المعركة التي يخوضها الشعب
الفلسطيني في
أرضه المحتلة، ومواجهته للعدوان على
غزة، وتصديه المستمر لإرهاب المستعمرين في مدن
وقرى الضفة، هما العقدة المفصلية التي سيتقرر في ضوء حسمها مستقبل هذا الشعب
وقضيته الوطنية سنوات إلى الأمام، وخط التعاطي العربي والفلسطيني والدولي مع هذه
المعركة، ومع سياسات المستعمر الصهيوني فضحت جل الأوهام والنفاق والغدر والتآمر
على الفلسطينيين وقضيتهم أولاً ثم على قضايا العرب المختلفة تالياً، وهو ما يلقي
أعباء مضاعفة على عاتق الفلسطينيين وحركتهم التحررية من
احتلال استعماري استيطاني،
اضطلعت بها منذ زمن بعيد فصائل وقوى وأحزاب وحركات ثورية فلسطينية، ثم نزح عنها
جزء من سلطة الفلسطينيين والعرب، واغتًصبت شعاراتها وفًتت قدراتها وشًيطنت
مقاومتها لصالح وهم "السلام" والتطبيع مع المستعمر لتطويع الفلسطينيين
ومحاولة كي وعيهم بإحكام القبضة على ما تبقى من الأرض، باستمرار شن المؤسسة
الصهيونية
حرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني على مرأى ومسمع العالم وصمته.
وفي هذه المعركة المستمرة، كان استخلاص معظم
النظام العربي السعي السيئ نحو الارتباط النهائي بالمصلحة الغربية الأمريكية
المشكلة مظلة حماية دائمة للمشروع الصهيوني، وليس السعي لاستخلاص عبر الانتكاسات
الواسعة التي تعرضت لها مصالح تلك الأنظمة بالنزوح المستمر عن قضايا شعوبها
وقضيتها المركزية "فلسطين" التي تفشل في شحذ الهمم وبلورة سياسة عربية
مشتركة بحدودها الدنيا أي من منطلق تحسين الارتباط العربي بالغرب والولايات
المتحدة لصالح القضية الفلسطينية، أو للدفاع عن مصالحها الوطنية والعربية بلجم
شهية العدوان الصهيوني.
لكن مسألة الجمع بين القمع والتطويع
واستخدام كافة أساليب التضليل وتزييف الوعي العربي وربط كل تحرك وتعبير بـ "الإرهاب"
من أجل إجهاض معظم تطلعات الشوارع العربية كان له دور مخزٍ ومغزى غير مختلف عما
شهدته فترة الثورات العربية والإنقلاب عليها، وكان من "الطبيعي" اليوم
أن تلقي المؤسسة الصهيونية بكل ثقلها الإجرامي والوحشي على الشعب الفلسطيني لصالح
هذا الاستخلاص العربي والفلسطيني الرديء الذي أثبت فشله وانهياره الكلي لحظة وقوع
جرائم الإبادة الجماعية في غزة، والمستمرة على نفس النسق الصهيوني الذي لا يخفي
تمحوره حول نزعته وسمته الفاشية اتجاه الفلسطينيين والعرب.
المشكلة كانت وما زالت تكمن في وجود الاحتلال وفي مشروعه الاستعماري وتطبيقه لنظام الفصل العنصري، والمشكلة العربية عدم قراءتها لجوهر هذا المشروع، وقراءته من زاوية مهينة يًصعب على ضحايا هذا المشروع من الفلسطينيين امتلاك مقومات التعافي لتحديد المصير والمستقبل
لذلك إن غياب تضامن عربي وإسناد حقيقي للشعب
الفلسطيني يقوم على الحاجات الفعلية لتمكينه من الصمود فوق أرضه ومواجهة سياسات
إبادته وطمس حقوقه، قادت في هذه المرحلة إلى مزيد من التفكك العربي والتبعية
لمصالح بعيدة عن مصلحة الشارع العربي والفلسطيني، ومن خلال تبديل بوصلة العداء
للمشروع الصهيوني وسياساته العدوانية وصولاً للتخندق والتحالف معه ، مما يفاقم
التناقضات والمشكلات الاجتماعية والسياسية والأمنية وينذر باعادة الانفجار الثاني بمجتمعات
عربية التي يقع في صلب قضاياها مسألتين
هامتين : قضية الديمقراطية والمواطنة والحريات المختلفة، وقضية التعبير بالإطار
العام بمسألة اسناد قضية فلسطين والدفاع عنها.
فلا يعقل أبداً، أن يكون التغني العربي
محصوراً بالإشادة بشعوب غربية تناصر عدالة القضية الفلسطينية، وتقف بوجه سياسات
حكوماتها المنافقة لجرائم الإبادة الصهيونية في غزة، وتضغط شعوب أخرى على حكوماتها
لقطع العلاقة مع اسرائيل وسحب سفرائها ووقف تزويدها بالسلاح، بينما السياسات
العربية متفرجة على ما يجري، حتى في المواجهة الأخيرة بين الاحتلال وإيران التي
ردت على استهداف مصالحها التي ازدهرت واتسعت بالمنطقة نتيجة رداءة المواقف الرسمية العربية بالتعاطي
مع المسائل الهامة ومن ضمنها قضية التخلي عن مظهر الحليف الحقيقي للضحايا
الفلسطينيين والاستعلاء على قضايا عربية مهمة، وتجنب طرح البرامج والسياسات
وتنفيذها على أرض الواقع جعل منها تكتفي بتوجيه المخاطر بعيداً عن العقدة المفصلية
التي تحوم حولها معظم القضايا.
إن المشكلة كانت وما زالت تكمن في وجود
الاحتلال وفي مشروعه الاستعماري وتطبيقه لنظام الفصل العنصري، والمشكلة العربية
عدم قراءتها لجوهر هذا المشروع، وقراءته من زاوية مهينة يًصعب على ضحايا هذا المشروع من الفلسطينيين
امتلاك مقومات التعافي لتحديد المصير والمستقبل، وعليه، مفترض أن تقود جميع
التطورات والمتغيرات الحاصلة بالمواجهة التي يخوضها الشعب الفلسطيني إلى إحداث
حالة تقارب كبير بين القوى الفلسطينية أولاً، وحسم الجدل أين تكمن مشكلتنا
واستغلال التحولات العالمية العاصفة بشوارع وعواصم حول الأرض تندد بجرائم الإبادة
وتناصر عدالة الحقوق الفلسطينية، و بإعادة النظر إزاء أوهام كثيرة حول "
السلام " وبالاتجاه نحو إعلاء شأن الشارع الفلسطيني والعربي، والذي بدونهما
لن يكون هناك فسحة تسمح بتبديد عقدة استعادة عافية فلسطينية وعربية ترد على همجية
صهيونية وتفكك سردية النفاق والتزوير، و بشروط تجعل العربي والفلسطيني حراً بأثرٍ محدد وملموس على الأرض.