قوبل تقرير لجنة
تقصي الحقائق حول أحداث فض اعتصامي ميداني
رابعة والنهضة ؛الذي أعلنه المجلس القومي لحقوق الإنسان مساء الأربعاء؛ بانتقادات حادة من الحقوقيين
المصريين - باختلاف انتماءاتهم - الذين أكدوا أنه تقرير متحيز وكاذب.
ونفي التقرير مشاركة قوات الجيش في فض الاعتصام وحمل المعتصمين المسئولية الأكبر عن سقوط ضحايا، وقال إن الاعتصام لم يكن سلميا وإن المعتصمين استخدموا أسلحة متطورة ضد قوات الشرطة التي وفرت لهم ممرا آمنا لمغادرة مقر الاعتصام قبل اقتحامه.
أين حرق الجثث؟
وقال الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل إن التقرير الصادر عن المجلس "الاقلابي" لحقوق الإنسان غابت عنه الحقيقة، حيث أعفى الشرطة من مسئولية مقتل المئات وحمل المسئولية الأكبر للمعتصمين، كما لم يذكر شيئا عن حرق الجثث وجرفها بالجرافات الثقيلة، ولم يذكر شيئا عن طمس مسرح الجريمة وحرق الخيام والتخلص بسرعة شديدة من مخلفات الاعتصام في صحراء السويس قبل مباشرة النيابة التحقيق في المجزرة.
وأكد خليل في تصريحات لـ"عربي 21"؛ أن الجميع شاهدوا الجيش وهو يشارك في المجزرة على عكس ما أورد التقرير الكاذب.
وتابع: "وزير الداخلية أعلن بنفسه عقب الفض بيومين أن 7 فقط من رجال الشرطة هم من تم قتلهم خلال الأحداث، وأنهم عثروا على 7 قطع أسلحة فقط داخل اعتصامي رابعة والنهضة فمن أين أتى التقرير بمعلوماته عن أعداد القتلى من رجال الشرطة وعن الأسلحة المتطورة التي تحدث عنها؟
وأوضح أن المواثيق الدولية لحقوق الإنسان تفضح هذا التقرير الذي يبرر مقتل كل هذه الأعداد الكبيرة من الضحايا بسبب تواجد 7 قطع من الأسلحة فقط في اعتصام يتواجد به عشرات الآلاف من المتظاهرين السلميين، مضيفا أن المواثيق الدولية لحقوق الإنسان لا تبرر قتل المعتصمين حتى لو تواجد بينهم مسلحون، وتُحتم على قوات الأمن التعامل بمنتهى الدقة والحذر مع المسلحين حرصا على حياة المعتصمين السلميين.
وقال إن عددا من أبرز أعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان، مثل حافظ أبو سعدة ومحمد عبد القدوس، تنصلوا من هذا التقرير، بعدما تيقنوا أنه غير مهني وله أبعاد سياسية تخدم السلطات الحالية. كما أن المتحدث باسم المجلس ناصر أمين بدا في غاية الضعف وأحرجه الصحفيون عدة مرات بسبب عجز عن الإجابة على أسئلتهم.
واختتم أبو خليل تصريحاته بالقول إن التقرير غسل يد الجيش من المجزرة حتى يبيض وجه السيسي قبل أيام من ترشحه لرئاسة الجمهورية ويعفيه من المسئولية الجنائية والأخلاقية عن تلك المجزرة.
تقرير مخزٍ
أما الدكتور إبراهيم الزعفراني، رئيس مركز ضحايا لحقوق الإنسان، فوصف التقرير بالمخزي والمخيب للآمال، مضيفا أن هذا المجلس لا يمثل مجلس حقوق إنسان حقيقي، فهو مجلس معين من قبل رئيس عينه وزير الدفاع.
وأشار الزعفراني في تصريحات لـ"عربي 21"؛ إلى أن مؤسسات حقوقية دولية تمتلك إمكانيات وقدرات أكبر بكثير من المجلس القومي لحقوق الإنسان أصدرت تقارير وافية حول فض اعتصام رابعة تتضمن حقائق وشهادات مختلفة تماما عما ورد في هذا التقرير الأخير.
وأضاف: "أعتقد أن هذا التقرير تم كتابته بمعرفة جهات أمنية وتم إرساله إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان ليبصم عليه فقط"، مشيرا إلى أن هذا التقرير يجعل المجلس يخسر ما تبقى له من مصداقية محليا وعالميا كما يجعله يخسر ثقة الشعب المصري فيه، فالمجلس يضم في عضويته شخصيات كانت تحظى باحترام الكثيرين لكنهم سقطوا من نظر الشعب، وعلى رأسهم مختار نوح وكمال الهلباوي.
وتابع: "احتوى التقرير على عدد من النقاط التي أثبتت بوضوح كذبه، فكل المصريين شاهدوا على شاشات التلفزيون قوات الجيش وآلياته وهي تشارك في فض الاعتصام، ومع ذلك يقول التقرير إن الجيش لم يشارك مطلقا في الأحداث. كذلك فإن الجهات الرسمية مثل وزارة الصحة ومصلحة الطب الشرعي أعلنوا أعداد الضحايا وكانت أكثر بكثير مما أعلنه التقرير الأخير، ولكن الله أراد أن يفضح هؤلاء الكذابين ويؤكد للعالم أنهم يتسترون على القتلة" حسب تعبيره.
وحول مقاطع الفيديو التي أذاعها المجلس خلال مؤتمره الصحفي مساء الأربعاء، قال الزعفراني إن المجلس هو الخصم والحكم فكيف نصدقه فيما يعرضه؟ وأضاف أن التقرير "أكد سقوط ورقة التوت عن الانقلابيين وأثبت أنهم شركاء للقتلة في جريمتهم التي تعمدوا الصمت أكثر من ستة أشهر قبل الخروج علينا بهذا التقرير المعيب".
أسئلة بلا إجابات
من جانبه، قال نجاد البرعي، المحامي والناشط الحقوقي، إن التقرير عجز عن الرد على عدد كبير من الأسئلة التي ظلت بلا إجابات، موضحا أنه جاء غير معبر عن حقيقة ما حدث.
وتابع البرعي في تصريحات لـ"عربي 21": "التقرير غير احترافي، ولم يراع المعايير الدولية كما أنه لم يوضح الأسس التي بني عليها، وأشك أن يكون هذا تقريرا حقيقيا لتقصي الحقائق".
وكان نجاد البرعي قد استقال في شهر كانون الثاني/ يناير الماضي من المجلس القومي لحقوق الإنسان، متهما المجلس بإهدار حقوق شهداء الثورة، واقترح إلغاءه أو إعادة هيكلته ليكون مؤسسة تدافع عن
حقوق الإنسان بشكل حقيقي.
وردا على الادعاءات بوجود مسلحين داخل الاعتصام وأنهم هم من بدأوا بإطلاق النار على قوات الأمن واضطروها إلى التعامل بعنف مع المعتصمين، قال البرعي إن المعايير الدولية لفض الاعتصامات تفرض على قوات الأمن في حالة تواجد مسلحين وسط المعتصمين أن تعتبر المعتصمين السلميين بمثابة "مختطفين" ويتم التعامل مع المسلحين بكل دقة وحذر مخافة إيذاء المعتصمين، في موقف يشبه حالات اختطاف الرهائن على متن الطائرات، ولا يجوز إطلاق النار بشكل عشوائي على كل المتواجدين داخل الاعتصام.
وطالب البرعي بالانتظار إلى يوم 16 آذار/ مارس الجاري لنرى ما سيقدمه المجلس في تقريره النهائي، ويبدو أنهم يرغبون في تدارك بعض جوانب الضعف في التقرير الذي أساء للمجلس وأظهر عدم مهنيتهم، وفق البرعي.