أمام الفضاء المائي الأزرق، وعلى الرمال الذهبية لشاطئ مدينة
غزة الساحلية المحاصرة منذ سبعة أعوام، تلقف الشاب محمد لبد، مدرب فريق
الباركور في غزة، كرة القدم من أحد أعضاء فريقه أثناء رحلتهم البحرية، وما أن لامست الكرة قدميه حتى لمعت في عقله فكرة نفذها في الحال وهي: "ماذا لو تم دمج لعبة كرة القدم برياضة الباركور".
وبالفعل هذا ما دأب عليه المدرب الشاب منذ ذلك الوقت، وبدأ بتدريب فريقه على ممارسة رياضتهم بطريقتها الجديدة.
ويقول لبد إنهم أول فريق باركور في الوطن العربي يمارس لعبة الباركور والجمباز والكرة في آن واحد.
"والباركور"
رياضة حديثة ظهرت للنور في فرنسا عام 2002، وتعتمد على خفة الحركة وسرعة البديهة والمهارة، ويعرفها مدرب الفريق بأنها "رياضة تخطي الحواجز والانتقال من نقطة إلى أخرى بسرعة باستخدام القدرات البدنية والحركية".
وبدأ فريق باركور غزة، تدريباته منذ سنوات قليلة مضت، وسط ظروف قاسية سببها
الحصار المفروض على غزة، كغياب النوادي والمدربين وعدم القدرة على التواصل مع اللاعبين في الخارج.
ويعتمد الفريق في التدريب الذاتي على مشاهداته على موقع الفيديو "يوتيوب"، وبعض مشاهد الأفلام السينمائية.
ويمثل الفضاء المفتوح والمباني قيد الإنشاء والأماكن المرتفعة، نوادي الفريق، الذي يتمنى ويحلم بنادٍ خاص به يتم من خلاله تنمية مهاراتهم في رياضتهم المفضلة بشكل آمن.
وسبب اعتماد الفريق على التجربة والخطأ والتعلم النظري لبعض أعضاءه إصابات خطرة. كما أصيب مدرب الفريق بإصابة خطرة جعلته يعتمد فقط على تدريب الفريق دون ممارسة هذه اللعبة بنفسه.
ويقول لبد: "نمارس الباركور في كل مكان، وهذه اللعبة تعطينا الحماس وتحدي الخوف والمخاطرة ما يدفعنا لممارستها بشكل أكبر رغم أننا لا نمارسها بأماكن آمنة أبدا".
وتابع: "نريد أن نوصل صوتنا للعالم الرياضي أنه هناك فريق باركور بغزة يتحدى الصعاب ويرغب بالمشاركة
العالمية".
وأضاف: "واجهتنا انتقادات من الناس بأنها لعبة خطرة، ولا يوجد مكان آمن لممارستها، لكن الآن هناك إقبال كبير من الشباب على تعلمها، ونطمح لنشرها في غزة وإظهار متعتها رغم المخاطر التي تحفها".
"ولكل فريق باركور في العالم ما يميزه من حركات، فهي لعبة حرة لا قيود لها وأي ممارس لها يمكنه ابتكار حركات جديدة، ونحن في غزة أردنا أن نبتكر ما يميزنا، ويظهر أننا نتحدى الحصار بتعليمنا الذاتي فكانت كرة الجمباز والباركور"، وفق لبد.
وأشار لبد، الذي يقوم بتصوير وإنتاج أفلامهم التي تعرض عبر موقع "يوتيوب"، إلى أن فريقه "يحتاج إلى الدعم المعنوي والمادي والكاميرات والمصورين ذوي كفاءة عالية لعرض أعمالهم عبر الإنترنت".
الفتى حمزة شعبان، طالب بالثانوية العامة، وأحد أعضاء الفريق واجه صعوبة في بداية ممارسته للباركور، لكن الأمر الآن بدا أكثر سهولة فيما بعد، وهذا لا يعني صعوبة وخطورة بعض حركاتها، كما يقول.
ويطمح الفتي صاحب الـ17 ربيعا في تمثيل فلسطين في الخارج، وأن يكون لهذه الرياضة اتحاد يمثلها في غزة.
وما زالت آمال وأحلام الفريق التي رسموها في أوج حماسها بالمشاركة الخارجية على مستوى العالم، رغم كل ما تواجهه من محاولات إحباط وصعوبات خلفها الحصار الاسرائيلي الذي حول قطاع غزة لأكبر سجن مفتوح في العالم.
ويعاني قطاع غزة من حصار إسرائيلي مصري منذ سبعة أعوام شل مناحي الحياة كافة في القطاع، الذي يقطنه حوالي 1.8 مليون نسمة.