هل تحتاج الولايات المتحدة توقيع السعودية لإتمام الاتفاقات الإبراهيمية؟

لا تزال إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تأمل أن يوافق ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للبلاد، على التوقيع على الاتفاقية الإبراهيمية بنهاية العام، لتدخل بذلك إلى الدائرة الصغيرة من الدول العربية -الإمارات والسودان والمغرب والبحرين- التي قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وقال موقع "بلومبيرغ" الأمريكي، في مقال ترجمته "عربي 21"، إنه بعد فشل بايدن في استبعاد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من المجلس الأعلى للشؤون الدولية، أصبح الرئيس الأمريكي الآن يائسًا لإدخال الحاكم الفعلي للمملكة في النادي الأكثر تميزا في العالم.

وأضاف الموقع أن تفاؤل إدارة بايدن يستند إلى ثلاث أفكار خاطئة: أن محمد بن سلمان يريد الانضمام إلى النادي، وأن العضوية تتطلب موافقة الولايات المتحدة، وأن توسيع الاتفاقات أمر بالغ الأهمية للمصالح الأمنية الأمريكية، وقد تكون هناك مغالطة رابعة تلعب دورًا أيضًا؛ وهي أن هذا من شأنه أن يرقى إلى مستوى نجاح كبير في السياسة الخارجية للتباهي به خلال حملة إعادة انتخاب الرئيس العام المقبل.

وأوضح الموقع أن سياسة الأمير مع إسرائيل كانت تشهد مدًّا وجزرًا؛ حيث تحسنت العلاقات بين البلدين مع زيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لمحمد بن سلمان في عام 2020، لكنها تراجعت منذ ذلك الحين. في حين أن الموقِّعين الآخرين على اتفاقيات إبراهيم قد وُضِعُوا في موقف حرج بسبب الارتفاع الأخير في العنف ضد الفلسطينيين، فقد شعر السعوديون بأن وجودهم خارج الاتفاق له ما يبرره. كما سمح لهم بإظهار استيائهم دون إثارة حفيظة دبلوماسية.

اظهار أخبار متعلقة

وذكر الموقع أن محمد بن سلمان وضع شروطًا للانضمام إلى الاتفاقات، بما في ذلك الضمانات الأمريكية لأمن السعودية، والدراية الفنية لبرنامج الطاقة النووية، ورفع القيود المفروضة على مبيعات الأسلحة إلى المملكة.

وأشار الموقع إلى أنه من المفترض أن يسلم توني بلينكين، وزير الخارجية الأمريكي، رد بايدن على مطالب محمد بن سلمان، وذلك خلال زيارته السعودية هذا الشهر. ومن غير المرجح أن يتمكن بايدن من تلبية جميع مطالب الأمير قبل نهاية العام، لأسباب ليس أقلها معارضة زملائه الديمقراطيين في الكونجرس، وهو ما يعلمه السعوديون، وربما تعمدوا وضع المعايير في مستوى مرتفع للغاية.

وأفاد الموقع بأن أولويات محمد بن سلمان تختلف كثيرًا عن أولويات أعضاء النادي الآخرين. فعلى عكس الإمارات والبحرين، اللتين تعتبران إسرائيل درعًا ضد إيران العدوة لهما؛ وصلت السعودية بالفعل إلى تسوية مع الجمهورية الإسلامية. كما أن ابن سلمان لا يسعى للحصول على اعتبارات خاصة من الولايات المتحدة، على عكس المغرب الذي حصل على اعتراف واشنطن بمطالبته بالصحراء الغربية، والسودان الذي شُطب من قائمة وزارة الخارجية للدول الراعية للإرهاب.

وتابع الموقع مبينًا بأن ولي العهد يدرك أيضًا رغبات والده الملك المريض سلمان بن عبد العزيز، الذي يدافع منذ فترة طويلة عن إقامة دولة فلسطينية، والذي يقال إنه يعارض الانفتاح الدبلوماسي مع إسرائيل؛ حيث قال محللون سعوديون إن محمد بن سلمان قرر عدم التوقيع على الاتفاقات بينما لا يزال الملك على قيد الحياة.

واعتبر الموقع أنه يمكن للرياض -إذا تغير الوضع- بسهولة تطبيع العلاقات مع إسرائيل دون مساعدة الولايات المتحدة، فلا داعي للخوف من العار في العالم العربي بعدما كسر الموقعون الآخرون هذا المحظور بالفعل؛ حيث أصبح بإمكانه اختيار التوقيع على الاتفاقات، أو الوصول إلى اتفاقية دبلوماسية مختلفة تمامًا.

وقال الموقع إن محمد بن سلمان إذا لم يغفر لبايدن نعته "بالمنبوذ"؛ فقد يرغب في الشعور ببعض الشماتة من خلال حرمانه من الفضل في توقيع الاتفاقية، أو حتى رفض التقاط صورة في البيت الأبيض، وهو ما لا يهتم به الإسرائيليون طالما أن الصفقة قد تمت.

اظهار أخبار متعلقة

وأوضح الموقع أن واشنطن كانت قد أعلنت أن إشراك المزيد من الدول العربية والإسلامية في الاتفاقات هو "مصلحة أمنية قومية معلنة للولايات المتحدة"؛ ولقد تحققت مصلحة الولايات المتحدة في تأمين إسرائيل من الدول العربية المعادية إلى حد كبير منذ عقود، عندما أقامت مصر والأردن علاقات مع الدولة، بينما يتطلب التهديد الذي تشكله إيران ووكلاؤها في سوريا ولبنان والعراق مساعدة عسكرية وتعاونًا استخباراتيًا، وليس مجهودًا دبلوماسيًا. والسعودية -حتى من دون علاقات دبلوماسية طبيعية- يصعب وصفها بأنها معادية لإسرائيل.

ووفق الموقع، فإن وجود المملكة في النادي بشكل كبير لن يغير حسابات الأمن الأمريكية للمنطقة. إذا استمروا في السعي إلى سلام منفصل مع إيران، فلا يمكن أن يُتوقع من السعوديين المشاركة بشكل هادف في أي مواجهة مع الجمهورية الإسلامية، ومن غير المحتمل أن يكون لها أي تأثير مقيد على الإيرانيين أو المليشيات التي تعمل بالوكالة عنهم.

واختتم الموقع مقاله قائلا إنه يكفي، في الوقت الحالي، لأغراض الولايات المتحدة أن تتعاون إسرائيل والمملكة العربية السعودية خلسة في مجموعة واسعة من المبادرات العسكرية والاستخباراتية؛ حيث يمكنهم بالتأكيد الاستفادة من ارتباط أكثر انفتاحًا، لا سيما في التجارة. لكن يجب على إدارة بايدن أن تترك الأمر للسعوديين والإسرائيليين للوصول إلى هناك في وقتهم الخاص.