وصف الكاتب الأمريكي الشهير ديفيد أغناتيوس في صحيفة "واشنطن بوست" الموقف الأمريكي من
الإنقلاب في مصر، بأنه "مشوش"، داعياً إلى تبني موقفا أكثر توازناً ودعم موقف جون
كيري، وزير الخارجية الداعي إلى تعامل مع الواقع الجديد في مصر.
وكشف عن تشكيل كيري فريقاً من الخبراء يتعاون مع
الإمارات العربية المتحدة وربما السعودية لمساعدة مصر في تحسين اقتصادها وتحقيق عملية انتقال سياسية سلسة.
لكنه قال إن خطط الفريق عبدالفتاح
السيسي للترشح في الانتخابات ستكون ذات آثار مثيرة للأسف. فقد نقل عن حسام بهجت، الناشط في مجال حقوق الإنسان قوله "لا نريد فرعونا جديداً". وأضاف بهجت قائلاً "لا يمكنك التصرف وكأن هذا النظام لم يقتل ألف شخص في يوم واحد، نريد محاسبة". ويرى إغناتيوس أن المحاسبة يجب أن تأتي من المصريين وليس الأمريكيين. وهنا ينقل أقوال عمرو موسى، رئيس لجنة الدستور الذي قال إن المصريين هم المؤهلون لإدارة الأزمة المصرية، منتقدا موقف الإداراة الأمريكية التي لم تقم بخطوات سوى إدارة الأزمة على الطريقة العراقية والسورية.
ولاحظ إغناتيوس أن خارطة الطريق التي تشمل خططاً للتصويت على الدستور ومن ثم تنظيم الإنتخابات البرلمانية تتبعها الرئاسية قد تترك آثاراً تدعو للندم، لأنها قد تضفي شرعية على الحكم العسكري إن قرر السيسي الترشح للإنتخابات، حيث سيسير على خطى ناصر والسادات ومبارك من قبله.
ويعتقد إغناتيوس أن مشكلة مصر السياسية نابعة من عجز الأحزاب العلمانية عن تقديم قيادة تحظى بشعبية بديلة عن السيسي. ونقل عن هاني شكرالله، محرر "الأهرام أون لاين" السابق قوله إن ثلاثة أعوام من الثورة لم تفرز شخصا يمكن أن يتحدث باسمها. أما نبيل فهمي وزير الخارجية فقال إننا "لم نعثر بعد على الرجل القوي؛ الوسيم والعلماني". ويرى فهمي أن أية عملية انتخابية يجب أن تشمل حزب الحرية والعدالة، الجناح السياسي للأخوان المسلمون حتى تكون شرعية.
ويقول أغناتيوس إن على الغرب أن يشعر بالأمل لكون المصريين لا يريدون عودة الإخوان للحكم. مشيراً إلى أن المصريين يقولون "عايزين نعيش" ولكن بالحرية والكرامة التي وعدت بها الثورة. ويعتقد أن ما يدعو إليه كيري من محاولة لتعديل مسار السياسة باتجاه التعامل مع الواقع الجديد، هي محاولة معقولة، خاصة إذا موضعت واشنطن نفسها ضمن الرواية التي دعت إليها ثورة عام 2011 وشعارات ميدان التحرير.
ولاحظ أغناتيوس مشكلة الحكم العسكري من خلال ضيق صدره من برنامج "البرنامج" الذي كان يقدمه باسم يوسف، حيث الغى العرض الكوميدي بعد حلقة واحدة، وقدم يوسف للنيابة العامة للتحقيق في 30 بلاغ ضده، وهو ما يشير إلى أن الفريق عبدالفتاح السيسي ومؤيدوه فقدوا حس النكتة.
ويرى أغناتيوس أن رد الفعل من العسكر كان مثيراً للرعب، بل كان أكثر من ذلك "فقد كان موقفاً أحمق: لقد أظهر حكومة السيسي بمظهر الحكومة المثيرة للأسى والديكتاتورية". ويعتقد الكاتب أن مصر قادرة على العثور على طريقها الديمقراطي في حالة أظهرت القيادة انفتاحاً و صنعت بلداً متسامحاً كما كانت رغبة ثورة ميدان التحرير التي أطاحت بحكم حسني مبارك. وقال الكاتب إنه في حالة قرر السيسي الترشح للرئاسة في العام المقبل فإنه بالتأكيد سيفوز مما يعني تراجعاً في الحريات السياسية.
ولاحظ الكاتب أن هناك تشوشاً في التعامل مع مصر لا يزال مستمراً. فمن جهة يدعو وزير الخارجية جون كيري لتقديم دعم أكبر للحكم الجديد، تعارض سوزان رايس، مستشارة الرئيس للأمن القومي الدعم خشية أن يُنظر لأمريكا على أنها تدعم الإنقلاب العسكري، ويرى الكاتب أن واشنطن لا يمكنها الاستمرار في هذا الوضع من البلبلة.