميليشيات فيما بعد ا في باختطاف خبير الكمبيوتر البريطاني بيتر مور وحراسه ومعهم اختطف عناصر من قوات الأمن العراقية من بناية تابعة للحكومة في شرق بغداد في أيار (مايو) 2007.
وتم الإفراج عن مور في عام 2009 مقابل إطلاق سراح كل من قيس وليث الخزعلي، لكن حرسه قتلوا حيث تم تسليم جثثهم واحدا بعد الآخر مقابل الإفراج عن سجناء عصائب الحق الذين اطلق سراحهم من السجون الأمريكية والعراقية، اما الدقدوق فقد افرج عنه ورحل للبنان عام 2012.
وفي الحملات الإنتخابية يؤكد قيس الخزعلي في كل مقابلاته وخطاباته على الدور الذي لعبته جماعته في "هزيمة" الأمريكيين.
كما وتلعب خطاباته دورا في إلهاب حماس الآلاف الشيعة الذين تطوعوا للقتال إلى جانب الأسد.
ورأى شولوف شاهدة قبر جديدة لجهادي شيعي قتل في مكان في سوريا وهو "يدافع عن المزار المقدس للسيدة زينب".
وتحول مقام السيدة زينب في جنوب دمشق لذريعة يستخدمها الشيعة في العراق وإيران ولبنان ومناطق أخرى للقتال في سوريا ويستجيبون لنداءات الشيعة التي تقول إن المزار يتعرض لهجمات من المتطرفين السنة.
كما وبرر حزب الله اللبناني تدخله العسكري في سوريا من أجل الدفاع عن المقام، وبنفس السياق كتائب حزب الله وهي ميليشيا عراقية أخرى تلقى الدعم من إيران والتي يدفن مقاتليها إلى جانب مقاتلي عصائب الحق. وينضم المتطوعون الشيعة لكتيبة أطلق عليها أبو الفضل بن العباس والذي شكل بالإضافة لعناصر الحرس الثوري الإيراني حرف ميزان المعركة لصالح نظام الأسد.
ويقول دبلوماسي إن تراجع النظام أمام المقاتلين من المعارضة في نهاية 2012 خاصة حول دمشق دفع الشيعة لاتخاذ "القرار الاستراتيجي من الجماعات الشيعية للدفاع عن الأسد".
ولا يعرف عدد المقاتلين الشيعة في سوريا بالتحديد لكن تقديرات تشير إلى أنهم ما بين 8.000 إلى 15.000.
ولا يخفى على زائر العراق قوة عصائب الحق حيث تنتشر صورها وملصقاتها أمام جامعة بغداد والجامعات العراقية الأخرى، إضافة لصور مقام السيدة زينب. ويقول مسؤول عراق إن الحكومة "قدمت لهم الغطاء السياسي والأمني".
وبحسب مسؤول أمني عراقي تدعم إيران عصائب الحق شهريا بمبلغ يتراوح ما بين 1.5- 2 مليون دولار أمريكي مشيرا إلى ان عناصرها يعتبرون أنفسهم على أنهم "جنود المرجعية".
ونقل عن متطوع في بغداد أن أي شخص يريد التطوع في سوريا "يجب أن يكون شابا ويجب أن يحصل على خطاب مكتوب"، ويفضل أن لا يكون متزوجا أو عنده أولاد.
وفي حالة الموافقة على المتطوع يسافر لإيران للتدريب مدة اسبوعين وبعد ذلك يرسل إلى سوريا، "وهو نفس طريق العودة إذا مت، وتقوم إيران بتدبر أمر من يقتل، ويدفع لعائلات الشهداء 5.000 دولار أمريكي، وفي حال كانت عائلاتهم فقيرة فيتم تدبر أمر دفنهم".