يرى مسؤول استخباراتي
إسرائيلي أن اغتيال حسن
اللقيس؛ المسؤول عن تطوير الأسلحة والحروب التكنولوجية المتقدمة، يعتبر جزءا من سلسلة اغتيالات يطلق عليها جهاز
الموساد الإسرائيلي مسمى "الجبهة الراديكالية".
تضم الجبهة؛ إيران وسورية وثلاث منظمات، هي حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي. وتقوم إسرائيل بملاحقة أعضاء هذه المجموعة منذ عام 2004، حيث تم التخلص من القيادي العسكري في حزب الله عماد مغنية كجزء من إستراتيجية تصفية قيادات الجبهة، ومحمود المبحوح واللواء محمد سليمان. وكان حسن اللقيس آخر من تصفيهم الموساد، حيث تقول مجلة "فورين بوليسي" في مقال كتبه رونين برغمان أن القيادي العسكري المسؤول عن العلاقات مع إيران وتطوير الأسلحة، كان على قائمة الاغتيالات الإسرائيلية منذ تسعينات القرن الماضي.
ونقلت "فورين بوليسي" عن مسؤول أمني إسرائيلي تعليقه مبتسما على مقتل اللقيس "سيعقد مؤتمر قمة في السماء"، في إشارة إلى القادة الذين أصبحوا في عداد الموتى، مضيفا "نحن نتحدث عن مجموعة من المنظمات المشاركة في نشاطات إرهابية ونووية، ويقومون بها من أجل بلدانهم عبر مهام متعددة، وقاموا بإنشاء شبكة دولية، وهي أخطر وأفعل شبكة شاهدتها". ويقول المسؤول إن هدف هذا التحالف هو بناء قدرات نووية؛ بعيدة وقريبة المدى والقيام بمهام انتحارية. أما هدف إسرائيل فهو: تصفيتهم واحدا بعد الآخر.
وتقول المجلة "هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها إسرائيل عدوا قويا، لكن المخابرات الإسرائيلية تعتقد أن الشبكة تضم سلسلة متنوعة من الأعداء الذين لم تواجه إسرائيل مثلهم في الماضي". وتتراوح هذه الشبكة بين مسؤولين على مستوى القيادة إلى قادة ميدانيين حسب تقديرات الموساد والمخابرات الإسرائيلية العسكرية (أمان).
ويقول هؤلاء إن الشبكة تتجاوز الخلافات الطائفية التي تطبع العلاقات بين السنّة والشيعة، ويجمعها هدف واحد وهو العداء لإسرائيل.
وبدأت إسرائيل بملاحقة أعضاء الشبكة في عام 2004 خاصة من لديهم مسؤوليات تنظيمية وعملياتية وقدرات تكنولوجية. ففي الوقت الذي كانت هناك شخصيات في هذه المنظمات الإرهابية والدول الداعمة لها مسؤولة عن الإستراتيجية، كان هؤلاء الاشخاص موكلون بالتفاصيل وترجمة الإستراتيجية إلى واقع.
وتقول المجلة إن القائمة الإسرائيلية لما أطلقت عليها "الجبهة الراديكالية" كان على رأسها شخصيتان، عماد مغنية، القائد العسكري لحزب الله، واللواء محمد سليمان، مسؤول العمليات السرية الخاصة في النظام السوري، الذي أشرف على بناء المفاعل النووي السوري، والذي يدير ملف العلاقات مع إيران وحزب الله.
ونقلت المجلة عن مائير داغان، رئيس الموساد السابق قوله إن " اللواء سليمان محمد هو الرجل المسؤول عن عمليات الأسد بما في ذلك البرامج الحساسة بين سورية وحزب الله وإيران، وهو شخصية يعتمد عليها الأسد كثيرا، وفي هذه الأيام، فإن الأسد يفتقده كثيرا".
وبعدهما يأتي الجنرال حسن طهراني مقدم، مدير تطوير الصواريخ في الحرس الثوري الإيراني، والذي يقوم بتصديرها إلى كل من حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي. ومحمود المبحوح، الذي تقول المجلة إنه كان مسؤولا عن علاقات حماس مع إيران، وحسن اللقيس الذي حددته "أمان" في تسعينات القرن الماضي باعتباره مسؤول تطوير الأسلحة في حزب الله.
وأشارت المجلة إلى تقرير في الصحيفة
اللبنانية "ديلي ستار"، وصف اللقيس بأنه "الشخصية الرئيسية في برنامج الطائرات بدون طيار التابع لحزب الله" .
وبحسب ملف الإستخبارات العسكرية، فقد بدأ اللقيس نشاطاته في حزب الله ولم يتجاوز الـ19 من عمره، حيث انضم إليه بعد إنشائه بفترة قصيرة. وتلقى تعليما فنيا في جامعة لبنانية، ولكنه حصل على معرفته التقنية من تجربته في تطوير الأسلحة. وكان منذ البداية المسؤول الأول عن عمليات نقل الأسلحة من إيران، وبسبب جهوده تحول الحزب إلى منظمة عسكرية قوية، أقوى من القاعدة.
وعن سبب تأخر إسرائيل في تصفية اللقيس، تقول المجلة إن حزب الله في فترة التسعينات لم يكن الهدف المفضل لإسرائيل، فقد كان ينظر إليه كحركة تثير المشاكل أكثر من كونها تهديدا إستراتيجيا، ومع تحول الحزب لهدف في عام 2000 بدأ اللقيس باتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية نفسه.
ويقول كاتب التقرير، وهو نفسه مؤلف كتاب "الحرب السرية مع إيران" إن اللقيس كان مطلوبا لكندا والولايات المتحدة لأنه أقام خلايا سرية فيهما، إذ أقام أعضاء تلك الخلايا في فانكوفر وميتشغان حيث عملوا في التزوير، وسُمح لهم بالحصول عى عمولة جيدة مقابل تحويل الأرباح من تجارة التزوير إلى شراء الأسلحة.
ومع انسحاب إسرائيل من جنول لبنان وتعزيز حزب الله قدراته العسكرية، بدأ اللقيس يعمل تحت قيادة عماد مغنية وبالتنسيق معه. وقاما ببناء سلسلة من التحصينات في الجنوب من أجل التصدي لهجوم بري إسرائيلي كان متوقعا، ولكي تكون قاعدة لإطلاق الصواريخ.
وقد نجحت الإستراتيجية في منع التقدم الإسرائيلي وهزيمة الجيش عام 2006، إذ استخدمت التحصينات كنقاط اتصال ومنصات إطلاق صواريخ. والفضل في ذلك يعود للقيس. وقد حاول الإسرائيليون اغتيال اللقيس في 20 تموز (يوليو) 2006 من خلال صاروخ أطلقته طائرة أف-16، لكنه لم يكن في البيت، وقتل ابنه بدلا من ذلك. وكانت حرب تموز 2006 النقطة التي شكلت تعاونا كبيرا بين القوى المتحالفة في "الجبهة الراديكالية"، لكن العجلة بدأت تدور كما يقول التقرير عليهم، فقد اغتيل مغنية عام 2008 في دمشق، وقتل سليمان في صيف نفس العام برصاص قناص استهدفه، وهو على شاطيء البحر في سورية. وتم قتل المحبوح في دبي عام 2010. أما الإيراني حسن طهراني مقدم، فقد قتل في تفجير مخزن للصواريخ في طهران عام 2011 مع 20 من مساعديه.
وها هو اللقيس يُقتل في مرآب بيته من قبل شخصين أطلقا النار عليه في بيروت. وفيما بادر حزب الله إلى اتهام إسرائيل بتنفيذ الاغتيال، فقد نفت إسرائيل ذلك، كما هي عادتها.