قالت صحيفة
"
نيويورك تايمز" في تقرير ترجمته "عربي21"؛ إنه بعد خمسة
أشهر من بدء الحرب المدمرة في
السودان بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع،
سرعان ما أصبحت منطقة
دارفور الغربية واحدة من أكثر المناطق تضررا في البلاد.
وأشارت إلى أن
الناس في دارفور، عانوا بالأساس من أعمال عنف الإبادة الجماعية، على مدى العقدين
الماضيين، التي خلفت ما يصل إلى 300 ألف قتيل.
ولفتت الصحيفة
إلى أن دارفور تتمزق الآن، وهي التي كانت تتجه نحو الاستقرار النسبي، بسبب حرب على
مستوى الوطن بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، وقال سكان
ومراقبون؛ إن قوات الدعم السريع وحلفاءها، وأغلبها مليشيات، سيطرت على أجزاء كبيرة
من دارفور، في حين يعمل الجيش النظامي في الغالب من حاميات في المدن الكبرى.
وبينما يتقاتل
الجانبان من أجل التفوق، أصبح المدنيون عالقين بشكل متزايد في مرمى النيران
المتبادلة، خاصة في الأسابيع الأخيرة. وقال نشطاء وعاملون في المجال الطبي؛ إن أكثر
من 40 شخصا قتلوا أواخر الشهر الماضي في أثناء احتمائهم تحت جسر في نيالا.
إظهار أخبار متعلقة
كما قتل 40
شخصا على الأقل في غارات جوية على المدينة هذا الشهر. أثار اكتشاف الأمم المتحدة
للمقابر الجماعية، بما في ذلك أكثر من اثنتي عشرة مقبرة جماعية الأسبوع الماضي،
مخاوف من تجدد الهجمات ذات الدوافع العرقية في دارفور، ودفع المحكمة الجنائية
الدولية إلى بدء تحقيق جديد في اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد المدنيين.
الإنسانية في المنطقة.
وفي الأسبوع
الماضي، استقال المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى السودان، فولكر بيرثيز، بعد أشهر
من إعلان المسؤولين السودانيين أنه غير مرحب به في البلاد. وفي خطابه الوداعي أمام
مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حذر بيرثيز من أن الصراع "قد يتحول إلى حرب
أهلية واسعة النطاق".
ووسط تساقط
قذائف الهاون، ترتفع مستويات النزوح، وترتفع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير،
وأصبح الملايين من الناس الآن على حافة المجاعة. ونزح أكثر من 1.5 مليون شخص
داخليا في دارفور منذ منتصف نيسان/ أبريل، وفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة
لشؤون اللاجئين، وهو أعلى عدد من النازحين في أي منطقة في السودان. وتدفق مئات
الآلاف من المدنيين الآخرين من المنطقة إلى مراكز العبور ومخيمات اللاجئين في
الدول المجاورة.
وقتل 8 محامين
وما لا يقل عن 10 من المدافعين عن حقوق الإنسان، وتعرضت مكاتبهم للنهب في دارفور في
الأسابيع الأخيرة، مما أثار مخاوف من استهدافهم بسبب توثيق انتهاكات حقوق الإنسان
أو تقديم الدعم القانوني للضحايا، وفقا للصادق علي حسن، القائم بأعمال رئيس مجلس
نقابة محامي دارفور.
وفي
المقابلات، وصف سكان جنوب دارفور الذين وصلوا إلى بر الأمان في جنوب السودان
الزيادة السريعة في عمليات السطو والنهب على أيدي المليشيات المسلحة المتحالفة مع
القوات شبه العسكرية، ومع تضاؤل إمدادات الغذاء والماء، حزم الكثيرون أمتعتهم
الضئيلة وغادروا جائعين وضعفاء إلى الحدود.
ومع تصاعد عدد
الإصابات، كان العاملون الطبيون، المرهقون والجياع يفتقرون إلى الإمدادات الحيوية،
يشاهدون مرضاهم يموتون أو تتفاقم جروحهم بسبب نقص العلاج، وسارعت العائلات، خوفا
من النيران القادمة، إلى دفن أحبائها في قبور ضحلة أو غير مميزة.
إظهار أخبار متعلقة
وقالت مها
محمد، وهي لاجئة سودانية من نيالا كانت في مركز العبور في الرنك: "جيل آخر من
دارفور يتعلم كيف يتعايش مع الحرب والفظائع.. إنها مأساة".
وقال مراقبون؛ إن استمرار الأعمال العدائية في دارفور يهدد بإغراق البلاد في حرب طويلة الأمد، مع
احتمال امتدادها إلى البلدان المجاورة. وفي الأسابيع الأخيرة، سافر قائد الجيش،
الفريق أول عبد الفتاح
البرهان، إلى الخارج والتقى بقادة دول من بينها مصر وقطر
وتركيا وجنوب السودان، في محاولة لبناء شرعيته، ورفض اعتبار قوات التدخل السريع
جماعة متمردة.
ورد
حميدتي،
متهما الفريق البرهان بمحاولة "انتحال شخصية رئيس الدولة"، والتخطيط
لتشكيل "حكومة حرب" في مدينة بورتسودان الساحلية.
وجاءت
تصريحاته مع تصاعد أعمال العنف في العاصمة السودانية الخرطوم، حيث قتلت غارة جوية
الأسبوع الماضي ما لا يقل عن 43 شخصا، وأصابت أكثر من 60، حسبما قال أطباء وعمال
إغاثة.
وقال مامادو
ديان بالدي، المدير الإقليمي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الذي سافر مؤخرا عبر أجزاء من السودان، في مقابلة: "الأمر كله لا يطاق".
ويتم نقل بعض
الفارين من الصراع في ولايتي جنوب وشرق دارفور إلى عدة مخيمات إغاثة في جنوب
السودان، وهي دولة مثقلة بالتحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخاصة بها.
ويؤوي أحد هذه
المخيمات، وهو مخيم ويدويل للاجئين في مدينة أويل، ما يقرب من 9000 سوداني. كل
مساء، تتجمع العائلات هناك في مجموعات، ويتشاركون الشاي والقهوة، ويصلون معا
ويستمعون إلى الموسيقى السودانية. كان الكثير منهم محترفين وتجارا ناجحين، وقد
توحدوا جميعا الآن في حرب طاحنة مزقت كل ما عملوا بجد لبنائه.
وقال أحمد أبو
بكر، 35 عاما، وهو مدرس فر من نيالا في جنوب دارفور: "لقد أحاطت نار الحرب
بكل شيء في دارفور".
وقال أبو بكر؛ إن أفرادا من القوات شبه العسكرية داهموا منزله، واتهموه بأنه ضابط في الجيش وهددوه
بإطلاق النار عليه أمام زوجته وأطفاله الثلاثة، لكنه طلب منهم ألا يفعلوا ذلك، كما
قال، وأخبرهم عن وظيفته في تدريس الجغرافيا والتاريخ وعمل زوجته كمعلمة في
الحضانة. وأضاف أنه بعد أكثر من ساعة، وافق المسلحون على إطلاق سراحهم، ولكن ليس
قبل أن يستولوا على كل شيء ذي قيمة في المنزل تقريبا.
وقال؛ إن
ذكريات ذلك اليوم ورحلة الأسرة المروعة إلى بر الأمان لا تزال تطارد الأطفال.
تلتصق به ابنته مينان، 3 سنوات، أينما ذهب. ويسأله ابنه مصطفى البالغ من العمر 5
سنوات باستمرار متى يمكنه العودة إلى المدرسة.
قال أبو بكر:
"كانت لدي طموحات لنفسي ولأطفالي، لكنني لا أستطيع أن أرى أي ضوء في نهاية
النفق".
وقد شارك آدم،
الذي فقد شقيقتيه، نفس مشاعر الخسارة واليأس.
قبل اندلاع
الحرب في 15 نيسان/ أبريل، كان يتطلع إلى الاحتفال بنهاية شهر رمضان المبارك،
والاحتفال بتخرج أخته من الكلية، وبعد أيام، حضور حفل خطوبتها، لكن أخته رحلت
الآن، وتشتتت العائلة بأكملها بين بلدين مع اتصالات محدودة.
وقال مساء أحد
الأيام: "كنا ذات يوم عائلة سعيدة، لكن هذه الحرب جعلت كل شيء صعبا
والجميع حزينا".