ببلوغرافيا

قصور نابلس التاريخية عراقة تعاني الإهمال

أحد قصور نابلس التاريخية..
أحد قصور نابلس التاريخية..
حجارة نابلس تخبر كل من يراها حكاية العراقة والتاريخ، حكاية القصور التي لعبت دورا في الإقطاع وفي الثورات الفلسطينية وفي الحياة الاجتماعية بأكملها.

بدأ العصر الذهبي للقصور في عهد الدولة العثمانية التي كانت تعتمد في حكم نابلس على ثلاث عائلات في حينه: عبد الهادي وطوقان والنمر. وبصفتهم حكموا هذه المدينة، فكان لا بد لهم من تشييد القصور لتكون مقرا لإدارة شؤونهم، فتميزت نابلس القديمة بوجود أكبر وأقدم القصور التي ما زالت بعض غرفها مأهولة بالسكان حتى اليوم. ومن بين هذا القصور ومن أشهرها:

قصر عبد الهادي

يقع وسط حارة الياسمينة فوق جامع الساطون، على سفح جبل جرزيم. شيده محمود عبد الهادي، عندما كان ملتزما لمنطقة جبال نابلس إبان العهد العثماني عام 1820.

وعام 1865 ورث القصر عبد الرحيم عبد الهادي، وأجرى عليه تحسينات، وهو حاليا جزء من وقف العائلة.



وشيد على أرض مساحتها 20 دونما، وله مدخل كبير نسبيا في الشارع، يدخل منه على الدرجات إلى ساحة سماوية فيها غرف، وأمامها أواوين فواحة، ولها مصاطب حجرية، ويطلق عليها اسم "السراملك" ثم مداخل أجنحة أخرى للحريم ويطلق عليها اسم "الحرملك" فيها غرف متقابلة، وبينها أواوين، وكان في القصر حمام خاص به، تصله المياه عبر قنوات خاصة.

ويحوي كل طابق من القصر مجموعة من الغرف الكبيرة الحجم، والتي لا تقل مساحة الواحدة منها عن 60 مترا مربعا كما لا يقل ارتفاعها عن سبعة أمتار، يتوسط سقفها صحن تحيط به زخرفة إسلامية.

أما سطحها فهو على نظام القباب، ويبلغ عدد الغرف فيه 144غرفة، وكانت تسكن فيه 12 عائلة من آل عبد الهادي وحاليا يسكن فيه فرع عبد الرحيم وفرع عبد الرحمن.

وتظهر في الجهة الغربية للقصر بقايا الدمار الذي خلفه الزلزال الذي ضرب نابلس عام 1927، وقد تعرضت إحدى ساحاته إلى عملية تفجير من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، بحجة البحث عن مقاومين فلسطينيين.

قصر النمر

 يقع قصر النمر في الجهة الشمالية الشرقية من حارة الحبلة، بناه في القرن الحادي عشر الهجري/ السابع عشر الميلادي عبد الله باشا النمر الذي كان قائدا للحملات العسكرية التركية التي أرسلت لقمع الفتن المحلية، ولتوفير الأمن للمنطقة. وأصبح عبد الله باشا بعد ذلك حاكما لنابلس وكافلا لقلعة الكرك ثم كان مؤسسا لأسرة محلية حكمت نابلس لعدة أجيال فكان القصر قاعدة لحكمهم في المدينة.

أما البناء فهو قسمان: قسم شمالي، وهو القصر الصيفي، وجنوبي وهو القصر الكبير الذي يؤدي إليه مدخل كبير الحجم. وفي الوقت نفسه فإن كلا منها يتكون من طابقين حيث الأول عبارة عن ساحة مكشوفة وبركة ماء وإسطبلات خيل والثاني يتكون من مجموعة كبيرة من الغرف مقسمة إلى جناحين: جناح خاص بالحريم  (الحرملك) وجناح خاص بالرجال (السلملك).

قصر طوقان

يقع في حارة القريون، بناه رئيس علماء نابلس إبراهيم بك بن صالح باشا طوقان بتمويل من والده، وذلك في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي. وهو معماريا يتكون من مساحة ضخمة وقسم جنوبي وقسم شمالي وطابقين من البناء وقسم مخصص للسلملك (الرجال) وقسم للحرملك (النساء).

تتمثل جمالية المكان برونق البناء. ففي مدخل الحصن أو البيت ساحة سماوية حولها غرف الخدم والدواب، ثم درج عريض يصل إلى ساحة سماوية واسعة فيها بركة كبيرة، وحولها غرف متقابلة ذات أواوين أو مصاطب حجرية وهي "السلملك"، ثم مداخل الأجنحة فيها غرف مماثلة لـ"حرملك" إلا أنه حاله كحال الكثير من الآثار التاريخية، لم يسلم من استهداف واعتداءات الاحتلال الإسرائيلي؛ إذ تعرض للتدمير والتفجير خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى والثانية، وخلال الاجتياح الإسرائيلي الذي تعرضت له البلدة القديمة.

ارتبط بشخصيات تاريخية وأدبية أعطته شهرة كبيرة، وعلى وجه الخصوص ارتباطه بالشاعر والأديب إبراهيم طوقان وأخته الشاعرة فدوى طوقان والشخصية الاعتبارية قدري طوقان.

قصر القاسم

يقع قصر القاسم في قرية بيت وزن، بناه الشيخ قاسم الأحمد في عام 1820.

ويتكون القصر من ثلاثة طوابق: الطابق الأرضي يتكون من غرف للضيوف وغرف للحرس، ويشتمل الطابق الأول على مقر إدارة الحكم وغرف النوم أما الطابق الثاني فهو كان يحتوي على تسعة غرف لعائلة الشيخ وغرف صيفية مفتوحة. والطابق الثالث هو ما يعرف بـ"علية الشيخ"، وهو أشبه ما يكون بالقلعة المحصنة ويحتوي على معظم العناصر الفنية، من أقواس ودعامات وزخرفة ونقوش والأسقف الجملونية والقباب، وغيرها من المظاهر العمرانية.

قصر الكايد

بني عام 1750 على يد الشيخ أحمد الكايد، على مساحة 870 مترا مربعا وهو مكون من ثلاث طبقات.
يقع قصر الكايد في وسط سبسطية، بالقرب من الجامع العثماني. بني في منتصف القرن الثامن عشر مقرا للشيخ أحمد كايد أحد زعماء جبال نابلس وقد كانت سبسطية خلال هذه الفترة قرية كرسي كمشيخة لوادي الشعير.

مساحة القصر حوالي 875 مترا مربعا في حين أن المساحة المكشوفة منه حوالي 100 متر مربع. وهو مكون من ثلاث طبقات وله بوابة ضخمة جميلة على جانبيها مقعدان للحراسة مزخرفان بزخارف نباتية وهندسية، بالإضافة إلى عمودين متوجين (تيجان). يعلو سطح القصر القباب التي استخدمت وحتى فترة قصيرة ديوانا لآل كايد.

قصر دار حسن

يقع قصر دار حسن في بلدة جماعين جنوبي مدينة نابلس؛ ويتكون من 3 علالي، و12 غرفة متنوعة، وساحة سماوية. يغلب على هذا القصر طراز عثماني متأخر. استأجرته بلدية جماعين عام 2007 وبالتعاون مع مؤسسة "رواق" تم ترميمه عام 2008، ويستخدم مقرا لعدد من مؤسسات المجتمع المحلي العاملة في البلدة، منها مؤسسة الجمعية التعاونية الزراعية، وجمعية تنمية المرأة الريفية، ونادي شباب جماعين، ومركز التطوير الصحي، ومركز خدمة جامعة النجاح الوطنية، وملقى المسنات. ويستخدم القصر لتنظيم لقاءات ثقافية وندوات سياسية ومناسبات اجتماعية.

قصر عمري الأثري

يقع في المنطقة الأثرية في بلدة سبسطية شمال غربي نابلس. بناه الملك عمري قبل 3 آلاف عام من الحجر الجيري الأبيض المصقول في أعلى نقطة في المدينة الأثرية وكان يدعى "بيت العاج".

إهمال في الترميم

تعرضت قصور نابلس لعمليات تدمير وتخريب من قبل الجيش الإسرائيلي، وحتى اللحظة، لم تحظ المعالم المتضررة، ومن بينها القصور القديمة، باهتمام من قبل وزارة السياحة والآثار الفلسطينية.

ولا تحاول السلطة ترميم هذه القصور لأن بعضها ملكيات خاصة وليست عامة، ولا تستخدم لصالح المجتمع المحلي كمكتبة أو ناد رياضي أو جمعية نسوية وذلك من خلال اتفاقيات ليصبح للخدمات العامة.

فيما يرى خبراء أن سبب الإهمال في الترميم يعود إلى قلة الوعي بقيمة هذه الأماكن وما تتطلبه عملية الترميم من جهد ووقت ومال وخطط، إذ تحتاج 67 موقعا أثريا -تتعرض للتهميش والإهمال- للترميم.

مشاهد بعض القصور تفضح الإهمال الذي تتعرض له، إضافة إلى سرقة حجارة منقوش عليها تاريخ وتراث بلد ووطن وبيعها، وتشويه الجدران التي اقتلعت منها.

يرى البعض أن الاهتمام بهذه المباني يعد مشروعا وطنيا؛ فهي تشكل بمجملها بلدة نابلس القديمة بتاريخها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وترمز إلى حقبة مهمة في تاريخ فلسطين.

وتنتشر في أرجاء محافظات الضفة الغربية وغزة ما يربو على 12 ألف معلم أثري لم تكشف الحفريات عن معظمها بعد، كلها تعكس تنوعا كبيرا في الحضارات التي قامت على أرض فلسطين.

المصادر:

ـ هنادي سمير نامق كنعان، الحليات المعمارية في القصور العثمانية في البلدة القديمة بنابلس "دراسة تحليلية"، جامعة النجاح الوطنية،2010.
ـ عزيزة ظاهر، قصور نابلس دمشقية الهوى...من ماضي النفوذ والفن العمراني إلى خرب مهجورة من المسؤول؟؟، مركز العمل التنموي (معا)، 1/10/2015.
ـ مي زيادة، قصور نابلس.. أنقاض من عمر وتاريخ، موقع إيرم الإخباري، 28/8/2013.
ـ دنيا الطيب، قصر آل طوقان في نابلس... بيت الشعراء والأمراء يأكله الإهمال، موقع رصيف 22، 24/3/2021.
ـ عزيزة ظاهر، نابلس القديمة.. قصور تروي حقبات تاريخية، صحيفة البيان الإماراتية، 25/6/2021.
ـ قصور تاريخية وأثرية في محافظة نابلس، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، 2023.
التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم

خبر عاجل