في إطار الاستعدادات للانتخابات الرئاسية بالجزائر المقررة في السابع من
الشهر المقبل، استضافت فضائية الحدث الممولة من السعودية السفيرَ
الجزائري في الرياض،
للحديث حول استعدادات السفارة لاستقبال المواطنين الجزائريين في المناطق السعودية
للمشاركة في التصويت بالانتخابات، لكن السفير راح يعدد الإنجازات
الاقتصادية التي
حققها الرئيس
تبون خلال فترة رئاسته الأولى، متخليا عن صفة الحياد التي يجب أن
يتحلى بها العاملون في السلك الدبلوماسي تجاه المرشحين الثلاثة للانتخابات، حين
استعرض تلك الإنجازات الاقتصادية؛ من ارتفاع معدل النمو الاقتصادي وتحقيق فائض
بميزان المدفوعات، وتحقيق فائض في الميزان التجاري وارتفاع قيمة الاحتياطيات من
النقد الأجنبي، وانخفاض معدل التضخم إلى 6 في المائة، وارتفاع متوسط الدخل الفردي
إلى خمسة آلاف دولار.
وكان تبون قد ترشح عام 2019 بعد اعتراض المتظاهرين في حراك 22 شباط/ فبراير
على ترشح الرئيس السابق بوتفليقه لولاية خامسة رغم عجزه الصحي، وأجبروه على
التراجع، وطالبوا بتخلي الحرس القديم عن الحكم وإنهاء الفساد وابتعاد الجيش عن
الحكم، مع رفض إجراء
انتخابات في وجود الحرس القديم، لكن تبون ترشح رغم كونه من
الحرس القديم، وفاز رغم مقاطعة الكثيرين للانتخابات من قبل الكثيرين؛ التي قالت
السلطات إنها حظيت بمشاركة 40 في المائة من الناخبين حينذاك، لكن التظاهرات استمرت
بعد توليه حتى أمكن قمعها.
فسر البعض عدم خروج تبون للحملات الانتخابية سوى مرة واحدة بتقدم سنه والذي يدفعه للإقلال من بذل جهد مكثف، وهو الذي سبق تعرضه لأزمة صحية في تشرين الأول/ اكتوبر 2020 اضطرته للسفر للعلاج في ألمانيا
وها هو تبون يترشح لولاية جديدة رغم بلوغ عمره 79 عاما، في وقت كان تقدم
السن سببا بتخلي الرئيس الأمريكي بايدن عن الترشح لفترة ثانية. وكان بلوغ الرئيس
السابق ترامب الثامنة والسبعين سببا في انتقاده من قبل الكثيرين. ولقد فسر البعض
عدم خروج تبون للحملات الانتخابية سوى مرة واحدة بتقدم سنه والذي يدفعه للإقلال من
بذل جهد مكثف، وهو الذي سبق تعرضه لأزمة صحية في تشرين الأول/ اكتوبر 2020 اضطرته
للسفر للعلاج في ألمانيا.
ارتفاع كبير بالتضخم بعهد تبون
ولنستعرض ما ذكره السفير الجزائري من إنجازات اقتصادية، ومنها أن احتياطي
العملات الأجنبية قد زاد في عهد تبون من 62.8 مليار دولار بنهاية عام 2019 حين
تولى السلطة، إلى حوالي 69 مليار دولار في العام الماضي، بزيادة 6.2 مليار دولار، لكن
سبب زيادة الاحتياطي لا يعود لحدوث طفرة في موارد النقد الأجنبي، ولكنه كان لسبب خارجي
تمثل في زيادة أسعار خام النفط الجزائري في العامين الأخيرين، من 71 دولارا
للبرميل عام 2021 إلى 104 دولارات في العام التالي وإلى حوالي 84 دولارا في العام
الماضي، ما جعل الميزان التجاري السلعي يحقق فائضا في العامين الأخيرين بقيمة 39.7
مليار دولار. وهنا يصبح السؤال: أين ذهب الفرق الكبير بين زيادة الفائض التجاري، وهذا
القدر القليل من زيادة الاحتياطيات وهو الفرق البالغ 33.5 مليار دولار؟
وعندما يذكر السفير أن الميزان الكلي للمدفوعات في الجزائر قد حقق فائضا في
العام الماضي بقيمة 6.347 مليار دولار، فهذا الفائض قادم أيضا من الفائض التجاري
البالغ خلال العام الماضي 12 مليار دولار، وعادة ما تتم إضافة الفائض في الميزان
الكلي للمدفوعات إلى الاحتياطيات من العملات الأجنبية لدى البنك المركزي، وعندما
يتم التباهي ببلوغ معدل تغطية الاحتياطيات للواردات السلعية والخدمية 16 شهرا العام
الماضي، فقد بلغ معدل تغطية الاحتياطيات للواردات السلعية والخدمية 40 شهرا عام
2007، أي قبل 17 عاما.
عندما يبلغ نصيب المواطن من الدخل القومي 4960 دولارا، في المركز 120 بين دول العالم في العام الماضي، فهو رقم يقل كثيرا عن المتوسط العالمي البالغ أكثر من 13 ألف دولار، ولا يتسق مع دولة مصدرة للنفط الخام والمشتقات البترولية بكميات كبيرة
أما الحديث عن تراجع التضخم فقد كانت نسبة التضخم عام 2019 أقل من 2 في
المائة قبل تولي تبون، ثم زاد معدل التضخم تدريجيا في عهده إلى 2.4 في المائة
بالعام الأول، ثم إلى 7.2 في المائة بالعام الثاني لتصل نسبته 9.3 في المائة بالعامين
الماضيين، لكن السفير يذكر نسبة التضخم في حزيران/ يونيو من العام الحالي بعد عدد
من الإجراءات، التي اتخذها البنك المركزي لتقليص السيولة في السوق ومنها زيادة الاحتياطي
الإلزامي، من ودائع البنوك لدى البنك المركزي، واسترجاع السيولة التي ضخها المركزي
في عام ظهور فيروس كورونا.
بطالة الشباب تتخطى 30 في المائة
ومع زهو السفير بارتفاع معدل النمو بالعام الماضي إلى 4.2 في المائة كأعلى
نسبة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وبعد الانكماش الذي لحق بالاقتصاد الجزائري
بنسبة خمسة في المائة عام 2020، فقد حقق الاقتصاد الجزائري معدلات نمو زادت عن
الخمسة في المائة عامي 2004 و2005 وعام 1998، وعن 6 في المائة عام 2003.
وإذا كان تبون يتباهي بأنه قد أنهي الدين الخارجي لبلاده، فقد تولى السلطة
والدين الخارجي كان 3.830 مليار دولار عام 2019، وبلغ 3.186 مليار دولار في نهاية
العام الماضي، بنقص 644 مليون دولار. ويرى صندوق النقد الدولى أن تقليص الاقتراض
الخارجي والاعتماد على المصارف الجزائرية لتمويل عجز الموازنة المزمن، يزيد من
صعوبة تمويل تلك المصارف للشركات المحلية. وهو ما تكشفه بيانات البنك المركزي الجزائري أن أرصدة القروض بنهاية العام
الماضي قد بلغت 10.698 مليار دينار، أى أقل من أرصدة القروض المصرفية عام 2019 حين
بلغت 10.858 مليار دينار، كما تراجعت نسب نمو القروض بالعاميين الماضيين.
وتفادى السفير الجزائري الحديث عن نسبة البطالة التي بلغت 11.8 في المائة
بالعام الماضي، ووصلت 30.8 في المائة بين الشباب في سن 15-24 سنة، وتراوحت ما بين
27.4 في المائة للشبان و46 في المائة للشابات، وكذلك سعر الصرف للدينار الجزائري
أمام العملات الأجنبية، والذي تدهور في عهده من 119.4 دينار للدولار الواحد كمتوسط
لما قبل توليه في عام 2019، واستمر بالهبوط أمام الدولار إلى 135.8 دينار للدولار في
العام الماضي، بانخفاض 14 في المائة، بما لذلك من أثر سلبى على أسعار السلع
المستوردة. وكان سعر الصرف قد بلغ حوالي 142 دينارا عام 2022، لكن موارد زيادة سعر
النفط والغاز الطبيعي حسنت موقفه جزئيا في العام الماضي.
وعندما يبلغ نصيب المواطن من الدخل القومي 4960 دولارا، في المركز 120 بين
دول العالم في العام الماضي، فهو رقم يقل كثيرا عن المتوسط العالمي البالغ أكثر من
13 ألف دولار، ولا يتسق مع دولة مصدرة للنفط الخام والمشتقات البترولية بكميات
كبيرة.
مركز متأخر بمؤشر ممارسة الأعمال
المشكلة الرئيسة للاقتصاد الجزائري هي كبر النصيب النسبي لصادرات النفط والغاز الطبيعي من مجمل الصادرات لتتخطى نسبة 90 في المائة عادة، كما تمثل الإيرادات القادمة من قطاع الطاقة أكثر من نصف إيرادات الموازنة الحكومية، وهي الموازنة المصابة بالعجز المزمن في السنوات العشر الأخيرة، وتوقع صندوق النقد الدولي استمرار هذا العجز حتى عام 2029
كذلك استمرار العجز في الموازنة طوال السنوات الأربع الأولى من تولي تبون،
كما توقع صندوق النقد الدولي ارتفاع نسبة العجز في العام الحالي إلى 8.5 في المائة
مقابل نسبة 3 في المائة بالعام الماضي، وارتبط ذلك بارتفاع قيمة الدين العام
الداخلى بلا انقطاع طوال السنوات الأربعة الأولى لتبون، لترتفع من 8.751 مليار
دينار عام 2019 إلى 15.920 مليار دينار، وترتفع كذلك نسبة الدين الداخلي إلى الناتج
المحلي الإجمالي من أقل من 43 في المائة عام 2019 إلى حوالي 49 في المائة بالعام
الماضي.
كما تراجعت قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر ما بين عام 2019 حين بلغت 1.382
مليار دولار، والعام الماضي بنقص 166 مليون دولار عن الرقم السابق، نظرا لتراجع
مركز الجزائر بمؤشر ممارسة الأعمال لرقم 157 من بين 190 دولة في المؤشر، وكان
ترتيبها في مؤشر الحصول على الائتمان 181، وفي مؤشر حماية المستثمرين الأقلية 179،
وفي مؤشر التجارة عبر الحدود 172، وفي مؤشر تسجيل المُلكية 165، كما احتلت المركز
117 في مؤشر الفساد العالمي عام 2021، والمركز 146 في تصنيف حرية الصحافة من قبل
منظمة مراسلون بلا حدود.
والمشكلة الرئيسة للاقتصاد الجزائري هي كبر النصيب النسبي لصادرات النفط
والغاز الطبيعي من مجمل الصادرات لتتخطى نسبة 90 في المائة عادة، كما تمثل
الإيرادات القادمة من قطاع الطاقة أكثر من نصف إيرادات الموازنة الحكومية، وهي
الموازنة المصابة بالعجز المزمن في السنوات العشر الأخيرة، وتوقع صندوق النقد
الدولي استمرار هذا العجز حتى عام 2029.
وهكذا بلغ نصيب الصادرات السلعية خارج نطاق قطاع الطاقة بمجمل الصادرات 5.9
في المائة قبل تولي تبون، لترتفع إلى 8.7 في المائة بالعام الأول له، وتنخفض إلى 6.7
في المائة بعدها، ثم ترتفع إلى 9.1 في المائة بالعامين الأخيرين، وهكذا نجد أن
قيمة صادرات المواد الغذائية قد انخفضت من 408 ملايين دولار عام 2019 إلى 269
مليون في العام الماضي، ولم تزد قيمة صادرات التجهيزات الصناعية سوى بمليون دولار
فقط؛ من 83 مليون دولار إلى 84 مليون خلال نفس فترة المقارنة.
x.com/mamdouh_alwaly