توسعت الحكومة
المصرية في حملة القمع التي تشنها ضد الحريات لتطال
الصحفيين الأجانب، بعد أن عصفت بوسائل الإعلام المحلية المعارضة للإنقلاب.
ويؤكد مراقبون أن الاتهامات "الغامضة" التي تذرعت بها السلطات لاعتقال النشطاء والصحفيين المحليين، أصبحت تُستخدم الآن أيضا لقمع المراسلين الأجانب في مصر.
وقالت صحيفة الجارديان البريطانية الثلاثاء، إن السلطات أغلنت الصحفيين "أعداءً للدولة"، بعد تحويل 20 صحفيا - بينهم 4 أجانب - الأسبوع الماضي للمحاكمة باتهامات تتضمن التحريض على الإرهاب ونشر أخبار كاذبة تضر بمصلحة البلاد، وهو ما يقضي على الأمل في الحرية في مصر.
أنت صحفي إذا أنت جاسوس
ولفتت الجارديان إلى أن الصحفيين الآن في مصر مهددون بالقتل أو الاعتقال أو الإعتداء عليهم من الناس في الشوارع بعد أن أقنعتهم السلطات أن الصحفيين الأجانب عملاء ويسعون إلى تدمير البلاد.
وأوضحت أن السلطات تبرر تلك الاجراءات بأنها "مؤقتة" وترمي إلى التخلص من الاخوان المسلمين التي صنفتها كجماعة ارهابية، وهو ما جعل كثير من المصريين على قناعة بأن الصحفيين الذين ينتقدون الاجراءات القمعية يعملون لمصلحة الإخوان.
ووجهت الصحفية "رشا عزب" - المؤيدة للإنقلاب - انتقادات حادة للسلطة الحاكمة وعلى رأسها وزير الدفاع عبد الفتاح السيسى، وقالت على صفحتها على "فيس بوك" إن "دولة السيسى القمعية" حولت مصر إلى مقبرة للصحفيين، وجعلتها من أخطر البلاد للصحفيين بعد سوريا والعراق، اليوم بات حمل الكاميرا في الشارع مخاطرة كبيرة تهدد الحياة، لقد تحولت الشوارع إلى جحيم لأي صحفي مصري أو أجنبي، إنها كارثة حقيقية".
وكانت لجنة حماية الصحفيين الدولية، قد أعلنت مؤخرا أن مصر جاءت فى المرتبة الثالثة، بعد سوريا والعراق، على قائمة البلدان الأكثر خطورة على حياة الصحفيين خلال عام 2013.
وقالت صحيفة جلوبال بوست الأمريكية في تقرير لها الاثنين الماضي إن " شيطنة" قناة الجزيرة زاد من عداوة الشارع المصري للصحفيين الأجانب العاملين في البلاد عقب عزل مرسي، ففي الأسبوع الماضي أظهر مقطع فيديو رجل شرطة يهدد طاقم يعمل لصالح قناة فضائية مصرية بأنهم إذا لم يوقفوا التصوير فسيخبر المارة أنهم تابعون للجزيرة ليفتكوا بهم".
إلا إذا
وبعد إحالة عشرين صحفيا الأسبوع الماضي إلى المحاكمة، قالت وكالة رويترز إن إجراء مقابلة صحفية مع عضو بالإخوان المسلمين
تؤدي بالصحفيين هذه الأيام إلى السجن في مصر بتهمة معاونة "جماعة إرهابية".
وردا على تساؤل لصحفيين أجانب عاملين في القاهرة عما إذا كان إجراء مقابلة مع أعضاء بالجماعة أصبح الآن يمثل جريمة في نظر السلطات المصرية؟ أصدرت الهيئة العامة للاستعلامات - التي تنظم عمل المراسلين الأجانب في البلاد - بيانا زاد من قلقهم بدلا من طمأنتهم، حيث أكد البيان احترام الحكومة التام لحرية الصحافة، وأن القانون لا يجرم إجراء مقابلة مع أي شخص أو جماعة ولا يعاقب على الفكر، "إلا إذا" تحول هذا الفكر إلى سلوك مادي يشكل فعلا يهدد الأمن القومي للبلاد ومصلحتها العليا و"إلا إذا" كان هذا الاتصال يشكل تحريضا على الإرهاب.
وقالت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية إن عبارة "إلا إذا" الواردة في البيان هي المفتاح لإرسال رسالة تهديد للصحفيين في مصر.
وتابعت الصحيفة قائلة إن تحذيرات الحكومة من "التحريض" هو دليل على عبثية الموقف، لأنها تفسر بالفعل كل شيء تقريبا على أنه "تحريض"، وهي التهمة التي يحاكم على أساسها الصحفيون المعتقلون حيث اعتبرت الحكومة أن بث أخبار الإخوان قد تصل لتكون دعما ماديا مباشر "للإرهابيين".
العالم قلق
ونقلت وكالة رويترز عن دبلوماسيين غربيين قولهم إن المثير للقلق هو أن مسؤولين كبار في وزارة الداخلية وفي السلك القضائي يؤمنون بمقولة "إما معنا أو علينا".
وقال المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني الثلاثاء إن واشنطن تشعر بقلق شديد من حملة الإعتقالات التي تشنها الحكومة المصرية في الأونة الأخيرة ضد صحفيين من انتماءات مختلفة، مطالبا بقوة بالإفراج عنهم."
كما نددت جينيفر
ساكي المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية بتقييد حرية التعبير في مصر، وقالت إن استهداف الحكومة المصرية لصحفيين بحجج واهية أمر خطأ ويمثل ازدراء خطير للحقوق الأساسية، وطالبت الحكومة المصرية بالرجوع عن اعتقالهم وملاحقتهم أمام القضاء".
وقال روبرت
كولفيل المتحدث باسم مكتب المفوضة السامية لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة: "إننا قلقون للغاية ازاء الاعتداءات الجسدية على الصحفيين في مصر في الأشهر الأخيرة واعتقال عدد كبير منهم بتهم "غامضة" مثل "مساعدة جماعة إرهابية" و"الإضرار بالمصالح الوطنية" وهو ما يمثل مصدر قلق كبير للمفوضية.
وأوضحت سارة لي ويتسون من منظمة "هيومن رايتس ووتش" "الأمر أصبح واضحا، لقد أعلنت الحكومة المصرية أنها لا يمكن أن تتحمل بعد الآن أي صحافة مستقلة، الصحفيون الأجانب في مصر مشتبه بهم إلى أن يثبت العكس.