من هو حسان
اللقيس؟ سؤال لم تكن ابنته نور تعرف إجابة له حتى مقتله الشهر الماضي. وتتذكر نور غيباته الطويلة عن البيت، حيث كانت تحدق في صوره وهو نائم وتتخيل أن تلك هي جثته.
نور اليوم في الـ28 من عمرهما ومدرسة للغة الإنكليزية، حيث اكتشفت مثل بقية
اللبنانيين مهمة والدها كأحد قيادات
حزب الله، المسؤولين عن ترسانته العسكرية والخبير اللوجستي الذي أبّنه
حسن نصر الله، الأمين العام للحزب قائلا إنه من أذكى عقول التنظيم.
بدأت قصة اللقيس كما تقول صحيفة "نيويورك تايمز" عندما كان في الـ19 من عمره، ولم تكن لدى الحزب تلك القدرات التكنولوجية العالية، حيث ساهم في بناء ترسانة عسكرية للحزب أكثر تقنية من تلك التي يملكها الجيش الوطني اللبناني، ما أدى إلى تحويل مسار الحزب وجعله قوة قادرة على مواجهة إسرائيل. كما وأسهم اللقيس ببناء أنظمة رقابة وتكنولوجيا اتصالات مستقلة. واستخدم قواعد عسكرية سرية في سورية لتخزين صواريخ طويلة المدى؛ يقول الخبراء الآن إنها نقلت إلى لبنان.
وتقول الصحيفة إن الموساد الإسرائيلي وضع اللقيس على قائمة الاغتيالات. وكواحد من أهم المطلوبين الخمسة الواجب تصفيتهم. وفي الفترة ما بين 2008 -2011 قامت وحدة الموساد بتصفية أربعة منهم، عماد مغنية، القائد العسكري في حزب الله، اغتيل من خلال تفجير سيارة مفخخة في دمشق، وجنرال سوري كبير اغتاله قناص من البحر عندما كان في فيلته بطرطوس، ومحمود المبحوح، المسؤول العسكري في حماس، الذي اغتيل في فندق بدبي، وجنرال إيراني كبير قتل في انفجار مع عدد من جنوده في مخزن أسلحة بطهران.
وفي كل الحالات ألقى محللون إسرائيليون ولبنانيون اللوم على الموساد التي قامت بالعملية مباشرة أو عبر وكلاء لها، إلا في حالة اللقيس، حيث انحرف الانتباه نحو أعداء جدد لحزب الله ظهروا بعد دخوله سورية ومشاركته العسكرية فيها، حيث أثار تدخله حديث وحتى وشوشات داخل الشيعة أنفسهم الذي قالوا إن تدخل الحزب أدى إلى زيادة التوتر الطائفي وفتح الباب أمام عمليات الانتقام.
ولهذا السبب تحولت قصة اللقيس كما تقول الصحيفة إلى حالة البحث عن القاتل، وشابها كل التعقيد الذي تمر به المنطقة من اضطرابات وتغيرات في التحالفات المتعددة الهويات؛ من المخابرات السعودية، المتشددون السنّة في لبنان، مقاتلون من القاعدة، إلى المعارضين المسلحين لنظام بشار الأسد. وكل جهة من هذه الجهات أشير إليها بإصبع الاتهام. ويقول محللون إن طبيعة عمل اللقيس السرية تعني أن مخابرات متورطة في مقتله ومن المحتمل أن تكون هي التي قتلته.
وتشير الصحيفة إلى أن اللقيس كان يقف وسط ثلاث قوىً وجدت مصلحة مشتركة فيما بينها ضد حزب الله ومشاركته في سورية، وهي السعودية والمعارضة السورية التي تقاتل ضد بشار الأسد وإسرائيل. ومن هنا اتهم حزب الله وسورية السعودية التي يقولون إنها شاركت في "مؤامرة وهابية – صهيونية".
ومع أن نصرالله حمّل إسرائيل مسؤولية مقتل اللقيس، إلا أن المسؤولين الإيرانيين أشاروا بأصابع الاتهام إلى جماعة مرتبطة بالقاعدة يقودها هارب سعودي ألقي القبض عليه في لبنان، وأعلن عن وفاته السبت، ما يضيف غموضا على غموض ملف اغتيال اللقيس، خاصة أن كتائب الشيخ عبدالله عزام أعلنت الأسبوع الماضي أن اللقيس اغتيل في تفجير السفارة الإيرانية في شهر تشرين الثاني/نوفمبر. وفي سيناريو آخر "زعم المقاتلون السوريون أنهم قتلوه داخل سورية، وأن مشهد مقتله في بيروت كان للتغطية، بل هناك شائعات تقول إن رفيقا له في الحزب قتله أثناء جدال داخلي أو خيانة، وهو ما يمكن استبعاده في حزب معروف بالانضباط العالي".
وتنقل الصحيفة عن علي رزق الله من لبنان أن مقتل اللقيس كشف عن مناخ من العداء تجاه حزب الله، وخلق بالتالي فرصا لأعدائه، فيما قال رونين بيرغمان، الخبير الأمني الإسرائيلي والكاتب المساهم في مجلة نيويورك تايمز، والذي كشف عن قائمة الموساد في كتابه " الحرب السرية مع إيران" إن إسرائيل تعتمد في تنفيذ عملياتها على وكلاء محليين".
وتتحدث الصحيفة عن بُعد آخر، هو أن مقتل اللقيس جاء في وقت انخرط فيه الحزب في الحرب السورية، ومن هنا كشف عن بعد آخر غير الذي يحاول الحزب إضفاءه على رجاله الذي انغمسوا في المقاومة، وهناك حسٌ من عدم الارتياح حيال القتلى الذين ماتوا في سورية، والذين تحدث عنهم نصرالله في بعلبك التي يوجد فيها شارع اسمه اللقيس التي ينتمي إليها. ونقلت عن قريب له أن اللقيس كان حذرا ولا يزور مكانا فيه غريب، فيما قال آخر إن اللقيس كان لديه طموح لأن يكون خليفة لمغنية.
وتقول الصحيفة إن "بعلبك مدينة مختلطة بغالبية شيعية أقل ولاءً لحزب الله من العشائر أو بقية الأحزاب السياسية، وانتقدت العائلات الممتدة، بمن فيها اللقيس؛ وعلى جانبي الانقسام، استخدام المقاتلين الذين تتسامح الحكومة بوجودهم كدرع ضد إسرائيل للقتال ضد إخوة عرب ومسلمين".