يبدو
لنا أن أرض فلسطين المباركة تلد كل يوم من أيقوناتها، رغم القتل والمجازر التي
يرتكبها العدو الصهيوني المجرم الذي يمارس يوميا قتل الحياة بمجازره والقصف الأعمى
العشوائي؛ من خلال امتلاك سلاح الجو الذي يخوض من خلاله ما أسميته بحروب الجبان من
أعلى، فنشهد مع هزائمه وخسائره كل يوم تلك الغارات التي لا تتوقف على كل ما يشير
إليه ذلك من شواهد حياة الناس، ومن ثم قرر العدو أن يقصف الحجر والشجر والبشر
انتقاما من أهل
غزة العزة.. أهل فلسطين المباركة يواصلون صمودهم المستمر في كل
معاركهم مع الغاصب المحتل، فمن أيقونة شجر الزيتون الذي يشير إلى تلك الشجرة
المباركة تتوالى الأيقونات من كل مكان على أرض فلسطين.
ما
يحدث في فلسطين وفي قطاع غزة تحديدا لا يمكن تجاهله أبدا، فكيف لأي عاقل ألا يلين
قلبه وعواطفه مع إخواننا في هذا القطاع، الذي شكَّلَ أيقونة للصمود ببقائه
ومقاومته ضد المحتل وعدوانه الغاشم الذي لا يتوقف ويزداد شراسة وهم عُزَّل ليس لهم
سلاح إلَّا الصبر، وعدوّهم مدجج بكلِّ المعدات والأسلحة العسكرية، بل ويحظى بدعم
عالمي يشرع له القتل والتدمير والتهجير والفصل العنصري وممارسة جميع أشكال العنف،
وفي المقابل لا يجد أهلنا في فلسطين إلَّا الخذلان والتخاذل المريب والتجاهل
والتغافل الشديد.
ظهرت شجرة الزيتون كرمز للصمود والثبات عبر العصور، إنها شجرة لا تنحني أمام رياح الزمن، بل تظل صامدة، محافظة على شموخها وهيبتها وقوتها الكامنة العجيبة. والزيتون ليس مجرد شجرة، بل هو رمز للصمود والتحدي، يستمد قوته من أعماق الأرض الفلسطينية؛ حيث إنها قصة تحكي عن كيف يمكن للطبيعة أن تكون شاهدة على تاريخ طويل من المقاومة والتصدي
معادلة
ظالمة استمرَّت لعقود طويلة ضد الشعب الفلسطيني المقاوم، وعلى الرغم من ذلك سطر
ملحمة صمود وظل يقاوم لأجل كرامته والدفاع عن مقدَّسات المسلمين وعن أرضه وشرفه. وعملية
طوفان الأقصى التي بدأت في السابع من أكتوبر والتي جاءت نتيجة للانتهاكات المتكررة
من قبل الكيان والاقتحامات غير المبررة للمسجد الأقصى والتنكيل بالمصلين رجالا ونساء شيوخا وأطفالا؛ تؤكد قوَّة هذا الشَّعب وصلابته وطموحه في استرداد كلِّ
حقوقه المسلوبة. وقد جاء الرد من قبل المقاومة الفلسطينية بهذه العملية التي فاجأت
الجميع بنتائجها والنجاح الذي حققته في إذلال جيش
الاحتلال الإسرائيلي الذي طالما
تباهى بقوَّته الاستخباراتية والأمنية وعتاده الذي لا يقهر، إلَّا أنَّه اختُرق
بعزيمة الفلسطينيين وإرادتهم القوية وصمودهم
التاريخي.
ظهرت شجرة
الزيتون كرمز للصمود والثبات عبر العصور، إنها شجرة لا تنحني أمام
رياح الزمن، بل تظل صامدة، محافظة على شموخها وهيبتها وقوتها الكامنة العجيبة. والزيتون
ليس مجرد شجرة، بل هو رمز للصمود والتحدي، يستمد قوته من أعماق الأرض الفلسطينية؛
حيث إنها قصة تحكي عن كيف يمكن للطبيعة أن تكون شاهدة على تاريخ طويل من
المقاومة والتصدي.. عالم يعيش فيه الزيتون بكل ألوانه وأشكاله، وكيف يعكس هيبته
وصموده جلال وصمود فلسطين، وإن "صامدون
كالزيتون" هو شعار يُدَوِّي في أفق فلسطين، يروي عن عزيمة شعب
يرفع رأسه للسماء، مستلهما قوته من جذوره العميقة في هذه الأرض الطيبة.
وغصن
الزيتون لم يكن فقط رمزا للقوة، بل أيضا شاهدا على السلام والحكمة
والوفاق والوئام عبر العصور، وفي عالمنا الحديث، يرتبط هذا الغصن بفكرة
السلام، حيث تستمر آثارها في جميع أنحاء العالم، بين الصمود العالي والسلام الشامخ
كانت فلسطين؛ والقدس والأقصى؛ وغزة العزة والشرف والكرامة؛ تواجه صامدة الاحتلال والغصب
والطغيان.
إن
أيقونة الزيتون الشجر ولدت أيقونة البشر على أرض فلسطين وغزة؛ كان الدحدوح أيقونة
الصمود الواثق والصبر الجميل والاحتساب القويم مهما كان ما وقع على كاهله من حمل
ثقيل. وقد كان واعيا له حينما أكد قائلا: "بينتقموا منا بالأولاد"، فهذه
المآسي تعبر عن صورة الكيان الصهيوني الغاصب واستهدافه لغزة وأهلها، وكيف أنه يحاول
أن يعتم على ذلك الصمود، فهو كما يقتل الحياة يقتل الحقيقة وناقليها؛ قاصدا إبادة
أهل غزة إبادة جماعية؛ وعقاب كل من يكشف إجرامه في غزة.
فوائل
الدحدوح الذي فقد زوجته وابنه وابنته وحفيده في قصف سابق لمنزله، فقد تكررت فاجعته
مرة أخرى بفقده ابنه الأكبر، وكان قد تعرض شخصيا لإصابة جسدية شديدة بين الفقدين،
وفي كل مرة كان يقف شامخا معبرا عن قوة وصبر وجلَد أبناء الشعب الفلسطيني في
مواجهة هذا العدوان الغاصب، ويعبر بالكلمات التي يملك ناصيتها بصورة بليغة عن
قراءته للحدث.
فوائل الدحدوح الذي فقد زوجته وابنه وابنته وحفيده في قصف سابق لمنزله، فقد تكررت فاجعته مرة أخرى بفقده ابنه الأكبر، وكان قد تعرض شخصيا لإصابة جسدية شديدة بين الفقدين، وفي كل مرة كان يقف شامخا معبرا عن قوة وصبر وجلَد أبناء الشعب الفلسطيني في مواجهة هذا العدوان الغاصب، ويعبر بالكلمات التي يملك ناصيتها بصورة بليغة عن قراءته للحدث
فقد
ظهر بعد تشييع نجله بدقائق ووقف أمام الكاميرا وقال: "ماضون رغم الحزن
والفقد، باقون على العهد في هذا الطريق الذي اخترناه طواعية وسقيناه
بالدماء"، وأضاف أن الإنسان يحزن ويتألم للفقد "فكيف إذا كان الولد
البكر؟"، لافتا إلى أن نجله حمزة كان كل شيء بالنسبة له، وأن هذه "دموع
الحزن والفراق وليست دموع الخوف والجزع"، هي "دموع الإنسانية التي
تفرقنا عن أعدائنا، نرجو أن يرضى الله عنا ويكتبنا مع الصابرين". وأوضح أن
هذا الحال هو واقع الفلسطينيين الذين يودعون أحبابهم الشهداء، مناشدا العالم لينظر
إلى ما يحدث في قطاع غزة وما يتعرض له الناس والصحفيون هناك.
غزة
في وجدانه بأهلها، فجميع أبناء غزة هم
وائل الدحدوح، فقد تعرضوا لما تعرض له؛
بعضهم أشد وبعضهم أقل، ولكن وكما قال الدحدوح: "هذا خيارنا وقدرنا ويجب أن
نرضى به مهما كان نحن أملنا أن يرضى الله عنا وأن يكتبنا مع الصابرين"، مضيفا:
"هذا خيار كل الناس في هذه الأرض كما تشاهدون الناس تودع أحبابها وفلذات
أكبادها في كل يوم وفي كل ساعة وفي كل لحظة ونحن أسوة بكل الناس نودع. ماذا عسانا
أن نقول؟.. نسأل ربنا سبحانه وتعالى أن يربط على قلوبنا وقلوب كل الناس وأن يمدنا
بأسباب الصبر والقوة حتى نستطيع المواصلة".
وائل
المحاط بالموت في كل لحظة منذ العدوان الإسرائيلي على غزة تعرض له بشكل جزئي خلال إصابته
المباشرة، عندما استهدف الكيان الصهيوني مكانه بصاروخ، كما خبره أيضا بشكل كامل في
بنيه وزوجه، وصديقه، وتلاميذه من
الصحفيين الذي تجاوز عددهم 109 صحفيا بحسب المكتب
الإعلامي الحكومي في قطاع.. لا يزال يقف شامخا مقدما إلى جانب الصابرين من أهل غزة
صورة نصر لا يستطيع الكيان الصهيوني تجازوها، خاصة وأن الرجل عقب كل حادث سواء مسه
في جسده (بإصابته المباشرة)، أو في قلبه (بفقدان الأحبة والأبناء والأصدقاء) يستجمع
قواه ويواصل رسالته الإعلامية، وهو مؤمن بأنه يقوم بدور مهم وضروري في فضح الكيان
الصهيوني ونشر سوءاته على العالمين، وأن استهداف الصحفيين وأسرهم هو أمر يقصده
الكيان الاحتلالي بصورة كاملة وتامة بهدف التغطية على تلك
الجرائم التي سيحاكم
عليها وستظل شاهدة على إجرامه ضد الإنسانية، وقد أكد على ذلك بقوله: "أطالب
العالم بأن ينظر عن كثب إلى ما يحدث في غزة".
ما
تعرض له وائل الدحدوح يعبر عن واقع غزة الآن الذي وصفه بيان صحفي صادر عن مكتب
المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية بأن
"غزة أخطر مكان في العالم للصحفيين وعائلاتهم". كما أكد وكيل الأمين
العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ أن
"غزة أصبحت مكانا للموت واليأس.. والمجاعة وشيكة". ووصفت منسقة الأمم
المتحدة للشؤون الإنسانية الوضع في قطاع غزة "لا مكان آمن فيها"... غزة
تواجه "معاناة لا تطاق" مع توسع العمليات العسكرية الإسرائيلية
البرية".
رسالة الصمود كشجر الزيتون، رسالة الكرامة والعزة والشرف كما المقاومة، رسالة الصبر على المكاره محتسبا أبناءه وزوجته وحفيده كأجيال متنوعة تعبر عن استمرارية هذه المدرسة التي مثلها الدحدوح، مدرسة الصبر والعزة، وهي ليست إلا محاكاة لأهل غزة مثّل الدحدوح فيها أيقونة تعبر عن آلام أهل غزة، وعن شهدائها، وعن جرحاها
وفي
ظل هذا تستمر معاناة أهل غزة بأبنائها وأطفالها ونسائها وصحفييها، دون أفق قريب
لإنهاء هذه المعاناة في ظل الدعم غير المشروط أو المحدود الذي تتلقاه إسرائيل من
الولايات المتحدة الأمريكية ومن الدول الغربية، وصمت وخذلان معظم الدول العربية. إن
مأساة وائل الدحدوح معبرة عن الوضع الخطير لغزة وأهلها من جانب، ومعبرة كذلك عن مستوى
الصمود العظيم والصبر غير المحدود والصلابة التي لا نظير لها عند أهل غزة
وأبنائها.
ولا
يسعنا إلا أن ننقل أمنية وائل الدحدوح وطلبه وهو يودع ابنه الشهيد: "أتمنى أن
تكون دماء ابني حمزة آخر الدماء من بين الصحفيين وآخر الدماء من بين الناس هنا في
غزة وأن تقف هذه المذبحة وهذه المقتلة، ولكن أي كان الثمن فنحن ماضون هذه الرسالة
الإنسانية التي كفلها القانون الدولي وهذا واجب نقوم به على أكمل وجه".
إنها
رسالة الصمود كشجر الزيتون، رسالة الكرامة والعزة والشرف كما المقاومة، رسالة
الصبر على المكاره محتسبا أبناءه وزوجته وحفيده كأجيال متنوعة تعبر عن استمرارية
هذه المدرسة التي مثلها الدحدوح، مدرسة الصبر والعزة، وهي ليست إلا محاكاة لأهل
غزة مثّل الدحدوح فيها أيقونة تعبر عن آلام أهل غزة، وعن شهدائها، وعن جرحاها، وعن
هؤلاء الذين قُصفوا في المدارس والمستشفيات.. قالها الدحدوح رغم كل الفقد؛ إننا
ماضون وصامدون، إنها أيقونة الصمود التي تستلهم شجر الزيتون وقد لا تعلمون أن وائل
الدحدوح كان يزرع في أرض عائلته وهو يعرف جيدا ماذا يعني هذا الصمود لأشجار
الزيتون المباركة، تظل هذه الشجرة تثمر أيقوناتها من البشر في عالم فلسطين وعالم
غزة العزة.
twitter.com/Saif_abdelfatah