دعت صحيفة "واشنطن بوست" إدارة
أوباما إلى إعادة النظر في سياستها الفاشلة في سورية. جاء ذلك في افتتاحية هيئة التحرير تعليقا على اعتراف وزير الخارجية جون
كيري لمجموعة من النواب في مجلس الشيوخ بأن مدخل الإدارة تجاه سورية فشل، وأن مؤتمر
جنيف- 2 لم يحقق أي شيء.
وقالت الصحيفة إنه "إذا صح ذلك، مع أن المتحدثة باسمه نفته، فيستحق كيري الثناء لاعترافه بالواقع الذي تعامى هو والرئيس أوباما عنه لمدة طويلة".
وأضافت أن كيري ولعدة أشهر كان يحاول التأكيد للعالم على أن المذبحة السورية التي تجري على رقعة واسعة يمكن أن تحل من خلال المفاوضات في جنيف. وقال كيري إن هدف المحادثات هذه "تحديدا وفقط" إنشاء حكومة انتقالية تحل محل حكومة نظام بشار الأسد.
وفي نفس الوقت "تحدث الرئيس أوباما مرارا عن موافقة الرئيس بشار الأسد على تسليم أسلحته الكيماوية لتخفيف الحرب الأهلية السورية التي تشكل تهديدا للمصالح الأمريكية".
وترى الصحيفة أن تأكيدات كل من أوباما وكيري لم تكن تنطوي على مصداقية أبدا، بل "ولا يمكن الدفاع عنهما الآن". وأشارت الصحيفة في هذا السياق إلى تصريحات الأخضر الإبراهيمي الذي وصف مؤتمر جنيف -2 الذي انعقد الإسبوع الماضي بأنه "لم يحقق أي شيء"، فلم يرفض النظام مناقشة موضوع تشكيل حكومة جديدة التي وعد كيري بها فقط، ولكنه تراجع عن تقديم الدعم الإنساني لآلاف من المدنيين الذ كان الإبراهيمي يأمل بتحقيقه أيضا. وحتى الملف الكيماوي لا يسير حسب الخطة التي اتفق عليها. فقد اتهم تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية الأسبوع الماضي نظام الأسد بتأخير عمليات تسليم أكثر من 4% من ترسانة السلاح الكيماوي السوري.
وتقول الصحيفة إن "تهديدات كبيرة وخطيرة نابعة من سورية على الولايات المتحدة لم يتم تحديد حل لها، واحدة منها وتحدث عنها الأسبوع الماضي مدير الأمن القومي جيمس كلابر الذي قال للكونغرس إن سورية تحولت إلى مركز للتطرف، وتمثل تهديدا محتملا للتراب الأمريكي، ومرة أخرى، قد يستخدم الإرهابيون المرتبطون بالقاعدة الأراضي التي يسيطرون عليها للتخطيط لعمليات ضد الولايات المتحدة، في الوقت الذي يواصل فيه كيري حملته الدبلوماسية ويكرر أوباما ذرائعه بعدم التدخل".
وتحاول الصحيفة هنا نقض مبررات الرئيس التي تقول إن الولايات المتحدة لا يمكنها التأثير وبطريقة عملية على الوضع في سورية إلا إذا قررت القيام بغزو للبلاد على غرار ما فعلت في العراق. وقد أظهر الأسد عدم صحة هذا المبرر برده السريع على تهديد أوباما الصيف الماضي بتوجيه ضربة عسكرية. ولو أظهرت أمريكا استعدادا مماثلا لاستخدام القوة ضد النظام السوري، فسيجبر الأسد على الوفاء ببنود الإتفاق الكيماوي. وكذلك سيؤدي إلى وضع حد للجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية التي ينفذها النظام تحت سمع وبصر العالم، والتي تشمل الحصار وتجويع الأطفال والإعدامات الجماعية في السجون ومواصلة حرب البراميل المتفجرة وإطلاق الصواريخ.
وتقترح الصحيفة على الإدارة أن تبدأ بجهود دولية في مجلس الأمن لتمرير قرار يدعو سورية إلى التعاون وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، ويسمح وكالات الأمم المتحدة بالعمل في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة. وقد تعارض روسيا القرار، ولكن مع قرب افتتاح الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي، فقد يتردد فلاديمير بوتين بالظهور بمظهر من يعارض وصول المواد الغذائية للأطفال الجياع. وتنهي بالقول "بفعل من الأمم المتحدة أو بدونها، فقد حان الوقت كي تعيد إدارة أوباما النظر في سياستها ووقف جرائم النظام والخطر المتزايد من القاعدة".