قال الكاتب
العبري، جدعون ليفي، إن كل من يرى عدم جدوى في استمرار الحرب وفي أبعاد القتل
والتدمير في
غزة، وكل من يريد أن يضع حداً للمعاناة غير الإنسانية لما يزيد على مليوني إنسان، لا بد أن يأمل، حتى ولو فقط في الأعماق من قلوبهم، بأن تصدر محكمة
العدل الدولية في لاهاي إجراءات انتقالية لتعليق العمليات العسكرية
الإسرائيلية في
قطاع غزة.
وقال في مقاله
المنشور في صحيفة "
هآرتس"، الأحد، إنه ليس سهلاً على إسرائيلي أن يتمنى
أن يصدر قرار محكمة ضد بلده من شأنه أن يفضي إلى إجراءات عقابية ضده، وتساءل:
"لكن هل هناك سبيل آخر لوقف الحرب؟".
وتابع بأنه ليس
من السهل أن يعرف الإسرائيليون أن "دولتهم" تتم مقاضاتها من دولة كان
مؤسسها نموذجا يحتذى به من قبل العالم بأسره، وليس سهلا أن يتم جلب "إسرائيل"
إلى محكمة العدل الدولية، وليس سهلا اتهام تل أبيب بأنها تنفذ إبادة جماعية في
غزة.
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف: "لم
يعد ممكناً تجاهل حقيقة أن الشكوك تحوم فوق رأس إسرائيل لضلوعها في أسوأ جرائم
ترتكب ضد الإنسانية وضد القانون الدولي. لقد توقف الناس عن الحديث عن
الاحتلال، بل
يتحدثون الآن عن الفصل العنصري، وعن التهجير القسري للسكان، وعن التطهير العرقي،
وعن الإبادة الجماعية. ماذا عساه يكون أكثر فظاعة من هذه؟ يبدو أنه لا يوجد اليوم
دولة أخرى تقف متهمة بكل هذه الجرائم".
وأكد ليفي أنه
"لا يمكن رفض هذه التهم والتنصل منها بسهولة، كما لا يمكن التذرع بمعاداة
السامية، حتى لو كان بعضها مبالغاً فيه، ولو كان بعضها حتى بلا أساس، فإن
اللامبالاة التي تقابل بها هذه التهم هنا – وكما جرت العادة يتم تدويرها ورمي من
صدرت عنهم أصلاً بها – قد يكون سبيلاً جيداً للإنكار والقمع، ولكن ليس سبيلاً
جيداً لتبرئة إسرائيل، ناهيك عن أن يكون سبيلاً جيداً لإصلاح البلد وتعافيه".
وعن حصيلة الضحايا
في غزة، قال الكاتب إن أكثر من عشرين ألفاً ماتوا خلال ثلاثة شهور، بما في ذلك
آلاف الأطفال، بينما تم تدمير أحياء سكنية بأكملها، وهذا لا يمكن إلا أن يثير
الشكوك بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية. كما أن التصريحات المذهلة التي تصدر عن
شخصيات إسرائيلية مهمة حول الحاجة إلى تطهير القطاع من سكانه أو حتى إلى تدميرهم
تثير الشكوك بوجود نية مبيتة للقيام بتطهير عرقي. سواء كان هذا أو ذاك، لا شك في
أن إسرائيل تستحق المثول أمام المحكمة.
اظهار أخبار متعلقة
وعن المحاكمة
في أروقة "العدل الدولية"، قال إن "كل يوم يمر على هذه الحرب، بما
يجلبه من مئات الوفيات، إنما يعزز الشكوك. في محكمة لاهاي، لا بد من إثبات وجود نية
مبيتة، ومن الممكن ألا يتسنى إثبات ذلك. ولكن هل يبرئ ذلك إسرائيل؟".
ونوه إلى أنه
"ثمة ما يؤكد الشكوك في وجود خطة لارتكاب التطهير العرقي، وهو ما لن تتم
مناقشته في لاهاي في هذا الوقت على الأقل. وذلك أن النوايا هنا صريحة ومعلنة".
ولفت إلى أنه إذا
كان نصير التهجير القسري لسكان غزة، بيتسئيل سموتريتش، لا يمثل الحكومة، فماذا
يفعل داخلها؟ وإذا لم يطرد بنيامين
نتنياهو بن غفير، فكيف يمكن إعفاء رئيس الوزراء
من المسؤولية؟
وأكد أن
"ما ينبغي أن يزعجنا أكثر مما هو حاصل في لاهاي هو المناخ العام داخل
إسرائيل؛ فالرأي العام يشير إلى مشروعية واسعة لارتكاب جرائم الحرب، ولقد غدا
موضوعاً للنقاش التطهير العرقي في غزة ثم بعد ذلك في الضفة الغربية. بل حتى القتل
الجماعي لسكان غزة ليس قضية في الخطاب الإسرائيلي".
وذكّر الكاتب
بأن مشكلة غزة نشأت في 1948، عندما قامت إسرائيل بطرد مئات الآلاف من الناس إلى
القطاع، فيما كان بكل تأكيد تطهيراً عرقياً تاماً لجنوب إسرائيل.
والآن يطالب
أعضاء الحكومة بإكمال المهمة داخل القطاع أيضاً. الطريقة المقززة التي يتم من
خلالها التعامل مع سؤال "اليوم التالي" – والأمر الرئيسي في ذلك هو أن
إسرائيل هي من سوف يقرر ماذا ومن سيكون في غزة يثبت بأن روح 1948 لم تمت. فهذا هو
ما فعلته إسرائيل حينذاك، وهذا هو الذي تريد أن تفعله مرة أخرى، بحسب الكاتب.
وختم لفي مقاله
بأنه "سوف تقرر محكمة العدل الدولية ما إذا كان ذلك كافيا لإصدار إدانة بارتكاب
الإبادة الجماعية أو غيرها من جرائم الحرب. أما من الناحية الضمائرية، فلقد أعطيت
الإجابة".