وضع
مقتل 3 جنود
إسرائيليين وإصابة ضابط آخر على يد جندي
مصري على الحدود السلطات المصرية
في موقع حرج. وجاء بيان الجيش المصري مخيبا للآمال، حيث خلا من وصف "استشهاد"
واستبدلت بها كلمة "وفاة"، على غير العادة في حوادث مطاردة المهربين على الحدود، كما زعم البيان الصادر عن المتحدث باسم القوات المسلحة.
وحتى
الآن، لم يكشف الجيش المصري عن هوية الجندي المصري الذي قام بقتل جنود الاحتلال، رغم
انتشار صور لمجندين كثيرين تزعم أنها تعود للمجند المصري، وحتى الآن لا يعرف اسمه، ولا
صورته، ولا مسقط رأسه، وسط ردود فعل غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي للتكتم على هويته،
وتساؤلات حول أسباب هذا الصمت.
في وقت
لاحق، أجرى وزير الدفاع المصري الفريق أول محمد زكي اتصالا هاتفيا بوزير الحرب
الإسرائيلي يواف جالانت، لبحث ملابسات الحادث، وتقديم واجب العزاء في ضحايا الحادث من الجانبين، والتنسيق المشترك لاتخاذ ما يلزم من
إجراءات لمنع تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلاً، بحسب بيان المتحدث العسكري .
لهذه
الأسباب يخشى النظام الكشف عن هوية المجند المصري
في سياق
تعليقه، قال رئيس لجنة الأمن القومي بمجلس الشورى المصري سابقا رضا فهمي، إن "هذا
النظام يسير على خطا مبارك في تغيير العقيدة القتالية للجيش المصري، ولكن بسرعات أكبر
بكثير مما كان عليه الوضع في عهد مبارك، والنظام يفتقد لأي شكل من أشكال المشروعية
السياسية أو حتى مشروعية الإنجاز التي يحرص عليها المستبدون، والتي تحافظ على الحد الأدنى
من مبررات وجوده، في غياب هذه الشرعية الداخلية يحرص النظام على الشرعية الخارجية، ولم
يعد مبرر لوجوده إلا باعتباره الحارس الأمين على أمن دولة الاحتلال الإسرائيلي".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف لـ"عربي21": "تأتي هذه الحادثة لتشكك في قدرة النظام على حماية الحدود
المشتركة بين مصر والكيان، وما زالت حادثة سليمان خاطر والذي تحول بسببها إلى بطل شعبي،
وإثبات أن كل اتفاقيات السلام مع دولة الاحتلال قديما أو حديثا لن تفلح في تغيير عقيدة
الشعب المصري، بأن إسرائيل دولة احتلال، وأنها ما زالت تحتل أراضي مصرية حتى يومنا هذا،
وبأن
سيناء لم تتحرر إلى الآن، وفق الملاحق السرية لكامب ديفيد".
وبشأن
حالة التعتيم على هوية المجند المصري، أوضح فهمي أن "النظام يحرص على عدم الكشف
عن هوية الفاعل وتسريب صور مضللة ليست للفاعل الحقيقي، ولا الكشف عن اسمه؛ خشية من ظهور
سليمان خاطر جديد".
واعتبر
أن "استخدام النظام مصطلح الوفاة وليس الشهادة في نفس السياق، لأن استخدام لفظ
الشهادة ومدلولاتها الدينية والوطنية تجعل من هذا الشهيد نموذجا يحتفى ويحتذى به بين
الشباب.. النظام كما يقول المصريون "بيخاف من خياله"، ولا يملك حيال هذه الحادثة
إلى تقديم العزاء لأولياء نعمته وسبب وجوده".
"خاطر
الغائب.. الحاضر"
من جهته، قال مدير مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، الدكتور أحمد سالم: "التصريحات الرسمية المصرية
توضح أن هناك حالة ارتباك لدى السلطات المصرية، ومن الواضح أن الرواية المصرية بشكل
عام بعيدة عن الواقع، وهناك تناقض بين الروايتين المصرية والإسرائيلية".
وأوضح
لـ"عربي21": "من المعروف أن تواجد الأمن المصري بالمنطقة "ج"
منزوعة السلاح ويوجد بها قوات من الشرطة المصرية، لكن طبيعة هذا التواجد تغيرت وفق
تفاهمات بين البلدين لتعزيز وجود الجيش المصري للتصدي لعناصر تنظيم الدولة، وتغيرت
خريطة التواجد العسكري من حيث الأعداد ونوعية التسليح خلال السنوات القليلة الماضية،
إضافة إلى وجود جدار أمني للحد من الهجمات وعمليات التهريب المحتملة داخل الأراضي المحتلة".
وأرجع
سالم عدم وصف الجندي بالشهيد إلى "أنها مسألة مرتبطة بطبيعة العلاقات مع الجانب
الإسرائيلي، لأن النظام المصري يعتبر الحكومة اليمينية هناك حليف إستراتيجي، وساعدته
في الحصول على شرعية دولية، وتربطهما علاقات قوية، بحجم الخدمات المتبادلة".
وأضاف:
"كما أن الجانب المصري حريص على عدم صناعة بطل جديد؛ نظرا للترحيب الشعبي بالعملية،
وأن ذلك يخلق حالة من التضامن مع منفذ العملية، حتى لا يشجع غيره على تكرار مثل تلك
العملية، وهذا يبرز حرص السلطات على عدم تداول معلومات حقيقة عن الجندي، والأمر الأخير، لا أظن أن الواقعة قد تؤثر على العلاقات بين البلدين؛ لأنها أقوى وهما بحاجة إلى بعضها البعض".
شهدت
الحدود المشتركة حوادث وعمليات عدة، كان أبرزها عملية نفذها جندي مصري يدعى سليمان
خاطر في تشرين الأول/ أكتوبر عام 1985، في أثناء قيامه بنوبة حراسته المعتادة بمنطقة رأس
برقة جنوب سيناء في النقطة "46"، أسفرت عن مقتل إسرائيليين وإصابة 7 آخرين.
اظهار أخبار متعلقة
"الدم
المصري رخيص"
بدوره،
أكد الخبير العسكري العميد السابق بالجيش المصري عادل الشريف، أن "الجيش المصري
يؤكد في كل مرة تحت قيادة هذا النظام، أنه بدّل عقيدة الجيش المصري لصالح بقائه في الحكم،
ولا يكون ذلك إلا بالتصهين لهذا الكيان، لكن ما يميز هذا النظام أنه أمعن في التماهي
مع رغبات وطلبات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من أي نظام سابق".
وأضاف
أن "تقديم واجب العزاء في وفاة جنود الاحتلال، وعدم الكشف عن هوية الجندي المصري
الذي يستحق لقب استشهاد وليس وفاة؛ لأنه بحسب البيان استشهد خلال أداء الواجب ومطاردة
مهربين على الحدود مع الكيان الصهيوني، كلها مؤشرات على إذعان النظام للاحتلال، وخشيته
من أي عواقب محتملة لهذه العملية"، مشيرا إلى أن "النظام الحالي بات لا يكترث
لردود الفعل الداخلية بعد أن كانت في أوجها في عهد عبد الناصر ثم السادات، ثم خفتت كثيرا
في عهد مبارك، وتلاشت تماما في عهد السيسي".
واستهجن
الشريف "حجم رد الفعل المصري الكبير والعميق والمتوتر والمضطرب على الحادث، ومحاولات
التبرير التي ساقها المتحدث العسكري، والتعتيم على العملية، في حين أن هناك عمليات
اعتداء مشابهة قام بها جنود الاحتلال الإسرائيلي ضد جنود وضباط ومواطنين مصريين مرت
مرور الكرام، وكأن الدم المصري أرخص من الدم الصهيوني".