ستتضمن أجندة اجتماع الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع العاهل الأردني عبدالله الثاني اليوم تداعيات مقترح جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي للتسوية بين الفلسطينيين وإسرائيل على الأردن.
فقد أصبح موضوع الفلسطينيين متفجرا في هذا البلد الذي يعيش فيه الآن أكثر من 200 ألف عراقي و600 ألف سوري، ونصف سكانه فلسطينيون من حملة الجواز الأردني والرقم الوطني، ما يعني مواطنة كاملة، بالإضافة إلى مليوني فلسطيني مسجلين لدى الأمم المتحدة كلاجئين منذ عام 1984، وأبناء الجيل الثالث منهم لا يزالون يعيشون في الأردن (جميع الفلسطينيين في الأردن مسجلون في الأمم المتحدة كلاجئين).
وتقول صحيفة "واشنطن بوست"، إن الأردنيين عندما يتم الحديث عن خطة كيري التي تسربت بعض معلوماتها، فإنما هم يعبرون عن مخاوفهم، خاصة الشرق أردنيون أو أبناء البلاد الأصليون، لأن النصف أو أكثر سكان البلاد هم من الفلسطينيين، كما أن زوجة الملك، الملكة رانيا، فلسطينية.
وتضيف أن الفلسطينيين في الأردن يريدون نوعا من الصيغة التي تجعلهم يعودون للدولة الفلسطينية حال الإعلان عنها؛ وقد يرغب بعضهم بنوع من التعويض عن الخسائر التي حلت به وبعائلته من
إسرائيل، ويصمم آخرون على العودة إلى قراهم ومدنهم التي هي الآن داخل إسرائيل. وبالنسبة للأردنيين، أي الشرق أردنيين، فإنهم يريدون مغادرة الفلسطينيين قولا واحدا.
وتقول الصحيفة إن الفترة التي يمر بها الأردن حرجة بالنسبة للملك الذي يفتقد بلده إلى النفط، ويعاني من نقص المياه، وتدفق عليه مئات الألوف من اللاجئين السوريين. ويعاني الأردن من ديون قيمتها 25 مليار دولار أمريكي، ويمر بأزمة اقتصادية خانقة، فارتفاع بسيط في أسعار الكهرباء يمكن أن يُخرج المتظاهرين إلى الشوارع.
وتقول الصحيفة إن قطاعا واسعا من الأردنيين يطالب الملك وحكومته برفض خطة كيري للسلام، إن لم ترض بما يطلقون عليه "المصالح العليا" الأردنية، أي حق العودة للفلسطينيين.
وتضيف أنه "لم يقبل الأردنيون بالفلسطينيين الذين لا يتمتعون بنفس الحقوق في وظائف الحكومة والمنح الجامعية والخدمة في الجيش والبرلمان، ويتم إعادة كتابة القوانين الانتخابية في كل دورة انتخابية للتأكد من تمثيل قليل للفلسطينيين في البرلمان".
وتنقل الصحيفة عن عبد الهادي المجالي، السفير الأردني السابق في واشنطن، الذي يقود كتلة برلمانية- شرق أردنية: "هذه مشكلة كبيرة للسيد كيري المسكين، ولا أعرف ماذا سيفعل".
ويضيف أن "هناك الكثير من الأردنيين الذين يقولون هذا بلدنا، نتشارك في المصادر والسلطة السياسية والمقاعد في البرلمان والمكاتب في القصر، ولكن الآن حان وقت الحل". ويوضح: "تسمع الكثير من الناس يتساءلون لماذا لا يزال الفلسطينيون هنا؟".
ونقلت عن النائب في البرلمان قوله، إن كيري قدم الخطة للملك عبدالله، وأخبره أن إسرائيل لن تقبل بأي من 3.8 مليون فلسطيني في الأردن.
وأعرب المسؤولون الإسرائيليون أكثر من مرة عن رفض عودة جماعية أو كبيرة للفلسطينيين، لأن هذا يعني محو الطابع اليهودي للدولة.
وتشير إلى زيارة نائب وزير الخارجية ويليام بيرنز الذي طمأن المسؤولين في الأردن بأنه تمت استشارته في بنود الخطة. وأخبر بيرنز الصحافيين بأن "أحد أكبر التحديات في تحقيق تقدم -ليس فقط نحو إطار عمل أو حل دائم حتى- هو تطوير حل متفق عليه وعادل للاجئين الفلسطينيين".
وكان مجلس النواب الأردني قد أصدر بيانا الأسبوع الماضي رفض فيه المطالب الإسرائيلية بالتأكيد على هوية الدولة، وطالبوا بأن يتضمن أي حل حق العودة للفلسطينيين. وقال ناصر جودة، وزير الخارجية الأردني، إن "من يتصور تحول الأردن إلى وطن بديل واهم"؛ في تلميح واضح لقول البعض إن الولايات المتحدة ستضغط على الأردن لتوطين الفلسطينيين واللاجئين السوريين.
وتقول الصحيفة إن المعارضة الإسلامية تقوم بتنظيم مظاهرات لدعم الشعب الفلسطيني، وانتهزت الفرصة لاستخدام الموضوع المحرك للمشاعر لانتقاد الحكومة.
ونقلت عن حمزة منصور، الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسي للإخوان المسلمين قوله: "يرغب الأمريكيون بحل مشكلة الفلسطينيين على حساب الأردن، وإذا حدث وقبلت الحكومة بمطالب الولايات المتحدة فهذا سيهدد النظام".
وتضيف الصحيفة أن الإسلاميين وجدوا قضية مشتركة مع القبائل؛ عرابي السلطة في البلد، وكذلك مع الضباط المتقاعدين الذين تقول عنهم الصحيفة إنهم يمثلون صوت القوميين الأرادنة. وكلا الجماعتين كانتا تقليديا مواليتين للملكية، وكلاهما يقول إنه ليس معنيا بمصير الفلسطينيين بقدر اهتمامه بمزاياه ومواقعه في المجتمع الأردني.
ويخشى هؤلاء أن يقبل الأردن تحت ضغوط من الولايات المتحدة بتوطين الفلسطينيين، ما يعني تحويل ما كان وطنا مؤقتا إلى وطن دائم.
ونقلت عن علي الحباشنة، وهو جنرال متقاعد ورئيس اللجنة الوطنية للضباط المتقاعدين قوله: "ليست هناك وسيلة تجعلنا نعتبر اللاجئين الفلسطينيين كمواطنين أردنيين، حتى لو حملوا الهويات والجوازات الأردنية، وحتى لو كانوا مواطنيين أردنيين". وهدد الحباشنة قائلا: "لو أثمرت الخطة"، "فسنعيد السلطة للشعب".
في مخيم البقعة الذي يعيش فيه أكثر من 800 ألف فلسطيني، يقول إبراهيم العرباتي عن منظوره لخطة الحل، إنها تثير مشاعر الخوف والحنين، فكل شيء في الأردن يتغير بسرعة "القوانين المؤقتة" و"بجرة قلم، يمكن للأردن سحب مواطنتي واستثماراتي وبيتي".