قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنه تلقى شهادات جديدة عن
تعرض معتقلين
فلسطينيين من قطاع
غزة ـ بمن فيهم نساء وأطفال ـ لعمليات
تعذيب قاسية
ومعاملة حاطة بالكرامة الإنسانية، بما في ذلك التعرية والتحرش الجنسي أو التهديد
به، مطالبًا بتحرك دولي عاجل لوقف تلك الانتهاكات.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي في تقرير له اليوم الاثنين، أرسل نسخة منه إلى
"عربي21"، أن فرقه تلقت شهادات من مجموعة من المعتقلين المفرج عنهم
خلال الأيام الماضية، بعد أن أمضوا مددًا مختلفة من الاعتقال تحدثوا فيها عن
تعرضهم لممارسات قاسية تصل إلى حد التعذيب، شملت ضربهم بشكل "وحشي
وانتقامي"، وإطلاق الكلاب تجاههم، وشبحهم لساعات طويلة، وتعريتهم من ملابسهم
بشكل كامل، وحرمانهم من الطعام والذهاب لدورات المياه.
وبين المرصد الأورومتوسطي أن أخطر ما تلقاه من شهادات هو تعرض
معتقلات لتحرش جنسي مباشر، موضّحًا أن عددًا من المعتقلات ـ رفضن الإفصاح عن
هويتهن ـ أبلغن أن جنودًا إسرائيليين تحرشوا بهن، بما في ذلك وضع أيديهم على أعضاء
خاصة، وإجبارهن على التعري وخلع الحجاب.
وأضاف الأورومتوسطي أن الجنود وجهوا كذلك تهديدات بالاغتصاب وهتك
العرض لمعتقلات ومعتقلين وذويهم، في إطار عملية التعذيب والابتزاز لإجبارهم على
الإدلاء بمعلومات عن آخرين.
وقال الأورومتوسطي إن ما نشرته وسائل إعلام إسرائيلية من تقرير عن
المعتقل الذي يحتجز فيه فلسطينيون من قطاع غزة، يؤشر على اعترافها بالتعذيب الممنهج
واستهتارها بمواثيق حقوق الإنسان التي تجرم التعذيب.
وأشار إلى أنه ظهر في هذا التقرير
معتقلون وهم مقيدون ومجبرون على
الجلوس على الأرض في وضع مهين وسط قفص حديدي يشبه الأقفاص التي تحتجز بها
الحيوانات، في تماهٍ مع ما سبق أن أعلنه وزير الدفاع الإسرائيلي بأنه يجري التعامل
مع الفلسطينيين في غزة كـ"حيوانات".
وقال الأورومتوسطي إن القوات الإسرائيلية تواصل إخفاء المعتقلين
قسرًا وتعريضهم للتعذيب والعنف الوحشي من لحظة الاعتقال حتى لحظة الإفراج التي تتم
لبعضهم.
وأعاد التذكير بأن منظمات حقوقية ـ بما فيها إسرائيلية ـ حاولت
الحصول على معلومات عن المعتقلين من غزة، إلاّ أن طلباتها جوبهت بالرفض من السلطات
الإسرائيلية، وتبين أنه يجري احتجاز المعتقلين من غزة في مراكز احتجاز جديدة
أقامها الجيش الإسرائيلي في أماكن مختلفة في النقب والقدس، يتعرض فيها المعتقلون—
بالإضافة إلى جريمة الإخفاء القسري- لأشكال قاسية من التعذيب والتنكيل والحرمان من
الطعام والماء.
وبيّن الأورومتوسطي أن الجيش الإسرائيلي يحتجز المعتقلين لأيام طويلة
دون سبب واضح، ويعرضهم للمعاملة القاسية والحاطة بالكرامة، ويمارس عليهم الإذلال
المتعمد، إضافة إلى إجبارهم على الهتاف لإسرائيل، وسب وشتم فصائل وشخصيات فلسطينية.
وأكد أن بعض المعتقلين تعرضوا لمساومات وعمليات ابتزاز من أجل
التعاون مع الجيش والشاباك الإسرائيلي مقابل التخفيف من تعذيبهم أو الحصول على بعض مما أسموها الامتيازات والإفراج عنهم.
وأشار إلى أنه لا يوجد عدد دقيق لأعداد المعتقلين من غزة، في حين
أعلن الجيش الإسرائيلي مؤخرًا أن عدد المعتقلين يبلغ 2300 معتقل، بينما تشير
تقديرات إلى أن عدد المعتقلين من واقع شهادات المفرج عنهم أكبر من ذلك بكثير وهو يصل
إلى عدة آلاف.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن معسكر "سديه تيمان"،
الذي يديره الجيش الإسرائيلي ويقع بين مدينتي بئر السبع وغزة جنوبًا ويُحتجز فيه
غالبية المعتقلين من قطاع غزة، تحول إلى سجن "غوانتنامو" جديد تمتهن فيه
كرامة المعتقلين وتمارس بحقهم أعتى أشكال التعذيب والتنكيل في ظل حرمانهم من
الطعام والعلاج.
وذكر المرصد الأورومتوسطي أنه تلقى شهادات سابقة عن وفاة اثنين من
المعتقلين داخل معسكر "سديه تيمان"، أحدهما مبتور القدم، ولم تعلن
إسرائيل رسميًّا -حتى وقت نشر البيان- عن وفاتهما.
وطالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إسرائيل بالكشف الفوري عن
مصير المعتقلين المخفيين قسريًا، بما في ذلك الإفصاح عن أسمائهم وأماكن تواجدهم،
وبتحمل مسؤولياتها كاملةً تجاه سلامتهم والوقف الفوري لعميات التعذيب وسوء
المعاملة.
وشدد الأورومتوسطي على أن قيام إسرائيل بممارسة هذه الاعتداءات
الوحشية ضد المعتقلين والمعتقلات الفلسطينيين والاعتداء على كرامتهم وتعمد إلحاق
الألم والمعاناة الشديدة لديهم على هذا النحو، يصل إلى حد ارتكابها لجريمة التعذيب
و/أو المعاملة اللاإنسانية، وهي جرائم قائمة بحد ذاتها وتقع ضمن نطاق جرائم الحرب
وجرائم ضد الإنسانية، بحسب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وأشار
الأورومتوسطي إلى أن تلك الانتهاكات تأتي في سياق جريمة الإبادة الجماعية التي
ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي.
كما أن قتل المعتقلين الفلسطينيين داخل مراكز الاعتقال يعتبر من قبيل جرائم القتل
العمد والإعدام خارج نطاق القانون والقضاء التي يحظرها القانون الدولي، وبخاصة
القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، والقانون الجنائي
الدولي، الذي يعتبر قتل المدنيين عمدًا جريمة حرب، وذلك وفقًا لنظام روما الأساسي.
ويحظر القانون الدولي الاعتقال التعسفي والحبس غير المشروع
ويعتبرها جرائم حرب، ويحظر القانون الدولي إلقاء القبض على الأشخاص واحتجازهم ثم
رفض الإقرار بحرمان هؤلاء الأشخاص من حريتهم أو إعطاء معلومات عن مصيرهم أو عن
أماكن وجودهم بهدف حرمانهم من حماية القانون لفترة زمنية طويلة، ويعتبر ذلك جريمة
اختفاء قسري، وتندرج ضمن جرائم ضد الإنسانية وفقًا لنظام روما الأساسي.
وطالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان اللجنة الدولية للصليب
الأحمر بتحمل مسؤولياتها والتحقق من أوضاع المعتقلين الفلسطينيين في السجون
الإسرائيلية وظروف احتجازهم.
وحث الأورومتوسطي المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب
المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والفريق العامل في حالات
الاحتجاز التعسفي، بإجراء تحقيق فوري ومحايد في ظروف وفاة جميع المعتقلين الذين
قضوا في السجون الإسرائيلية منذ بدء إسرائيل حربها على قطاع غزة، واتخاذ الخطوات
المناسبة لمحاسبة المسؤولين وإنصاف الضحايا.
ويشن الجيش
الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر الماضي، حربا مدمرة على غزة خلفت حتى الأحد 27 ألفا و365
شهيدا و66 ألفا و630 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت
في "دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.
اقرأ أيضا: الدحدوح ينعي والدته بكلمات مؤثرة: خسرنا مربية الشهداء لكننا سنصبر