مما لا شك فيه،
أن واقع الشارع
المصري ومعه العربي في بداية سبعينيات القرن العشرين، وبالتحديد
قبل نصر حرب أكتوبر عام 1973، كان
يغلي ويفور ويمور، بسبب هزيمة العرب من إسرائيل في يونيو 1967، وبالطبع لم ينفصل
الفن والإبداع عن هذا الغليان، في
سبيل شحذ الهمم، واستعجال النصر الذي تحقق بالعبور نحو سيناء العزيزة وعودتها إلى
الحضن المصري الكبير في أكتوبر 1973.
وسط هذا الجو
المفعم بالقومية العربية والهوية الوطنية الواحدة، جاءت مسرحية "ياسين ولدي"
كخير معبر عن هذه المرحلة العصيبة في عمر الصراع العربي الإسرائيلي، فبعد رحيل
الرئيس جمال عبد الناصر عام 1970، كادت العزيمة العربية أن تخور
وتنهار، باعتباره كان "المخلص الأوحد"، ولا أحد غيره.
فكانت مسرحية "ياسين
ولدي" التي أُنتجت وعُرضت عام 1971 لتؤكد وتعارض في الوقت ذاته هذا
المفهوم الخاطئ. وهي من إنتاج "فرقة تحية كاريوكا"، وإخراج كرم مطاوع،
في أول تعاون فني بينهما، ومن تأليف زوجها فايز حلاوة، وبطولته، مع شكري سرحان (في
دور ياسين) وتحية كاريوكا (في دور بهية أم ياسين) وعبد الغني قمر، وأحمد عبد الحليم
(في دور الراوي) ورشدي المهدي وسيف الله مختار، وسعاد نصر في أول ظهور لها..
وآخرين، والبطولة الغنائية كانت من نصيب المطربة الصاعدة عفاف راضي والمطرب الشاب
محمد رؤوف، على موسيقى وألحان وقيادة أوركسترا أثناء العرض المسرحي للموسيقار
الشاب بليغ حمدي، في أول تعاون فني أيضا مع الشاعر الغنائي عبد الرحيم منصور.
والمسرحية في
المجمل عبارة عن مباراة فنية حامية الوطيس، تجمع في فصولها الثلاثة، وببراعة
مخرجها الفذ، كل أنواع الفرجة المسرحية؛ من تمثيل وإلقاء شعر وغناء طربي ودرامي،
فهي ملحمة وطنية تمثيلية غنائية، عن بطل مصري ينشد العدل والمساواة، وقضيته هي
الحرية، وأمنياته أن ينسج شعبه من العنكبوت حبالا يشد بها المستحيل ليجعله ممكنا،
وأن يزرعوا الشجرة ليجنوا الثمرة، وينسجوا الثوب ليحميهم من البرد، وأياد تعمل
للبناء وأخرى تحمل البندقية.
هذا ما نادت به
المسرحية وأكدت عليه، كما تنبأت بالعبور الذي تحقق بعدها بعامين، مع النصر العظيم
الذي تحقق واسترددنا معه سيناء الحبيبة في أكتوبر عام 1973.