تعتبر قلعة صلاح الدين الأيوبي
"البرج" الواقعة في الناحية الجنوبية الغربية من مدينة الخليل المحتلة
في الضفة الغربية؛ واحدة من أهم المواقع الأثرية والتاريخية
الفلسطينية.
استخدم صلاح الدين وجيشه هذه القلعة
التاريخية لمراقبة القوافل القادمة من مصر والساحل على الطريق التاريخي القديم
لإحكام السيطرة عليه.
تقع القلعة بحسب الدكتور طالب جبران مدير
متاحف الجنوب في وزارة السياحة والآثار الفلسطينية؛ في قرية "البرج"
التي تحمل اسمها، وهي على بعد 30 كم جنوب غربي مدينة الخليل المحتلة الواقعة جنوب الضفة الغربية.
طالب جبران مدير متاحف الجنوب في وزارة السياحة والاثار الفلسطينية
وقال جبران لـ
"عربي21": "إن
قرية البرج بنيت على بقايا موقع أثري قديم يعود إلى الفترات الرومانية، والبيزنطية
والإسلامية والصليبية".
وأضاف: "الاسم الحالي للقرية (البرج) مرتبط
بالقلعة الفرنجية التي كانت تقوم في هذا المكان خلال القرن الثاني عشر ميلادي،
وكانت تعرف باسم قلعة لوفيير وكاسترم فيكم (Ficuum and Le Fier )".
وأوضح أن القلعة استخدمت لأغراض عسكرية
ومدنية، وكانت بمثابة مكان سكني للإفرنجة المقيمين داخلها وملاذا آمنا وقت الحروب
للمزارعين الإفرنجة المنتشرين في المناطق الزراعية القريبة، وقاعدة هجومية، وبرجا
لحماية الطريق القديم الذي كان يربط المنحدرات الغربية من الخليل (الأراضي
المنخفضة) مع المنطقة الجنوبية من فلسطين المحتلة.
وعن وصف القلعة قال جبران: "القلعة هي
منشأة مستطيلة الشكل أبعادها (52 × 45 م) ويصل ارتفاعها الحالي إلى حوالي خمسة
أمتار، كانت محصنة بأسوار حجرية قوية يحيط بها خندق دفاعي محفور في الصخر".
وأضاف: "يوجد داخل القلعة برج دفاعي
أبعاده (25 × 20 م) مبني من جدران حجرية منحدرة".
وأشار إلى أن القلعة تضم كنيسة صغيرة ملاصقة
لجدارها الجنوبي، وهي مبنية على سلسلة من المغائر والسراديب وآبار المياه المحفورة
في الصخر، ويقع غربها مقام أبو طوق وبيارة البرج.
وقال جبران: "في القرن التاسع عشر
ميلادي استخدمت القلعة ومغائرها للسكن، واستخدمت حجارتها في بناء الأبنية
التقليدية التي أقيمت حولها وداخلها خاصة الكبيرة منها التي تزين أقماط أبوابها".
وأضاف: "إن وزارة السياحة والآثار تسعى
في إطار الحفاظ علي قلعة البرج للحفاظ عليها والمباني التاريخية المحيطة بها والتي
تعكس أهمية الموروث الثقافي التاريخي الفلسطيني".
وأكد على أن الوزارة تعمل على الحفاظ على
القلعة من التعديات أو الهدم أو التنقيب غير المشروع في الموقع.
وقال جبران: "أجرت الوزارة في وقت سابق
حفرية أثرية في الموقع لمعرفة تاريخ الموقع وكذلك عملت بالشراكة من المجلس القروي
وجهات مانحة على تأهيل بعض المباني المحيطة بالموقع وعمل مسارات داخل الموقع
بالإضافة إلى لافتات توضيحية للموقع.
وأضاف: "نظرا لوقوع القلعة في المنطقة
المحاذية لجدار الفصل العنصري فإن الوزارة تعمل على إبراز الموقع كموقع تاريخي
سياحي وتوجيه المسارات للموقع للتعرف على تاريخ المنطقة وتسعى لعمل تأهيل للموقع
من أجل الحفاظ عليه وإدراجه ضمن الخارطة السياحية".
من جهته أكد جبر الرجوب، مسؤول المواقع في
وزارة السياحة والآثار الفلسطينية على أن صلاح الدين الأيوبي حفر الخندق المحيط
بالقلعة أثناء حروبه مع الصليبين، وأن جيشه استخدمها لمراقبة القوافل والجيوش
القادمة من مصر والساحل.
جبر الرجوب مسؤول المواقع في وزارة السياحة والآثار الفلسطينية
وقال الرجوب لـ
"عربي21":
"كانت القلعة مكانا سكنيا للمقيمين داخلها، وملاذا للسكان أثناء الحروب
والغزوات".
وأضاف: "قلعة صلاح الدين قلعة رومانية
قديمة، عرفت باسم قلعة صلاح الدين الأيوبي الذي شيدها في القرن الثاني عشر
الميلادي، وهي مقامة على سلسلة من المغائر والسراديب وآبار المياه المحفورة في
الصخور".
وأشار إلى أن القلعة مستطيلة يبلغ ارتفاعها
حوالي خمسة أمتار، وهي محصنة بأسوار حجرية قوية يحيط بها خندق دفاعي محفور في
الصخور، ويوجد بداخلها برج دفاعي مبني من الجدران الحجرية، وتضم بقايا آثار وكنيسة
صغيرة ملاصقة للجدار الجنوبي.
وأوضح رجوب أنه يوجد في القلعة كافة المرافق
من مساكن وأنفاق وآبار مياه وأخرى لتخزين الحبوب، وكانت محصّنة بأسوار حجرية قوية
ويحيط بها خندق دفاعي محفور في الصخر بعرض ثلاثين مترا، لمنع الغزاة من الوصول
إليها.
وقال: "تضم القلعة بقايا كنيسة صغيرة ملاصقة
لجدارها الجنوبي، وخلال النكبة استخدمت مرافقها مراكز إيواء للفلسطينيين
المهجّرين، وبنت بعض العائلات بيوتا على أجزاء منها، لكن أغلب العائلات غادرتها
وأقامت في بيوت حديثة أنشئت أغلبها في الناحية الشرقية، نظرا لمنع التمدد العمراني
غربا باتجاه الخط الأخضر".
وأضاف: "تتعرض القلعة للعديد من
اعتداءات المستوطنين اليهود، حيث يتم اقتحام الموقع من قبل الجيش الإسرائيلي الذي
يقوم بحماية ومرافقة قطعان المستوطنين والذين يقومون بطقوس دينية تلمودية مزعومة
فيها".
وأوضح الرجوب أن وزارة السياحة والآثار
الفلسطينية قامت وبعد العمل على ترميم القلعة وتأهيلها من خلال الشراكة مع شركائها
المحليين والدوليين؛ بربطها بخط مسار فلسطين التراثي، حيث يرتاده العديد من الزوار
المحليين والدوليين.
وقال: "هذا الربط زاد أعداد الوافدين
للبلدة، حيث باتت القلعة ملاذا لطلاب المدارس للتعرف على جزء مهم من تاريخ الحضارة
الإسلامية".
من جهتها أكدت إسلام حبوش الباحثة في
التاريخ على الأهمية التاريخية والوطنية لقلعة صلاح الدين.
وأشارت حبوش في حديثها لـ
"عربي21"
إلى أن انشاء القلاع على مدار التاريخ يؤكد القوة التي كان يتمتع بها الجيش، وكانت
كذلك لحماية الجيوش والطرق من المعتدين نظرا لارتفاعها الشاهق وغالبا ما تكون في
موقع استراتيجي يكشف بقية المناطق، مؤكدة أن هذا الأمر كان صلاح الدين يوليه أهمية
كبرى.
وقالت: "يجب إبراز هذا المعلم التاريخي
والأثري الفلسطيني للجميع لا سيما الجيل الصاعد من الشعب الفلسطيني ليعرف كيف
يحافظ على منجزات واحد من أهم القادة التاريخيين في الأمة العربية والإسلامية".
وأضافت: "وضع القلعة على مسار فلسطين
التراثي ليرتاده المئات من الزوار المحليين الدوليين أمر عظيم بحاجة إلى إبراز
أكبر على المستوى المحلي والدولي مع العمل على تكثيف الرحلات لها لا سيما من قبل
طلاب المدارس والجامعات".
وشددت الباحثة في التاريخ على ضرورة العمل
على إدراج هذا الموقع على قائمة التراث العالمي والإسلامي، وفضح ممارسات الاحتلال
ومستوطنيه تجاه هذا الموقع المهم ووضع الجهات الدولية في صورة هذه الاعتداءات
المتكررة.
وطالبت بالمزيد من الحفريات في هذا الموقع
ومحيطه لمعرفة المزيد عن تاريخ القلعة، مرجحة أن تكون هذه القلعة تحمل تاريخا كبيرا
وما تم اكتشافه حتى اللحظة من خلال عمل مهني محترف يخرج بتوصيات للجهات المسؤولة
والدولية من أجل تطويره وتحويله إلى متحف لاحقا.