قررت محكمة مختصة بقضايا العمل أن طرد أستاذ في جامعة
بريستول البريطانية بذريعة
معاداة السامية بسبب آرائه عن
الصهيونية؛ لم يكن
قانونيا، مؤكدة أن التعبير عن مناهضة الصهيونية محمي بموجب القانون.
وكانت الجامعة قد طردت أستاذ علم الاجتماع ديفيد ميلر
في تشرين الأول/ أكتوبر 2021 بعد اتهامه بنشر تعليقات "معادية للسامية" على وسائل التواصل الاجتماعي في آب/ أغسطس من ذلك العام. وتمسكت الجامعة
بقرارها رغم تقرير لمحاميين كبيرين بأن ميلر لم يرتكب مخالفة، قبل أن تنتقل المعركة
في محكمة قضايا العمل التي جاء حكمها الذي نشر الاثنين ضمن 108 صفحات؛ بأن طرده
غير قانوني وينطوي على تمييز ضده.
اظهار أخبار متعلق
وقال ميلر إن فصله من الجامعة كان بسبب آرائه المناهضة
للصهيونية، وقررت المحكمة أن قرار الجامعة بفصل ميلر خاطئ ويعد تمييزا ضده بسبب
معتقداته السياسية، وهو ما اعتبره ميلر أيضا "نصرا لمؤيدي فلسطين في
بريطانيا".
وكتب ميلر عبر حسابه على منصة إكس: "على مدى
سنوات، مناهضو الصهيونية واجهوا مضايقات ورقابة في بريطانيا بسبب جهود اللوبي
الإسرائيلي. العديد من الناس واجهوا إجراءات تمييزية وفقدوا وظائفهم بسبب تعبيرهم
عن آرائهم المناهضة للصهيونية".
وكانت الجامعة قد تذرعت في قرارها لفصل ميلر بأن "طلابا
صهيونيين" شعروا بالإساءة بسبب تعليقاته. وقال ميلر: "كان واضحا من
الدليل الذي قدمه شهود الجامعة أنني طردت بسبب الطبيعة المناهضة للصهيونية
لتعليقاتي".
وتابع ميلر: "قبل أن أنقل قضيتي (للمحكمة) لم يكن
واضحا ما إذا كان الاعتقاد بفكرة أن الصهيونية عنصرية وإمبريالية وأيديولوجية استعمارية يمكن أن يكون محميا بموجب
قانون المساواة (لعام) 2010 باعتباره معتقدا فلسفيا".
وأضاف: "أنا فخور لأقول بشأن هذه القضية إننا
أثبتنا أن الآراء بمناهضة الصهيونية بالطريقة التي قدمتها يجب أن تكون محمية".
وعبّر عن أمله في أن تمثل هذه القضية "سابقة قضائية
في كل المعارك المستقبلية التي نواجه فيها أيديولوجيا العنصرية والإبادة الجماعية
للصهيونية والحركة المرتبطة بها".
وعبر ميلر عن شكره لقضاة المحكمة الذين قال إنهم ساروا
في الإجراءات بمهنية "ومنحوني (مساحة) استماع عادلة رغم الضغوط الخارجية".
وشدد ميلر على أن هذا الحكم يؤكد صحة "التوجه
الذي اتخذته خلال هذه الفترة، وهو أن الإبادة الجماعية وأقصى الصهيونية يمكن تحديه
بنجاح فقط من قبل أقصى مناهضة الصهيونية"، مضيفا: "الآن نحتاج لنشر حملة
تفكيك الصهيونية حول العالم حيثما رفعت الحركة الصهيونية رأسها البغيض"، حسب
تعبيره.
من جهته، قال الصحفي البريطاني جوناثان كوك إن حكم المحكمة
بعدم قانونية طرد ميلر "يعني أنه للمرة الأولى يتم الاعتراف بأن مناهضة
الصهيونية -الرأي بأن إسرائيل دولة عنصرية واستعمارية- محمية بموجب قانون المساواة".
وقال المحامي رحمن لوي، الذي يمثل ميلر: "أنا
سعيد من أجل موكلنا ديفيد الذي تمت تبرئته. شجاعته في مواجهة الحملة الوحشية التي
وُجهت ضده من قبل صهيونيين داخل وخارج الجامعة؛ الآن تراه وهو يمثل نموذجا للآخرين
الذين سوف يتبعونه".
وأضاف: "اللافت في القضية أنه عندما عبر ديفيد عن
آرائه بشأن الصهيونية والتي قادت لفصله؛ لم تكن معروفة على نطاق واسع، لكن الآن الإبادة
الجماعية التي ترتكبها إسرائيل حاليا نبهت العالم إلى المعتقدات التي يتبناها
ديفيد والتي عبّر عنها، وهي أن الصهيونية عنصرية بالوراثة وتجب معارضتها".
اظهار أخبار متعلقة
وأكد المحامي أنه سيسعى للحصول على تعويض مالي من الجامعة،
عن كامل الخسائر التي تكبدها موكله منذ قرار فصله.
وتسلط قضية ميلر الضوء على قضية
حرية التعبير في
الجامعات البريطانية، في ظل ضغوط حكومة المحافظين على الجامعات لتبني تعريف "التحالف
الدولي لإحياء ذكرى المحرقة" لمعاداة السامية.
وعقب تبني هذا التعريف في ظل تهديد الحكومة بقطع
التمويل عن الجامعات في حال عدم تبنيه؛ تعرض عدد كبير من الطلاب والأكاديميين
لإجراءات عقابية رغم أن غالبيتهم تمت تبرئتهم من تهمة معاداة السامية في نهاية
المطاف.
ويتضمن التعريف 11 مثالا توضيحيا لمعاداة السامية، غالبيتها
تتعلق بإسرائيل، وهو ما يعتبره خبراء في القانون ومدافعون عن حرية التعبير محاولة لمنع
انتقاد إسرائيل وسياساتها، كما يضيّق على حرية النقاش الأكاديمي وحرية التعبير في
الجامعات.
اظهار أخبار متعلقة
وكان تقرير سابق صادر عن مركز الدعم القانوني الأوروبي
(الذي يمثل طلابا وأكاديميين تعرضوا لإجراءات عقابية) وكلية لندن للاقتصاد، في
أيلول/ سبتمبر الماضي، قد دعا الحكومة إلى التراجع عن تعليماتها للجامعات لتبني
تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة لمعاداة السامية "لأنه غير مناسب
لمؤسسات التعليم العالي، التي لديها التزامات قانونية لتأمين الحرية الأكاديمية
وحرية التعبير".
وقال التقرير: "إن اتهامات معاداة السامية
الموجهة ضد الطلاب والموظفين في جامعات المملكة المتحدة غالبًا ما تستند إلى تعريف
معاداة السامية الذي لا يتناسب مع الغرض، ومن الناحية العملية، يقوض الحرية
الأكاديمية وحقوق الطلاب والموظفين في التعبير القانوني.. ويتعرض موظفو الجامعة
والطلاب لتحقيقات غير معقولة وإجراءات تأديبية بناءً على تعريف التحالف الدولي
لإحياء ذكرى الهولوكوست".