بينما كان وزير الخارجية الأمريكي ينتظر من يستقبله في مطار الدوحة مساء
الثلاثاء الفائت، كان وزير الخارجية
القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني منغمسا في
بحث العلاقات الثنائية مع نظيره النيوزلندي موراي ماكولي.
لم يحظ أنتوني بلينكن بحفاوة الاستقبال التي قوبل بها الوزير النيوزلندي، إذ
انشغل وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني مع نظيره النيوزلندي الذي أشاد
بدور دولة قطر الفعّال في الجهود المبذولة لإيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا ودعمها
الدائم للقضية الفلسطينية؛ في مقابل تقدير قطري على لسان رئيس الوزراء ووزير
الخارجية محمد بن عبد الرحمن للدور الذي قامت به نيوزيلندا خلال رئاستها لمجلس الأمن
العام الماضي، بالتحرك لوقف الاستيطان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، وحثها
أعضاء مجلس الأمن لإظهار القيادة إزاء الأزمة في سوريا؛ أدوار تفوقت فيها نيوزلندا
وقطر على الولايات المتحدة.
فدور البلدين يعد مفتاحا حقيقيا للاستقرار في المنطقة؛ خلافا للدور الأمريكي
في مجلس الأمن وفي ساحات الحرب في
غزة وشرق المتوسط والبحر الأحمر، حيث يسعّر
الصراعات ويغذيها بالسلاح في ميادين القتال ويغطيها بالفيتو داخل مجلس الأمن، فأمريكا
جزء من المشكلة، إن لم تكن المشكلة ذاتها في فلسطين والمنطقة العربية وغرب آسيا.
كان لافتا اعتذار أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عن لقاء بلينكن؛ بسبب وعكة صحية تزامنت مع الزيارة، بحسب زعم وكالة الانباء الفرنسية، مكتفيا باتصال هاتفي رحب فيه بالزائر الأمريكي، الذي أفرغ ما في جعبته في يافا (تل أبيب)؛ بإظهار الدعم لنتنياهو وتبني شروطه الجديدة، في مقابل اتهام حماس بإعاقة التوصل لاتفاق، ومطالبته الوسطاء المصريين والقطريين بممارسة الضغوط على المقاومة.
كان لافتا اعتذار أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عن لقاء بلينكن؛ بسبب
وعكة صحية تزامنت مع الزيارة، بحسب زعم وكالة الانباء الفرنسية، مكتفيا باتصال
هاتفي رحب فيه بالزائر الأمريكي، الذي أفرغ ما في جعبته في يافا (تل أبيب)؛ بإظهار
الدعم لنتنياهو وتبني شروطه الجديدة، في مقابل اتهام حماس بإعاقة التوصل لاتفاق،
ومطالبته الوسطاء المصريين والقطريين بممارسة الضغوط على المقاومة؛ لإجبارها على
القبول بشروط نتنياهو التي أُعطيت مسمى مقترح سد الفجوات في مقترح اتفاق بايدن.
وفي كل الأحوال، فإن وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية محمد بن العزيز بن
صالح الخليفي، التقى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في الدوحة مساء
الثلاثاء، وبحث معه آخر تطورات الأوضاع في غزة، لينهي بلينكن زيارته الفاشلة
والاستفزازية للمنطقة، دون تحقيق اختراق في
المفاوضات التي تعطلت فيها الوساطات
التي حركها مدير وكالة المخابرات المركزية (CIA) وليام بيرنز قبل ذلك بأيام،
وهو ما علقت عليه الصحافة العبرية والأمريكية بالقول؛ إن تصريحات بلينكن هددت بانهيار
المفاوضات. ومن الواضح أنها الحقيقة التي أفضت إلى وقف الوسطاء تعاونهم مع بلينكن،
بعد أن ألقى بجهود مدير وكالة المخابرات الأمريكية (CIA) وليام
بيرنز في القمامة.
وليام بيرنز، أعاد الحياة للدبلوماسية الأمريكية بعد تصريحات بلينكن المثيرة
للجدل في يافا بداية الحرب، قال فيها: جئتكم كيهودي لا كوزير خارجية لأمريكا، فخبرة
بيرنز الطويلة في وزارة الخارجية الأمريكية، ومعرفته العميقة بالمنطقة العربية
كدبلوماسي وسفير سابق وكرجل استخبارات معروف، جعلته الأقدر على إنعاش الدبلوماسية
الأمريكية قبل وفاتها، فهو أكثر قبولا في المنطقة وأقدر على اقتراح المبادرات، التي
لم تصمد رغم ذلك أمام تطرف بلينكن ونتنياهو ومن خلفهم جو بايدن، الذي عكس صهيونيته
وفشله الدبلوماسي بتعيين بلينكن في وزراة الخارجية، في حين كان الأجدى تعيين بيرنز
لخبرته الطويلة والممتدة التي بلغت روسيا، حيث خدم سفيرا في موسكو في مرحلة مهمة
من تاريخ العلاقة معها.
الفشل الأمريكي مركب في بنيته الأيديولوجية المتطرفة وهيكليته المؤسسية المضطربة؛ على نحو أفضى لتراجع مكانة الدبلوماسية الأمريكية وتفاقم أزمتها، بتحول وزير الخارجية بلينكن إلى شخص غير مرغوب فيه في عدد من عواصم الإقليم.
الفشل الأمريكي مركب في بنيته الأيديولوجية المتطرفة وهيكليته المؤسسية المضطربة؛
على نحو أفضى لتراجع مكانة الدبلوماسية الأمريكية وتفاقم أزمتها، بتحول وزير
الخارجية بلينكن إلى شخص غير مرغوب فيه في عدد من عواصم الإقليم، كان أولها
العاصمة الأردنية عمّان بعيد مجزرة المستشفى المعمداني في 17 من تشرين الأول/ أكتوبر
بداية العدوان على قطاع غزة، ليتكرر المشهد مع أحد أهم الوسطاء في الدوحة، التي تعاملت
معه كعبء ومعيق ومثبط لدورها الإيجابي، الذي حرصت عليه منذ بداية العدوان والحرب
على قطاع غزة.
الطريف، أنه في ختام اللقاء بين وزير خارجية قطر محمد عبد الرحمن آل ثاني
ووزير خارجية نيوزلندا (موراي ماكولي)، وقع الطرفان اتفاقية في مجال الصحة وسلامة
الأغذية، في حين لم يوقع الأمريكان بمن فيهم بايدن وبلينكن على شيء، ليخرجا خاليي الوفاض من المنطقة، إلا من أساطيل متحفزة لتصعيد، من الممكن أن يفضي لهبوط أسهم
الحزب الديمقراطي ومرشحته الرئاسية كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية
والتمثيلية المقبلة، فهل خان بلينكن رئيسه بايدن لصالح المرشح الجمهوري المنافس
دونالد ترامب المفضل لدى رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو؟ لا أحد يعلم، ولن يتمكن أحد
من الإجابة عن هذا السؤال الغريب في صياغته، والمباغت في طرحه للمسألة والمشكلة الأمريكية
في المنطقة والعالم.
ختاما.. عالم تحكمه القيم الأمريكية ورأسمال المال الملطخ بدماء الشعوب، كل
شيء ممكن بما فيها الخيانة، فهي ليست المرة الأولى التي خذل فيها بلينكن الحزب الديمقراطي،
أو الأخيرة التي عبث فيها بأعصاب بايدن المتعبة، الذي تعرض بدوره وفي أقل من 24
لصفعة قاضية من نتنياهو؛ نفى فيها الأخير التعاطي بمرونة مع طرح بايدن لوقف القتال
وإن كان لفظا أو مجاملة، محرجا بذلك الرئيس أمام ناخبي حزبه الديمقراطي في أمريكا،
فبعد اتصاله البائس يوم أمس الخميس، الذي روج له كحدث انتخابي للحزب الديمقراطي، تحول بفعل نفي نتنياهو، إلى حدث وكسب انتخابي للحزب الجمهوري ومرشحه دونالد ترامب.
x.com/hma36