سياسة دولية

أفقدتهم ملايين المتابعين.. كيف يمكن البناء على نجاح حملة حظر المشاهير نصرة لغزة؟

نجمة تلفزيون الواقع كيم كرداشيان خسرت 929 ألفا على إنستغرام بسبب حملة حظر المشاهير- الأناضول
نجمة تلفزيون الواقع كيم كرداشيان خسرت 929 ألفا على إنستغرام بسبب حملة حظر المشاهير- الأناضول
بعد مرور ما يقرب من أسبوعين على انطلاق حملة حظر المشاهير "بلوك آوت" التي انطلقت بسبب دعم بعضهم للاحتلال الإسرائيلي وتجاهل معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، تُثار تساؤلات عن مدى نجاحها والفائدة المرجوة منها.

وكانت الحملة قد انطلقت في البداية عالميا ثم بدأت بالانتشار عربيا، فهي ليست موجهة فقط للمشاهير الأجانب بل أيضا العرب الذين اعتبر المتابعون العرب أن معظمهم كانوا مُقصرين في نصرتهم لقطاع غزة ودعمهم لنضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي.


وجاءت الحملة بعد حفل ميت غالا-Met Gala الذي يعرض فيه المشاهير أحدث صيحات الموضة، وقد أثار هذا الحفل الجدل لأنه أظهر كيف يصرف هؤلاء المشاهير ببذخ في هذه المناسبات في الوقت الذي يموت فيه سكان غزة من الجوع.

وفي ذات الحفل أيضا، أثارت عارضة الأزياء هيلي بيلي الجدل بعد أن قامت بتصوير فيديو تقوم فيه بمزامنة شفتيها مع عبارة "دعهم يأكلوا الكعك"، وتعرضت بسببه لهجوم واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، ما دفعها إلى إصدار توضيح ملابسات ما حدث.



ووفقا للأرقام المنشورة على موقع "socialblade" المتخصص في تحليلات وسائل التواصل الاجتماعي، والتي اطلعت عليها "عربي21" فقد خسر بعض المشاهير نسبة لا بأس بها من المتابعين منذ بدء الحملة.

فمثلا خسرت المغنية والممثلة ريهانا نحو 58 ألف متابع على منصة إكس، أما المغنية والممثلة سيلينا غوميز فقد خسرت منذ بدء الحملة مليونا و159 ألف متابع على "إنستغرام"، و117 ألف متابع على منصة إكس (تويتر سابقا).

اظهار أخبار متعلقة


أما نجمة تلفزيون الواقع كيم كرداشيان، فخسرت 929 ألفا على "إنستغرام"، و91 ألفا على منصة إكس، بينما خسرت الممثلة والمغنية زيندايا 342 ألف متابع على "إنستغرام" و43 ألفا على منصة إكس.

كذلك خسرت كايلي جينر وهي نجمة تلفزيونية 637 ألف متابع على "إنستغرام". أما المغنية وكاتبة الأغاني بيلي إيليش، فخسرت نحو  611 ألف متابع على "إنستغرام".. بينما خسرت المغنية بيونسيه نحو 789 ألف متابع على "إنستغرام".

"تحميل المسؤولية للصامتين"
وفي ظل الاستجابة الواسعة للحملة، فإنه كان لا بد من معرفة مدى نجاحها وتأثيرها على أرض الواقع في غزة، وهل ساهمت في توعية المتابعين المتزمتين لهؤلاء المشاهير أم لا؟

الاستشاري في الإعلام الجديد خالد صافي، قال إن "الحملة انطلقت عالميا ثم عربيا وكانت قوية جدا لأن عددا كبيرا جدا من الناس انخرطوا فيها وغردوا على الهاشتاغ الخاص بها، أيضا رأينا نتائجها مباشرة من خلال إلغاء متابعة عدد كبير من هؤلاء المشاهير وحظرهم، وهناك فرق كبير جدا في عدد متابعي حسابات هؤلاء المشاهير تناقصا نتيجة الحملة التي ما زالت مستمرة حتى الآن".

وحول تأثير الحملة قال صافي لـ"عربي21": "هي ربما عبارة عن طوفان جديد يسمى طوفان المشاهير، فبعدما استطاعت غزة أن تحرك كل الشرائح المجتمعية، ها هي الآن تحرك المتواجدين على مواقع التواصل الاجتماعي لإدانة كل من صمتوا على إبادتها وجعلهم في خانة المصطفين إلى جانب الاحتلال، ولأجل ذلك فهي نوع من التوعية وطرق الأبواب، وهي أيضا نوع آخر من تحميل الجهات الصامتة المسؤولية عن ما يجري في قطاع غزة".

وأكد أن "غزة قد تستفيد من هذه الحملة لو أن هؤلاء المشاهير عادوا إلى صوابهم وقاموا بعملية النشر والحديث عن غزة، وبالتالي فسيكون كلامهم أو رسالتهم أو صورهم أو تغريداتهم موجهة إلى مجتمعات تعيش حاليا في عالم مواز".

وتابع: "هؤلاء المشاهير لديهم من الجماهير ممن لم يسمعوا عن غزة وممن لا يريدون أن يعرفوا شيئا عنها، والذين لو وصلتهم أي رسالة من هؤلاء من المشاهير والمؤثرين فقد تُغير في قناعاتهم وقد تجعلهم يتحركون إلى الميادين".

وأوضح أن "هؤلاء المشاهير لهم وزن مجتمعي ومؤثر، وبالتالي فقد يضغط هذا الأمر على الحكومات وعلى الجهات الرسمية والسيادية في الدول لتغيير قناعاتها تجاه ما يجري في غزة لو أنهم رفعوا سيفهم وتحدثوا بأنهم يناصرون الحق وأهل غزة، ولأجل ذلك فإنها ستستفيد غزة لو فعلا كان لهؤلاء المشاهير صوت إلى جانبها من خلال نشرهم للجرائم وانتهاكات الاحتلال بحق المدنيين والأطفال فيها".

وعن مدى استجابة هؤلاء المشاهير للحملة، قال صافي: "حتى اللحظة لا يوجد بوادر لهذه الاستجابة، وكل ما يوجد هو عملية تبرير منهم لعدم انخراطهم، ومعظم ما وصل منهم هو عملية تبرير صمتهم وليس رغبة منهم في تعديل مسارهم".

وأضاف: "ربما كان هناك واحدة من المشاهير وهي هايلي بايلي من قد استجابت نوعا ما، حيث اعتذرت عن كلمة قالتها وهي ’فليأكلوا الكعك’ واعتذرت عن الملابسات التي فُهم فيها المشهد من أنه ما بين أغنياء في طبقة غير مهتمة إطلاقا بفقراء وفلاحين على اعتبار أنها عبارة قيلت في زمن سابق".

وخلص إلى القول: "أما أن يعتذر بعض المشاهير الصامتين ويغردوا للقضية حتى الآن فلم يحدث ذلك، لكن الحدث الوحيد الذي تم أو لمسناه بشكل كبير على المنصات هو نقصان عدد من المتابعين بشكل كبير جدا، وهذا قد يكون له أثر إيجابي عندما يتم تصدير مشاهير آخرين إيجابيين يتحدثون عن القضية وينزوي الآخرون من المشهد، أي أن يفردوا مساحة أكبر للمحتوى الفلسطيني الإيجابي للظهور".

زيادة الوعي
من جهته قال الخبير في التسويق الإلكتروني والإعلام الجديد محمد أبو سليم، عن جدوى الحملة: "هناك عدة نقاط رئيسية: أولا، هي تساعد في زيادة الوعي حول القضايا الإنسانية بشكل عام والوضع في غزة بشكل خاص، من خلال إثارة النقاش العام وتسليط الضوء على المواقف السلبية لبعض المشاهير، لأن الناس والجماهير بشكل عام ينتظرون من المشاهير الذين يتابعونهم ويسمعون لهم على الأقل أن يكون لهم مساهمات إيجابية في هذه القضية".

وتابع أبو سليم في حديث خاص لـ"عربي21": "أما القنطة الثانية المهمة فهي المساءلة الاجتماعية، فعند حظر أو مقاطعة بعض المشاهير الذين يتجاهلون القضايا الإنسانية فإن هذا يُرسل رسالة قوية لهم  مفادها أن الجماهير لا تتسامح مع من يتجاهل القضايا العادلة في الوطن العربي وخصوصا القضية الفلسطينية والأحداث الجارية في غزة".

وأوضح أن "هذه المساءلة الاجتماعية قد تدفع المشاهير والشركات للتفكير مليا في مواقفهم وتصريحاتهم، لكي يراعوا ويعلموا أنهم سيتعرضون للمساءلة المجتمعية من الجمهور بشكل مباشر".

ووفقا لأبو سليم فإن "التأثير الاقتصادي هو الأمر الثالث المُعبر عن جدوى هذه الحملة، حيث ستؤثر مقاطعة وحظر المشاهير على عقود الرعاية، وبالتالي فإن الشركات الراعية ستفكر مرتين وثلاثة قبل أن تتعامل مع أي من هؤلاء المشاهير الذين تم حظرهم".

اظهار أخبار متعلقة


وحول تأثير هذه الحملة على غزة وما إذا كانت ستستفيد منها أم لا، فإنه قال: "هناك عدة جوانب ونقاط مهمة، أولا تحويل الانتباه إلى القضية الفلسطينية، بمعنى أن تساهم هذه الحملة بتسليط المزيد من الضوء على قضية الشعب الفلسطيني وعلى ما يحدث في غزة، وهذا يساعد لاحقا في الضغط على الحكومات والمؤسسات الدولية لاتخاذ إجراءات معينة".

وتابع: "النقطة الثانية وهي مهمة جدا، وهذا شهدناه بشكل صريح وواضح في العالم وهو التضامن الدولي، حيث إن هذه الحملات تشجع التضامن الدولي وتولي دعما أكبر للفلسطينيين من قبل الشعوب في مختلف أنحاء العالم".

إلا أن أبو سليم يرى أن "تأثير هذه الحملة على الأرض للأمانة سيكون محدودا، رغم أن الحملات الرقمية بشكل عام ترفع الوعي وتساهم في إحداث نقاش ورأي عام، ولكن تأثيرها المباشر على الأرض سيكون محدودا".

واستدرك بالقول: "ولكن إذا تمت ترجمة زيادة الوعي لدعم مالي وإنساني على المدى الطويل هنا فستكون الفائدة عظيمة جدا، بمعنى أننا لا نريد فقط رفع وعي الناس وأن يتضامنوا بالكلام فقط، بل نريد ترجمة هذا الأمر لدعم مالي وإنساني ليس فقط الآن، بل على المدى الطويل أيضا".

وأكد أن "هناك تحديات قد تواجه هذه الحملة، وأحدها تحدي الانتقائية والتوجيه، بمعنى وفق ما أتوقع أن تواجه بعض الحملات حالات انتقائية، أي توجيه الغضب نحو فرد معين دون التركيز على الحلول الشاملة".

وفسر هذه الانتقائية المتوقعة بالقول: "اختيار بعض المشاهير وترك البعض الآخر، والتركيز على قضية انتقادهم دون تقديم حلول أخرى، ثانيا قد نواجه ردود فعل عكسية، مثلا قد نجد مشهورا عليه حملة مقاطعة تأخذه العزة بالإثم ويقوم بعمل عكسي، ولهذا فإننا لا نريد زيادة الاستقطاب في هذا الموضوع، فالفكرة هي بالتضامن وليس بمزيد من الاستقطاب".

وخلص إلى القول: "يمكن إدارة نجاح هذه الحملة وتحويله إلى واقع ملموس على أرض الواقع، عبر جعلها جزءا من استراتيجية أكبر تتضمن الضغط السياسي والدعم الإنساني الفعلي على أرض الواقع، ولكن إن بقيت هذه الحملة ضمن الإطار الرقمي والافتراضي فلن يكون لها تأثير كبير للأسف".



التعليقات (0)