تنتهي السنة 2013 بعودة الاغتيالات الى الساحة
اللبنانية، وتشرع الابواب على مرحلة من اخطر المراحل السياسية - الامنية منذ ما قبل ايار 2008، ولا سيما ان البلاد دخلت في ربع الساعة الاخير في ما يتعلق بإستحقاقين اساسيين: الاول تشكيل حكومة تقطع مع صيغة حكومة "حزب الله" التي اتت في سياق انقلاب نفذه "حزب الله" والنظام في سوريا.
أما الآخر فمتعلق بانتخاب رئيس جديد للجمهورية في حين تبدو الآفاق شديدة القتامة مع احتمال ان يشهد لبنان فراغا رئاسيا يفرضه الفريق الساعي الى اعادة تركيب الصيغة اللبنانية بما يتلاءم و وظيفته ببعديها الاقليمي والمحلي.
بديهي القول ان اغتيال
محمد شطح رسالة بأن الاغتيالات عادت وسيلة استخدمها الفريق المعروف لحسم الخلافات السياسية. وبديهي القول ان الخطر بات يحدق بعدد من القادة الكبار، واولهم الرئيس ميشال سليمان الذي يحث الخطى في اكثر من اتجاه، خصوصا في اتجاه تشكيل حكومة حيادية من خارج الاحزاب التي ان اتت بالتوافق مع الرئيس المكلف تشكيل الحكومة ستكون في سياق المواقف الاستقلالية التي اتخذها ويتخذها الرئيس سليمان في شكل منتظم ومتصاعد ضد السلاح غير الشرعي في البلد. وهذا بالتأكيد ما يضع الرئيس سليمان في دائرة الخطر الكبير على حياته.
اما الشخصية الثانية المعرضة بدرجة كبيرة فهي الرئيس تمام سلام الذي يمكن "حزب الله" دائما بالتنسيق مع النظام في سوريا ان يعرض حياته للخطر الشديد لان شطبه اذا حصل لا سمح الله، فيمكن ان يقلب الموقف رأسا على عقب، معيدا موضوع تكليف رئيس لتشكيل الحكومة الى نقطة الصفر و من خلاله امر الحكومة برمته. (ثمة من يطرح سيناريو سياسي للانقلاب على الرئيس سلام يسبق تشكيل الحكومة، ألا وهو توقيع عريضة نيابية من قوى 8 آذار تسحب تأييدها لسلام لخلط الاوراق من جديد).
ثمة شخصية ثالثة كانت ولا تزال في دائرة الخطر الشديد، وشكل اغتيال محمد شطح رسالة مباشرة اليها هي الرئيس فؤاد السنيورة نظرا الى ان استهدافه يأتي في اطار استكمال "حزب الله" ومن معه عملية الالغاء المنظم للقوى الحية والفاعلة في "تيار المستقبل" المعتبر عماد الفريق الاستقلالي ببعده المحلي والاقليمي والدولي.
قتل محمد شطح بقرار تنفيذي اتخذ في حارة حريك، وبقرار اعلى اتخذ في مكان ما في طهران وربما دمشق (هذا اذا ما كان بعد لبشار الاسد من قيمة فعلية في القرار الايراني في ما يتعلق بلبنان).
والرسالة وصلت الى جميع القوى التي كان يهم الطرف القاتل بان يوصلها اليها في السياسة والامن. واذا كان اول رد على عودة الاغتيالات اتى في شكل غير مباشر من طريق الاعلان عن المساعدة السعودية غير المسبوقة للجيش اللبناني والتي الهبت الموقف المعادي لمشروع الدولة وحصر السلاح بيد الشرعية اللبنانية، فإن هذا الاعلان زاد حجم الاخطار في حين يكتشف قتلة محمد شطح المعروفين تماما ان اغتياله لم يضرب عزم، وتصميم، الفريق الاستقلالي العازم اكثر من اي وقت مضى على تحدي الاغتيالات والقتلة.
(النهار)