أظهرت الصحافة الإسرائيلية من مختلف الاتجاهات احتفاء واضحا وجليا بالانقلاب العسكري الذي قاده وزير الدفاع عبد الفتاح
السيسي ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي في
مصر، لما سيجلبه من منافع على اسرائيل. بل إنهم أخذوا يوجّهون الدعوات إلى الإدارة الأمريكية لتقديم الدعم العلني والقوي لحكومة السيسي.
ويعلل الكاتب والباحث الأكاديمي الخبير في الشؤون الإسرائيلية صالح النعامي، بأن "
الكيان الإسرائيلي وجد في
الانقلاب العسكري في مصر كنزًا وشريكًا استراتيجيًّا لم يكلّفه الحصول عليه شيئًا".
وقال النعامي في حديث خاص لموقع "عربي21"، إن "الانقلاب سمح بتحييد الآثار السلبية التي رسمتها إسرائيل للربيع العربي، ومهّد للعودة إلى طريق النكسات والهزائم والتفريط في السيادة الوطنية، والإجهاز على أحلام الربيع العربي".
وأشار إلى أن الكيان الإسرائيلي "كان في شراكة استراتيجية مع نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك عبر اتفاقات "كامب ديفيد"، لكن التحول الذي حصل في عهد الرئيس محمد مرسي شكل خطرًا على هذه الاتفاقات التي تشكل العمود الفقري لمنظومة الأمن الإسرائيلي".
وأكد أن "سلطة الانقلاب ضمنت للكيان الإسرائيلي احترام الاتفاقات ومواصلة الحرب على "الإرهاب" في سيناء والقضاء على عمليات التهريب إلى قطاع غزة وهدم الأنفاق، إلى جانب مواصلة كل أشكال التعاون والتنسيق الأمني، في حين أن هدف الإخوان كان القضاء على "كامب ديفيد" بحسب ما يرى قادة الكيان".
ولفت إلى أن "الانقلاب أدى إلى تخفيض موازنة الأمن الإسرائيلي لأن نجاح الثورات العربية ينذر –في عقيدة الإسرائيليين- بتغيير البيئة الاستراتيجية لـ"إسرائيل"، وهو ما يوجب القيام باحتياطات أمنية واسعة تتطلب زيادة مستويات الإنفاق الأمني بشكل كبير".
وأوضح أنه في حال عدم نجاح الانقلاب، فإن "من المرجح أن يقدم قادة الجيش الإسرائيلي على إحداث تغييرات بنيوية تشمل تشكيل فرق عسكرية جديدة، وتعاظم الاستثمار في مجال التدريبات والمناورات، وتكثيف جمع المعلومات الاستخبارية، سيما حول كل ما يتعلق بالأوضاع في مصر".
وأضاف أن الكيان الإسرائيلي كان سيضطر –لولا الانقلاب- إلى "إعادة تشكيل قيادة المنطقة الجنوبية بشكل يتناسب مع التحديات التي قد تسفر عنها التحولات في مصر، وتوسيع سلاح الجو الإسرائيلي وتعزيزه بالمزيد من أسراب الطائرات وبالقواعد الجديدة في النقب".
علاوة على ذلك، فإن "الانقلاب ساعد في تعزيز محور الاعتدال الذي كان على وشك أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، وهو المحور الذي سمح لـ"إسرائيل" تاريخيًّا بالتقاء مصالح الأمر الواقع مع دول لم تكن لها علاقات دبلوماسية رسمية معها" بحسب ما قال النعامي. وزاد أن "مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد تحوّل بفعل الانقلاب إلى مكتب علاقات عامة".
ونبه إلى أنه "مما يبرر تعاون دول الخليج مع الكيان الإسرائيلي لتحسين البيئة الاستراتيجية للكيان هو التقاء مصالح الأطراف بشأن رفض حكم الإخوان وإحباط البرنامج النووي الإيراني". وأضاف أن "هذه هي بنود فاتورة المطالب الباهظة من دول الخليج التي تضمنتها أحدث دراسة إسرائيلية نشرتها مجلة "سيكور مموكاد" البحثية في عددها الأخير".
ولفت النعامي إلى أن إحدى هدايا الانقلاب الكبرى للكيان هي مساعدته في حربه على المقاومة الفلسطينية، من خلال التحالف معه وتقوية الروابط بين القاهرة و"تل أبيب"، والتنسيق أمنيًّا ضد المقاومة، وهدم الأنفاق وإغلاق المعابر، والاستعداد لتنفيذ العمليات العسكرية المشتركة.
وأورد الكاتب والناشط السياسي ماهر إبراهيم جعوان، على موقعه على "فيسبوك" أن الانقلاب قدّم العديد من الهدايا للكيان الإسرائيلي؛ إذ سمح بـ "عودة الظلم والاستبداد والمناخ القهري للشعوب العربية، وهو ما تنمو فيه "إسرائيل" وتزدهر".
وأدى الانقلاب إلى تغيير العقيدة القتالية للجيش المصري، فلم تعد وجهته وبوصلته نحو العدو التاريخي، بل إلى صدر الشعب. كما أنه شرع في تفتيت العلاقة بين الجيش والشرطة من جهة وبين الأمة، لتكون حربا أهلية مآلها تمزيق البلاد وهدر الثروات وتعريض
السلم الأهلي لخطر غير مسبوق، بحسب ما قال جعوان.
وبيّن أن الانقلاب أهدى الكيان الإسرائيلي حالة الدوران في الفلك الصهيوأمريكي، وجعل مصر تابعا علنيا للصهيونية العالمية، وألغى مقولة "العدو الاستراتيجي والأمن القومي".