"من شبه دولة وليست دولة حقيقية" عام 2016، إلى "والله العظيم أنا ما لقيت بلد أنا لقيت أي حاجة وقالوا لي خد دي" عام 2024.. لم تتغير رؤية رئيس النظام عبد الفتاح
السيسي لمصر رغم استمراره في الحكم نحو عقد من الزمن بشكل مطلق لم يستطع خلاله من النهوض بالبلاد.
تصريحات السيسي التي أثارت ردود فعل غاضبة بسبب الحديث عن
مصر بهذا الاستخفاف والتقليل من شأنها، جاءت خلال كلمته في الندوة التثقيفية التي نظّمتها القوات المسلحة احتفالا بيوم الشهيد، السبت، في سياق استعراض التحديات التي تمر بها مصر في العقد الأخير.
وقال سياسيون ومحللون لـ"عربي21" إن السيسي تناسى أن مصر منذ ثورة الجيش في عام 1952 مرورا بالانقلاب العسكري في 2013 كانت تحت قيادة المؤسسة العسكرية، وكان عام 2012 الذي فاز فيه الرئيس الأسبق، محمد مرسي، هو الاستثناء الوحيد الذي حكم فيها مصر مدني منتخب.
تصريحات السيسي
كلمة السيسي المرتجلة خلال الندوة تضمنت تصريحات أخرى صادمة وكاشفة ومتناقضة، فضلا عن الهروب من المسؤولية بصورة أقل ما توصف به هو السوداوية، وقد كرر أن مصر إمكانياتها قليلة، بعد جملته الشهيرة "إحنا فقرا أوي".
وأكد السيسي أنه لا يأبه بمعاناة الناس في سبيل جعل مصر دولة قادرة، قائلا: "قلت للمسؤولين أنا عملتها خلاص ولازم نتعب كلنا.. خليتها بلد قادرة على إنها تبقى بلد وتنطلق بعد كده.. طاب إحنا بنعاني بعد كده؟.. آه نعاني بس تبقى بلد."، ولكنها لم تصبح بلدا على حد قوله.
وأطال السيسي من أمد الأزمة الاقتصادية في بلاده، متجاوزا كل تصريحاته الماضية بأن مصر "هتكون في حتة تانية في عام 2020"، وقال: "تفتكروا ممكن تتحل الأزمة ومصر تبقى بلد وتاخد مكانها وسط الأمم في 10 سنين؟.. كل دولة تحتاج 75 سنة لتكون ذات شأن، وقال: "لم أعد المصريين أبدا أن التحديات ستنتهي في غضون سنة أو سنتين أو 10 سنوات".
"خيانة القسم وإهانة الوطن"
وصف رئيس المنتدى المصري "برلمانيون لأجل الحرية"، الدكتور محمد عماد صابر، تصريحات السيسي بأنها "تصريحات مشينة فيها إهانة لأكبر بلد في الشرق الأوسط من حيث التاريخ والمكانة والأهمية الاستراتيجية، والحقيقة أنه عندما قام بالانقلاب العسكري كان هناك بلد متماسك اجتماعيا ويخوض تجربة التعددية والحرية السياسية بنجاح كبير".
وأضاف خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "الانقلاب العسكري هو الذي قسم المصريين إلى شعبين، وأغرق مصر في الديون، ورهن قرارها السياسي لقوى إقليمية لم تكن يوما تجرؤ على منافسة مصر فضلا عن التحكم فيها، وباع نيلها وأرضها من تيران وصنافير إلى رأس الحكمة بثمن بخس دراهم معدودة".
اظهار أخبار متعلقة
وحمًل صابر السيسي "مسؤولية تخريب مصر وتجريفها وهو من قزمها ثم يصفها اليوم بأنها لم تكن بلدا ولا وطنا، وقبل ذلك وصفها بأشباه الدول، فجمع بين خيانة القسم وإهانة الوطن، وربما تكون أحاديثه المتكررة هذه سابقة لا مثيل لها في خطابات الحكام فكل حاكم إذا تحدث عن وطنه أظهر الفخر والاعتزاز والاحترام إلا هذا الرجل، كلما تكلم أهان الوطن، والذي لا شك فيه أن مصر كانت قبله بلدا عظيما وستبقى بعده بلدا عظيما وسيكون هو ومرحلته الوضيعة استثناء في تاريخ مصر".
"بأفعال السيسي مصر شبه دولة"
بدوره، قال البرلماني المصري المخضرم، عزب مصطفى، إن "تصريحات السيسي الأخيرة كما تعودنا دائما مليئة بالأكاذيب، جعل من مصر العظيمة التي عمرها من عمر التاريخ وحضارتها من أشهر الحضارات وتحتضن أكثر من 105 ملايين مصري خرقة بالية بوصفها "دي" منكرة. إن الذي أوصل مصر إلى هذه المنزلة هم العسكر منذ 1952".
وتساءل مصطفى في حديثه لـ"عربي21": "السيسي يقول أنا لم أجد بلدا. هل هناك مسؤول في أي دولة يتحدث عن بلده بهذا الشكل من المهانة؟ في عهده انهار الجنيه من 7 جنيهات إلى 50 جنيها للدولار، وبلغ الدين الداخلي 8 تريليونات جنيه، وورط البلاد في فوائد سنوية أكثر من 1.5 تريليون جنيه، ورفع مستوى التضخم إلى مستويات تاريخية، وكذلك قفز الدين الخارجي إلى رقم غير مسبوق، بهذه الأرقام أوصل السيسي مصر إلى شبه دولة وليس بشيء آخر".
"التنصل من مسؤولياته"
استهجن السياسي المصري، خالد الشريف، تصريحات السيسي التي حاول فيها أن يلبس الحق بالباطل، وقال: "إن السيسي وجه في خطابه إهانات بالغة للدولة المصرية وشعبها، وبلغت الإهانة أنه نزع عن مصر صفة الدولة الذي قام فيها بانقلاب عسكري على أول رئيس مدني منتخب".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف خلال حديثه لـ"عربي21": "السيسي منذ الانقلاب حطم حلم مصر في النهضة والتقدم، ولو كان هناك رجال في الدولة لحاكموا السيسي على بذاءاته وإهانته للدولة والشعب، والحقيقة أنه يريد أن يتنصل من مسؤوليته في تدمير مصر اقتصاديا وسياسيا، السيسي فرط في سيادة مصر وقزمها أمام أعدائها وهذه خيانة ارتكبها السيسي بعد حكمه مباشرة".
المتتبع لحكم السيسي، بحسب الشريف يجد أنه "فرط في تيران وصنافير، المضيق المائي الأهم في الدولة، وجرف رفح المصرية ومارس الإبادة في سيناء وصنع الإرهاب وحول سيناء لساحة حرب، ونجني ثمار ذلك في حرب غزة؛ مصر لا تستطيع رد العدوان ولا فتح المعبر وإسرائيل تتغطرس وتتبجح دون رادع، ومصر في عهد السيسي تقف ذليلة لا تستطيع إغاثة غزة عمقها القومي".