أهدرت الصحف المصرية الصادرة الجمعة 21 شباط/ فبراير 2014 حقوق الجماهير في التعبير عن متاعبها الحقيقية على صفحاتها، لا سيما صفحاتها الأولى، بتركيزها على قضايا أقل أهمية، تتسم بالجانب الدعائي للسلطات القائمة، ومن ذلك الترويج لنشاط دبلوماسي خارجي، ووفود أجنبية تزور مصر، مع التستر بخطاب مكافحة
الإرهاب، في محاولة لفرض الأمر الواقع، وطي صفحة الزخم الثوري الحاصل ضد الانقلاب.
وفي هذا الصدد روجت الصحف أكذوبة العثور على طائرات
تجسس، دون أن تبرز أي صور أو أدلة على وجود هذه الطائرات، فيما اعتبره مراقبون "اشتغالة" جديدة لتزييف وعي الشعب، في وقت مارست فيه تلك الصحف قدرا كبيرا من التعيتم والتشويه بحق محاكمة صحفيي فضائية "الجزيرة"، المسماة من خلال الإعلام الأمني ب"
خلية ماريوت".
تغطية دعائية لتحركات دبلوماسية
لوحظ في صحف الجمعة، الإبراز المبالغ فيه لتحرك دبلوماسي أريد له أن يبدو كما لو كان موزعا على قارات العالم، وتشارك فيه وفود أجنبية تزور مصر، وذلك بهدف فرض الأمر الواقع على المصريين، وإقناعهم بعدم جدوى الزخم الثوري الرافض للانقلاب.
والبداية تأتي من الأهرام حيث تقرير يقول: "اتفاق مصري- سوداني لإقامة مشروعات مائية.. فهمي يبدأ جولة إفريقية قبيل قمة الكوميسا".. وفي تقرير ثان في الأهرام أيضا: "مصر تطرح رؤيتها لإنهاء الأزمة في إفريقيا الوسطى أمام "التعاون الإسلامي".
وباللون الأحمر، جاء مانشيت الوطن كالتالي: "وفد الكونجرس: من الخطأ أن نرفض السيسي لأنه عسكري".
كما جاء مانشيت المصري اليوم باللون الأحمر كالتالي: "أوروبا مستعدة لاتفاق تكامل اقتصادي مع مصر.. مسئول أوروبي: النمو الاقتصادي أمر حاسم لنجاح الانتقال السياسي".
وفي التفاصيل:
"فى تطور مهم على صعيد العلاقات الأوروبية-المصرية بعد ثورة 30 يونيو، أعلنت المفوضية الأوروبية ببروكسل أن الاتحاد الأوروبى يعمل على إبرام اتفاقات تكامل اقتصادى مع مصر والأردن وتونس والمغرب، بهدف ضمان التكامل الاقتصادى التدريجى إلى السوق الأوروبية.
وقال ستيفان فولى، مفوض شؤون سياسة الجوار الأوروبية، فى بيان وزع الخميس فى بروكسل، إن «تغييرات عميقة وتحديات اقتصادية هائلة حدثت على ضفتى المتوسط، مما يجعل هناك حاجة ملحة لتوحيد القوى، وتبادل الخبرات، وأفضل الممارسات، وتعزيز العزم على التصدى للقضايا الملحة، التى هى مفتاح لمستقبل شعوبنا».
وغير بعيد، قالت اليوم السابع: الرئيس لوفد الشيوخ الأمريكي: مصر تخوض حربا حقيقية ضد الإرهاب".
وفي التحرير: منصور لوفد الكونجرس: كنا نود أن تفهم أمريكا مبكرا حقيقة ما يحدث في مصر.
أكذوبة ضبط طائرات تجسس
روجت صحف الجمعة، لأكاذيب عدة، كان أبرزها أكذوبة تسربت إلى بعض مانشيتاتها، وهي مزعم العثور على طائرات تجسس، ونسبتها إلى الإخوان المسلمين، دون أن تبرز هذه الصحف أي صور أو أدلة على وجود تلك الطائرات.
هذا الأمر اعتبره مراقبون "اشتغالة" جديدة -كما يقول المصريون- لتزييف وعي الشعب المكتوي بنار "حرب" ضروس، أشعلتها سلطات الانقلاب على عدو لدود، استخرجته من العدم، ومنها تستمد شرعيتها، ألا وهو "الإرهاب".
فقد جاء مانشيت "الشروق" كالتالي: "التحقيقات: مستورد طائرات التجسس واجهة لشركة إخوانية".
وجاء في التفاصيل:
"كشفت تحقيقات أجرتها جهات سيادية وأمنية بالسويس عقب ضبط 4 طائرات تجسس صغيرة داخل حاوية قادمة من الصين بميناء العين السخنة، أمس الأول، أن صاحب شركة الاستيراد والتصدير بالقاهرة، الذي تم استيراد تلك الطائرات لصالحها، ما هو إلا واجهة لشركة كبرى يديرها مجموعة من رجال الأعمال المنتمين لجماعة الإخوان الإرهابية بمحافظة الدقهلية، وأنهم يستغلون تلك الشركة في استيراد بعض الأدوات والمعدات التي تستخدم في العمليات الإرهابية.
وأكدت التحقيقات أن الطائرات الصغيرة المضبوطة كانت مُعدة لاغتيال شخصيات أمنية وسياسية في مصر"!
ومن جهتها، قالت الوطن: "مصادر: طائرات التجسس استوردها "إخوان" لتنفيذ عمليات إرهابية".. والمصادر -بحسب الوطن- "مصادر سيادية".. فيما يؤكد أن الخبر مصدره أجهزة مخابراتية.
التستر بخطاب مكافحة الإرهاب
أبرزت صحف الجمعة صورة قائد الانقلاب المشير عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع بجوار اللواء أحمد وصفي في خلال مناورة الجيش الثاني الميداني.
وتبنت الأهرم الخطاب الرسمي في الحرب على الإرهاب. وجاء مانشيتها كالتالي: "السيسي يدعو الشعب للتكاتف في مواجهة الإرهابيين.. حملات أمنية لتطهير سيناء من التكفيريين.. واستشهاد رقيب شرطة بالزقازيق".
وفي التفاصيل: "أكد المشير عبدالفتاح السيسى، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة، وزير الدفاع والإنتاج الحربى، أن القوات المسلحة تحملت طوال الفترة الماضية الكثير من الأعباء، وقدمت التضحيات للحفاظ على تماسك الوطن واستقراره.
وشدد على أن أمن مصر وسلامتها يكمن فى الحفاظ على قوات مسلحة قوية وقادرة، ومستعدة للتضحية وبذل الجهد بكل الأمانة والإخلاص والشرف.
وطالب السيسى الجميع بالوقوف خلف القوات المسلحة والشرطة فى مواجهة الإرهاب، وإعادة بناء الوطن واستقراره.
وأشاد المشير - خلال حضوره إجراءات التفتيش ورفع الكفاءة القتالية لأحد تشكيلات المشاة الميكانيكى بالجيش الثانى الميدانى، بالاستعداد الجاد والروح المعنوية العالية لرجال القوات المسلحة، وإصرارهم على الوفاء بالمهام المقدسة المكلفين بها فى حماية المصريين، والتصدى للتهديدات المختلفة التى تمس أمن الوطن واستقراره".
وفي الوفد جاء المانشيت: "السيسي يدعو الشعب لمساندة الجيش والشرطة في مواجهة الإرهاب".
ومن قبيل خلط الأوراق نشرت الوطن تقريرا بعنوان: الجيش السوري الحر: أخطرنا مصر باعتبار إخوان سوريا "تنظيما إرهابيا".. القيادة المشتركة: الجماعة تسعى للسلطة بأي ثمن".
وفي تقرير ثان للوطن: "الأباتشي تقتل 14 إرهابيا في أكبر معاقل "بيت المقدس".. وزير الداخلية يتحدى مهلة ال72 ساعة: خطط لتأمين السياح.. والإعلان عن قضايا إرهابية قريبا".
وفي المانشيت قالت الأخبار: الكاميرات تكشف شخصية إرهابي حادث طابا.. وزير الداخلية: منطقة عازلة أمام المنفذ.. وخبراء المفرقعات لتأمين السياح.. تسليح حديث لجيمع أفراد الداخلية بمساعدة دول شقيقة".
أما مانشيت اليوم السابع فجاء كالتالي: وزير الداخلية يتحدى أنصار بيت المقدس في طابا.. منظقة أمنية عازلة لمواجهة تهديدات الإرهابيين للسياح.. وإبراهيم: نستهدف إحباط الضربات قبل وقوعها.
وجاء مانشيت الوفد باللون الأحمر فوق الترويسة كالتالي: مخطط تخريبي وراء تأجيل الدراسة إلى 8 مارس.. طلاب الإرهابية تلقوا تعليمات بتصعيد أعمال العنف احتجاجا على فصل المشاغبين".
فيما زعم الخبير الأمني اللواء محمد رشاد -بحسب الأخبار- أن: "أنصار بيت المقدس اسم مستعار للإخوان"!
خلية ماريوت!
اسم أطلقه الإعلام الأمني بمصر على قضية صحفيي فضائية "الجزيرة" الذين اعتقلتهم شرطة الانقلاب من الفندق الذي يحمل اسم "ماريوت".. وحظيت جلسة محاكمتهم الخميس، بعد تنميطهم السلبي لدى المصريين بهذا الاسم، بالتعتيم تارة، والتشويه تارة ثانية.
فقد تجاهلت معظم الصحف نشر أي إشارة للقضية بصفحاتها الإخبارية..فيما نشرت المصري اليوم صورة لإجراءات أمنية مشددة أثناء دخول الإعلاميين إلى قاعة المحكمة.. مع تقرير يقول: "وفود دبلوماسية في أولى جلسات خلية الماريوت.. تأجيل القضية ل 5 مارس، ومؤسسات إعلامية تنتقد احتجاز الصحفيين".
وفي التفاصيل:
"قررت محكمة جنايات القاهرة، الدائرة الخامسة، المنعقدة في معهد أمناء الشرطة، الخميس، تأجيل محاكمة 20 متهمًا، بينهم 4 أجانب من مراسلي قناة الجزيرة القطرية في القضية المعروفة إعلاميًا باسم «خلية الماريوت»، بتهمة ارتكاب جرائم تحريض في البلاد، من خلال اصطناع مشاهد وأخبار كاذبة وبثها عبر القناة القطرية، إلى جلسة 5 مارس المقبل، لسماع الشهود والاطلاع على القضية وفض الأحراز وإعلان شهود الإثبات وإحضار مترجم".
وفي إطار النشر التشويهي للجلسة أيضا، قالت الوفد: مشادات بين المحامين للدفاع عن المتهم الاسترالي في خلية الماريوت.
تراجع الاهتمام بقضايا الجماهير
تراجع في صحافة الجمعة الاهتمام بتوفير تغطية مناسبة للقضايا الجماهيرية التي تعكس معاناة المصريين، كالفقر، والبطالة، والفساد، وتراجع مستوى الخدمات، واستمرار أزمات المرور، وغلاء الأسعار، وانقطاع الكهرباء، ونقص الوقود، وتدني مستوى التعليم، والصحة، فضلا عن الاحتجاجات الشعبية، والاعتصامات العمالية.. إلخ.
وقد احتلت هذه القضايا أولوية مطلقة بتلك الصحف في عهد الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي؛ ليس إخلاصا لمعاناة الجماهير؛ بقدر النكاية في نظامه، وحكومته؛ لكنها تراجعت بشكل واضح في اهتمامات تلك الصحف الآن، بعد أن دأبت على التماهى مع النظام الانقلابي.
وعلى سبيل المثال جاء في الأهرام تقرير بعنوان: "هشام جنينة للأهرام: المركزي للمحاسبات لم يسلم من الفساد".. لكن الأهرام خصصت عمودين له فقط بالصفحة الأولى.
فيما نشرت الوطن تقريرا يقول: التعليم: أسباب أمنية وراء تأجيل الدراسة.. و"إنفاونزا الخنازير" بريئة".. فيما قالت المصري اليوم: تخفيف المناهج لتعويض توقف الدراسة.
ونشرت الأخبار بأسفل الصفحة الأولى: أزمة سكان عشش الشيخ منصور مستمرة.. كما نشرت إشارات بالصفحة الأولى كالتالي: سائقو تاكسي المحلة يحتجون على فوضى المرور.. العناد مستمر بين الحكومة والأطباء.. والمرضى الضحية.
وفي أسفل الصفحة الأولى جاء باليوم السابع: مهلة 48 ساعة من عمال النقل العام للحكومة.. هددوا بإضراب جديد".
وفي المقابل، تميزت صحيفة "التحرير" في عددها الصادر الجمعة بتغطياتها الجماهيرية الإخبارية الجيدة كالتالي:
ارتباك في الجامعات والمدارس بعد مد الإجازة أسبوعين
خسائر غزل المحلة تصل إلى 55 مليون جنيه بعد 11 يوم إضراب
الشهر العقاري خارج الخدمة لليوم الثالث على التوالي.. والعدل ترد ب"تشكيل لجنة".
اللائحة الجديدة لانتخاب البابا تبقي على القرعة الهيكلية وتثير غضب العلمانيين.
أكاذيب
من أكاذيب صحافة الجمعة ما يلي:
الوسط يقفز من مركب تحالف الإخوان. (الشروق).
قطر دعمت معهد بروكنجز الأمريكي ب10 ملايين دولار للتحريض ضد مصر.(اليوم السابع).