فُتحت أبواب سجن "صيدنايا" في دمشق، فجر اليوم الأحد، أمام آلاف المعتقلين الذين اعتقلتهم الأجهزة الأمنية السورية طوال
حقبة حكم النظام، حيث خرج
المعتقلون منه بعد معاناتهم الشديدة من شتى أشكال
التعذيب الوحشي.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن ذلك
جاء أيضا بالتزامن مع فتح سجن عدرا المركزي بريف دمشق أمام جميع السجناء، ما أدى
إلى خروجهم، بعد سنوات طويلة قضوها خلف القضبان.
وأفادت مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان،
بمشاهدة السجناء منتشرين في عدة مناطق، منها الأوتستراد الدولي قرب مخيم الوافدين،
يحملون حقائبهم، ويؤكدون أن أبواب السجن فُتحت لهم.
وفي مدينة دوما، التقى بعض الأهالي بعدد من
السجناء المفرج عنهم، بينما أبدى آخرون حيرتهم بشأن وجهتهم المقبلة بعد خروجهم من
السجن.
وأمس، فتح عناصر الشرطة أبواب السجن المركزي
بحمص أمام المساجين، دون تقديم أي تفسيرات. وعقب خروجهم، تجمع عدد من السجناء في
منطقة الكراج بالقرب من فرع المخابرات الجوية، وسط حالة من الذعر والتخوف من
احتمال استخدامهم كدروع بشرية من قبل قوات النظام.
وبحسب شهادات السجناء، فإن عملية الإخلاء
تمت دون أي إنذار مسبق، ما أثار حالة من القلق والاستغراب بينهم، في الوقت نفسه،
تمكن بعض السجناء من الوصول إلى عائلاتهم في مناطق قريبة، بينما بقي آخرون في حالة
ترقب؛ خشية تعرضهم لأي مكيدة أو استهداف.
يذكر أن سجن صيدنايا هو أحد أشهر
السجون
السورية، وأكثرها إثارة للجدل؛ بسبب التقارير التي تفيد بارتكاب انتهاكات خطيرة
لحقوق الإنسان داخله.
يقع
السجن في مدينة صيدنايا، شمال العاصمة السورية دمشق، ويُعتبر واحدًا من أكثر
السجون تحصينًا وسرية في البلاد. يُديره الجيش السوري، ويخضع لسلطة المخابرات
العسكرية.
تم افتتاح السجن في عام 1987، ليكون مركزًا
لاحتجاز المعتقلين العسكريين بالأساس. وبعد اندلاع الثورة السورية في 2011، أصبح السجن مكانًا رئيسيًا لاحتجاز المعارضين
السياسيين والمدنيين، بمن فيهم الصحفيون، والنشطاء، والمدنيون، الذين يُتهمون
بمعارضة النظام السوري.
يخضع السجن لسيطرة المخابرات العسكرية
السورية، وتم تصميمه بشكل يسمح بتحكم كامل في المحتجزين، مع تقييد حركتهم بشكل
صارم.
السجن مكوّن من مبنيين رئيسيين، يُعرفان
بـ"المبنى الأحمر" و"المبنى الأبيض"، ويقال إن لكل مبنى منهما
دورًا مختلفًا.
اكتسب السجن سمعة سيئة؛ بسبب الانتهاكات
الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب، والإعدام الجماعي، والاختفاء القسري،
وسوء المعاملة.
في 2017، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرًا
شهيرًا بعنوان "مسلخ بشري"، أشارت فيه إلى أن ما بين 5000 إلى 13000
معتقل أُعدموا شنقًا في صيدنايا بين عامي 2011 و2015.
ووثقت المنظمات الحقوقية شهادات معتقلين
سابقين تحدثوا عن أساليب تعذيب وحشية، منها: الضرب المبرح باستخدام
العصي والهراوات، التعليق من الأطراف لفترات طويلة، الحرمان من الطعام والرعاية
الصحية، التعذيب النفسي، مثل الحرمان من النوم، الإهانات، والإذلال.
ويُقال إن الإعدامات في سجن صيدنايا تتم في
محاكمات صورية تستغرق بضع دقائق فقط، وغالبًا ما تتم ليلاً وبشكل سري.
يتم نقل السجناء المحكوم عليهم بالإعدام إلى
غرفة خاصة تُعرف باسم غرفة الإعدام، حيث يُشنقون، وتُلقى جثثهم في مقابر جماعية
غير معروفة.
ونددت الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان
الدولية بفظائع السجن، ودعت إلى محاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة داخله.
يُعتبر سجن صيدنايا من بين أكثر السجون
رعبًا في العالم، وغالبًا ما يُقارن بسجون أخرى سيئة السمعة مثل أبو غريب في
العراق.
الناجون من السجن قدموا شهادات صادمة عن
الانتهاكات الممنهجة التي تحدث داخله. وصف بعضهم الظروف بأنها غير إنسانية تمامًا،
حيث يكون الضوء الطبيعي محجوبًا، ولا يُسمح لهم بالكلام أو النظر إلى الحراس.
وفجر اليوم الأحد، دخلت قوى المعارضة السورية
المسلحة إلى العاصمة السورية دمشق من دون إراقة دماء، وأعلنت إدارة العمليات العسكرية
مدينة دمشق حرة من الطاغية بشار الأسد .
ووجه أحمد الشرع المكنى بـ "الجولاني"،
كافة القوات العسكرية في مدينة دمشق، بأنه يُمنع منعًا باتًا الاقتراب من المؤسسات
العامة، التي ستظل تحت إشراف رئيس الوزراء السابق حتى يتم تسليمها رسميا، كما
يُمنع إطلاق الرصاص في الهواء.
وتأتي هذه التطورات بعد ساعات قليلة من سيطرة
المعارضة المسلحة على محافظة حمص (وسط)، بعد اشتباكات عنيفة مع قوات النظام.
وفي 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، اندلعت
اشتباكات بين قوات النظام السوري وفصائل معارضة، في الريف الغربي لمحافظة حلب.
واستطاعت الفصائل بسط سيطرتها على مركز
مدينة حلب في 30 نوفمبر، وعلى محافظة إدلب (شمال غرب) بشكل كامل.
والخميس، طردت الفصائل قوات النظام خارج
محافظة حماة وسط البلاد، عقب اشتباكات عنيفة بين الجانبين.
والجمعة، واصلت الفصائل تقدمها لتسيطر على
مناطق جديدة بمحافظة حمص، التي تحظى بأهمية استراتيجية على طريق دمشق.
وبسطت فصائل المعارضة السورية، مساء الجمعة،
سيطرتها على مركز محافظة درعا المحاذية للحدود الأردنية، عقب اشتباكات مع قوات
النظام في المحافظة، التي تعتبر مهد الانتفاضة الشعبية ضد النظام عام 2011.
والسبت، سيطرت مجموعات معارضة محلية على
مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية، جنوبي البلاد.
تزامن ذلك مع عملية "فجر الحرية"
التي أطلقها الجيش الوطني السوري مطلع ديسمبر/ كانون الأول الجاري، بهدف إجهاض
محاولات إنشاء ممر إرهابي بين تل رفعت بمحافظة حلب، وشمال شرق
سوريا، وتمكن من
تحرير تل رفعت من إرهابيي تنظيم "بي كي كي/ واي بي جي".