أمر زعيم تنظيم
القاعدة الدكتور أيمن
الظواهري، عبر تسجيل صوتي عرضته قناة الجزيرة بتاريخ 8/11/2012، بإلغاء "الدولة الإسلامية في
العراق والشام"، مؤكدا أن "جبهة النصرة في الشام" هي فرع تنظيم القاعدة في
سوريا.
وكان زعيم القاعدة قد أبطل في رسالة بثتها القناة في العاشر من حزيران/يونيو، دمج فرعي تنظيم القاعدة في كل من سوريا والعراق، تحت اسم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" التي أعلن عنها أبو بكر البغدادي أمير "دولة العراق الإسلامية" في نيسان الماضي.
أبو بكر البغدادي رفض قرارات الظواهري، وقال في رسالة صوتية بثتها مواقع الكترونية معنية بنشر ومتابعة أخبار الفصائل المسلحة، "الرسالة التي نسبت إلى الشيخ أيمن الظواهري لنا عليها مؤاخذات شرعية ومنهجية عدة. وبعد مشاورة مجلس شورى الدولة الإسلامية في العراق والشام من مهاجرين وأنصار، ومن ثم إحالة الأمر على الهيئة الشرعية اخترت أمر ربي على الأمر المخالف له في الرسالة".
القيادي في التيار السلفي الجهادي الأردني، محمد الشلبي المعروف بأبي سياف، أرجع سبب رفض البغدادي لقرارات الظواهري إلى أن البغدادي يعتبر جبهة النصرة وأميرها تابعة له ابتداء، وأنه قام بتوجيه الجولاني للتوجه إلى سوريا مع مجموعة مقاتلين يتبعون له لتقديم النصرة للشعب السوري، في الوقت الذي أراد الجولاني فيما بعد أن يستقل بالجبهة بعيدا عن البغدادي ودولته.
وقال أبو سياف لـ "عربي 21" إن البغدادي والجولاني، وكل من أتى بعد الزرقاوي، في أعناقهم بيعة لأمير تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وبعد مقتله انتقلت الإمارة للدكتور أيمن الظواهري، ما يعني أنهم يتبعون القاعدة بإمارتها الجديدة، لكن ما حدث بعد قرار البغدادي القاضي بدمج "دولة العراق الإسلامية" وجبهة النصرة في الشام، تحت اسم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" واعتراض الظواهري على ذلك وأمره بإرجاع الأوضاع على ما كانت عليه سابقا، رأى البغدادي – بحسب أبي سياف - أن الظواهري بعيد عن الواقع، وأن من واجبه توجيه الجولاني لاتباعه والنزول عند رأيه وقراره مؤكدا أن هذا هو السببب الرئيسي لرفض البغدادي لتوجيهات الظواهري.
في السياق ذاته، يوضح أبو سياف أن ثمة خلافات بين منظري التيار السلفي الجهادي حول التوصيف الشرعي لبيعة أبي بكر البغدادي، هل هي بيعة حرب أو بيعة عامة؟ ففي الوقت الذي يرى فيه أتباع البغدادي أن بيعته بيعة عامة، كما يؤصل لذلك أبو محمد الأزدي في رسالته المعنونة بـ"أحوال المعارضين لدولة المسلمين.. تأصيل شرعية دولة الإسلام في العراق والشام.."
يرى اتجاه آخر – وفق أبي سياف – من منظري السلفية الجهادية على رأسهم أبو قتادة الفلسطيني، أنها بيعة حرب، ناقلا عن أبي قتادة قوله في رسالته المسربة مؤخرا من سجنه "موقر 1" "من نافلة القول تذكير إخواني إن الإمرة اليوم هي إمرة جهاد، والطوائف الآن طوائف جهاد، فليس هناك أمير ممكن يعامل معاملة الخليفة أو ما أشبهه من الأسماء والألقاب، ومن لم يبصر هذا المعنى كان فساده أشد، حيث يلزم الآخرين بلوازم هذا الاسم من إمرة المؤمنين أو خليفة المسلمين..".
على صعيد آخر ما مدى تفاعل واقعة رفض البغدادي لتوجيهات الظواهري داخل أوساط تنظيم القاعدة؟ وهل يمكن القول بأن القاعدة فقدت سلطتها المركزية على التنظيمات التابعة لها؟
الخبير في الجماعات الإسلامية، والتيارات الجهادية حسن أبو هنية يرى أن رفض البغدادي لأوامر الظواهري قد يكون هو الحدث الأظهر في هذا السياق إلا أنه مسبوق بوقائع أخرى، كما حدث لحركة شباب المجاهدين في الصومال، حينما طُلب من الظواهري التدخل لوضع حد للنزاعات الداخلية هناك إلا أنه لم يستطع فعل شيء يُذكر، لافتا إلى أن نفس الأمر تكرر مع فروع القاعدة في بلاد المغرب العربي.
وقال أبو هنية في تصريحات خاصة لـ"عربي 21" إن القاعدة تعيش حاليا ولادتها الثالثة، بعد مرحلتها الأولى، منذ تشكيل التنظيم نهاية الثمانينات، ومرحلتها الثانية بعد تشكيل الجبهة العالمية سنة 1998، موضحا أن القاعدة في ولادتها الثالثة تبنت استراتيجية جديدة، أسماها "اندماج الأبعاد" زاوجت فيها بين المحلي والعالمي، والشعبي والنخبوي.
حدد أبو هنية الولادة الثالثة للقاعدة، بمرحلة الربيع العربي ومقتل ابن لادن، ذاكرا أن من سماتها البارزة استقلالية كثير من الحركات التي تحمل فكر القاعدة وأيدلوجيتها، والتي لم تعد تنتمي لها إلا بحملها لاسمها (الماركة أو النموذج الإرشادي)، مع استقلاليتها التامة في القرارات والتنفيذ، ما أدى إلى فقدان قيادة القاعدة لسلطتها المركزية على الفروع التابعة لها، التي أصبحت تضع خططها وتتخذ قرارتها دون الرجوع للقيادة المركزية.
في رده على سؤال حول مدى تأثير غياب ابن لادن عن قيادة القاعدة بما كان يمثله من كاريزما ذات حضور وتأثير كبيرين، أكدّ أبو هنية أن ابن لادن كان يتمتع بكاريزما مؤثرة من حيث التأسيس والقيادة، إلا أن ما هو أهم من ذلك - من وجهة نظره - مدى تأثير أحداث الربيع العربي وتداعياته على توجهات فروع القاعدة بحكم قانون التكيف، التي جعلتها تركز على المنطقة العربية، مما أضعف دور القاعدة المركزية، وجعلها تفقد سلطتها وسيطرتها المركزية على التنظيمات التابعة لها.