لجأ الكثير من
الكتاب في حديثهم عن القضية
الفلسطينية إلى الرمز، من هؤلاء المؤلف
المسرحي
المتفرد محمود دياب.
وفي هذا الإطار
الرمزي، وفي أعقاب حرب
أكتوبر، تأتي مسرحية دياب "رسول من قرية تميرة.. للاستفهام
عن مسألة
الحرب والسلام"، والتي كتبها عام 1974 ويعرض من خلالها العلاقة بين
المركز والأطراف، عبر التعرف منذ البداية على مجتمعي القرية والمدينة بسلبيات كل
منها.
فقرية تميرة قرية
مصرية شبه منعزلة عن المدينة لبعدها عنها، فالقطار لا يقف عندها، وحافلة الأقاليم
تتوقف أمامها للحظات.
ورغم كل ذلك،
فإن هناك خمسة من أبنائها مجندون، وبمجرد عودة أحدهم وهو "فكري أبو إسماعيل"
لقضاء إجازته، سرعان ما يبدأ الصراع بينه وبين عمه "دسوقي" الذي يريد
الاستيلاء على فدان الأرض الخاص بفكري وأخيه وأمهما، بدعوى أن أخاه قد باعه له قبل
وفاته، بشهادة اثنين من رجال دسوقي، اللذين يتأكد عدم صحة كلامهما عبر حوار والدة
فكري.
ورغم معرفة أهل
تميرة بشراهة العم، إلا أنهم لم يتخذوا موقفا فاعلا ضده لرده عن ظلمه لأبناء أخيه.
فيذكر "أبو عارف"، الممثل للرأي المستنير في القرية عبر حواره، بأن
تاريخ دسوقي مزدحم بوقائع الاستيلاء على الأملاك العامة والخاصة، ويأتي الدور على
أبناء أخيه.
لا يصل القرية
بالمدينة سوى الجريدة التي يتحرك أبو عارف بها دوما، والراديو الخرب الذي يحمله "محروس"،
وعبر صوته المتقطع، يعرفون نبأ قيام الحرب، فيقررون إيفاد أحدهم للمدينة لمعرفة ما
يدور ومصير أبنائهم، فيقومون بجمع المال اللازم لسفر أبي عارف.
وفي المدينة ذهب
لمقر إحدى الصحف لمقابلة أحد أبناء القرية التي يعمل فيها، فيفاجأ بسفره للخارج،
وبهذا لا يستطيع رسول القرية معرفة أية أنباء.
وعند العودة
للقرية، وتأنيب أهلها له لعدم توصله لأية معلومات عن أبنائهم، سرعان ما تصل سيارة
عسكرية تحمل جثمان فكري الذي استشهد في الحرب، مما دفع أهل القرية إلى التوحد في
مواجهة العم دسوقي، ومنعه من الاستيلاء على أرض فكري الذي استشهد وهو يدافع عن أرض
وطنه، في إسقاط رمزي واضح من دياب، على دسوقي وإسرائيل، في سعيهما المستمر
للاستيلاء على الأرض، وفي التأكيد في نهاية المسرحية، على استمرارية الحرب.