أكد رئيس النظام
المصري، عبد الفتاح
السيسي، الخميس، التزام مصر بالحوار والتفاوض للتوصل إلى حل لأزمة
سد النهضة الإثيوبي، بعد يومين من دعوته إلى "
حل وسط" في ظل المفاوضات المتعثرة بين دولتي المصب والمنبع.
وأضاف خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الأنجولي جواو لورنسو في العاصمة لواندا إن بلاده تعتمد على مياه نهر النيل بشكل أساسي، مشيرا إلى أن أكثر من 95% من مساحة مصر صحراء، بينما تعتمد إثيوبيا على مصادر متعددة للمياه.
وتستعد إثيوبيا لبدء الملء الرابع وتخزين نحو 20 مليار متر مكعب من المياه خلف السد، وكانت قد انتهت العام الماضي من تخزين 22 مليار متر مكعب بعد إنجاز المرحلة الثالثة من ملء خزان السدّ، الذي تبلغ سعته نحو 74 مليار متر مكعب من المياه.
وبدأ السيسي، الأربعاء، جولة أفريقية تشمل زيارة أنجولا، في أول زيارة لرئيس مصري، إضافة إلى زامبيا، وموزمبيق، بحسب بيان المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية.
اظهار أخبار متعلقة
وصرح المتحدث أن جولة السيسي تأتي في إطار حرص مصر على تكثيف التواصل والتنسيق مع أشقائها الأفارقة، وكذا مواصلة تعزيز علاقاتها مع دول القارة في مختلف المجالات.
ومن المقرر أن يشارك السيسي، في أعمال القمة الثانية والعشرين للسوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقي "كوميسا"، والتي ستشهد تسليم الرئاسة الدورية للتجمع من مصر إلى زامبيا.
ما هي حدود الحلول الوسط للسيسي؟
ويرى خبير المياه والسدود، محمد حافظ، أن "حديث السيسي عن حل وسط وحل ملزم متناقض، لأنه لا بد من ترجمة هذه المصطلحات إلى أرقام في لغة تصريف مياه الأنهار، ومن المعروف أن إثيوبيا ترفض حصة مصر التاريخية البالغة 40 مليار متر مكعب وفقا لاتفاقية 1959؛ بالتالي الحل الوسط هو خصم من هذه الكمية".
وفيما يتعلق بزيارة السيسي الأفريقية، أكد حافظ في حديثه لـ"عربي21": أن "إثيوبيا تأكد لها أن رد الفعل المصري هو مجرد زوبعة في فنجان، خاصة بعد أن أنجزت 3 مراحل من عمليات الملء وتستعد هذه الأيام للملء الرابع، لذلك رفعت من سقف مطالبها بحصة تعادل تقريبا ثلث الإيراد السنوي للنيل الأزرق بـ 17.5 مليار متر مكعب وتصريف 31 مليار متر مكعب لمصر والسودان".
وحمل حافظ، السيسي مسؤولية الوصول إلى طريق مسدود مع إثيوبيا، قائلا: "توقيع السيسي على اتفاقية مبادئ سد النهضة عام 2015 والتي تنازل فيها عن كافة حقوق الدولة المصرية في نهر النيل الأزرق سمح لإثيوبيا بأن تكون صاحبة اليد العليا في تفسير المصطلحات المطاطية لتلك الاتفاقية".
اظهار أخبار متعلقة
وتوقع حافظ أن "تكون حصة مصر من مياه النيل الأزرق من الماضي بعد اكتمال بناء سد النهضة؛ بسبب تنازل السيسي منفردا عن حقوق مصر المكتسبة تاريخيا من نهر دولي تحفظه أكثر من 10 اتفاقيات دولية كانت تحفظ حق الدولة المصرية فجاءت اتفاقية مبادئ سد النهضة وخاصة البند الرابع والخامس واللذان هما متوافقان تماما مع بنود اتفاقية (عنتيبي) لتورط مصر إلى الأبد وتخلع عنها ما كان يحمي حقوقها من اتفاقيات سابقة".
"مفاوضات جدباء"
وتتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا منذ 2011 للوصول إلى اتفاق حول ملء سد النهضة وتشغيله، إلا أن جولات طويلة من التفاوض بين الدول الثلاث لم تثمر حتى الآن اتفاقا.
في 23 آذار/ مارس 2015، وقع رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، على "اتفاقية إعلان المبادئ"، التي تعترف مصر بموجبها بحق إثيوبيا الشرعي في بناء سد النهضة مقابل تعهد أديس أبابا بإشراك القاهرة في إدارتها للسد، وهو ما لم يحدث لاحقا.
التحرك في دائرة مفرغة
وأعرب مساعد وزير الخارجية المصري السابق، السفير عبد الأشعل، عن اعتقاده بأن "الدول الأفريقية لا تؤيد مطالب مصر في أزمة سد النهضة وتدعمها، وفشل الاتحاد الأفريقي في قيادة المفاوضات بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى، ولذلك فإنها لا تملك شيئا لتقدمه لمصر، والدليل على ذلك أنها لم تدعم مصر في مجلس الأمن".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف في حديث لـ"عربي21": "طوال العقود الماضية وتحديدا منذ انتهاء حقبة الرئيس المصري جمال عبد الناصر بداية سبعينات القرن الماضي، لا توجد في مصر سياسة أفريقية جنحت بعيدا عن جيرانها الأفارقة وركنت إلى اتفاقيات دولية في عهود قديمة من السهل أن تتنصل منها دول حوض النيل البالغ عددها 11 دولة، وفقدت كل أوراق القوة وكل الزيارات هنا أو هناك هي تحركات في دائرة مفرغة".
وأوضح الأشعل الذي عمل سفيرا في أفريقيا أن "هذه الزيارات يفترض أن يسبقها تحديد السياسة المصرية في القارة السمراء، وأول خط فيها هو الأمن المائي الذي تشترك فيه دول حوض النيل، وأن تكون منذ البداية دولة فاعلة ولا تكون تحركاتها رد فعل فقط، خاصة أن قضية مصر قضية عادلة، ولا تملك بدائل لنهر النيل في حين لدى إثيوبيا 12 نهرا دوليا و40 نهرا داخليا والأمطار لا تنقطع عنها طوال العام".