ملفات وتقارير

كيف يهدد انقسام العسكر في السودان مصالح مصر وأمنها القومي؟

لقطة فيديو لجنود مصريين في قاعدة مروي السودانية وقعوا تحت أيدي قوات الدعم السريع
لقطة فيديو لجنود مصريين في قاعدة مروي السودانية وقعوا تحت أيدي قوات الدعم السريع
يهدد النزاع المسلح في السودان بين رئيس مجلس السيادة الانتقالي قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وبين نائبه قائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، المصالح المصرية من جهة وأمنها القومي من جهة أخرى، في حال استمر القتال بين الطرفين.

بعد سنوات من فتور العلاقات المصرية السودانية في عهد الرئيس السوداني السابق عمر حسن البشير في أعقاب الانقلاب العسكري في مصر في صيف 2013، فقد استعادت مصر في عهد رئيس النظام عبد الفتاح السيسي علاقاتها مع النظام العسكري الجديد في السودان.

وضم النظام العسكري الجديد في السودان قائدي الجيش وقوات الدعم السريع، الأول في منصب رئيس المجلس السيادي السوداني والثاني في منصب النائب، وألقت مصر بثقلها خلف الجيش السوداني، ووقعت العديد من البروتوكولات لإجراء مناورات وتدريبات عسكرية مشتركة.

وكانت قاعدة مروي العسكرية الاستراتيجية الواقعة في شمال السودان وتضم مطارا عسكريا متقدما، قد احتضنت أولى الدورات التدريبية في آذار/ مارس 2021، وهي ذات القاعدة التي استولت عليها قوات حميدتي وأعلنت استسلام الكتيبة المصرية المتواجدة هناك، ونشرت مقطعا مصورا لاستسلامهم.


من جانبه، قال الجيش المصري، الذي ينشر سربا من الطائرات المقاتلة وكتيبة عسكرية في مطار مروي العسكري، إنه يتابع عن كثب الوضع في السودان وينسق مع السلطات السودانية المعنية لضمان تأمين القوات المصرية.

وقال المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية، في بيان: "تتابع القوات المسلحة المصرية عن كثب الأحداث الجارية داخل الأراضي السودانية، وفي إطار تواجد قوات مصرية مشتركة لإجراء تدريبات مع نظرائهم في السودان جار التنسيق مع الجهات المعنية في السودان لضمان تأمين القوات المصرية".

بدوره، قال قائد قوات الدعم السريع إن الجنود المصريين في قاعدة مروي بأمان وإن قواته مستعدة للتعاون مع مصر لإعادتهم، مشيرا إلى أن الكتيبة المصرية لا تعتبر عدوا وسلمت نفسها دون مقاومة.

 
في أول تصريح له حول الأزمة، طالب السيسي الأطراف السودانية بتغليب لغة الحوار والتوافق الوطني وإعلاء المصالح العليا للشعب السوداني.

وأعرب السيسي خلال اتصال هاتفي مع سكرتير عام الأمم المتحدة، "أنطونيو غوتيريش"، عن قلق مصر البالغ من تطورات الموقف في السودان، مؤكداً خطورة التداعيات السلبية لتلك التطورات على استقرار السودان.

اظهار أخبار متعلقة

 
تحالفات مصر الخاطئة

في تقديره، يرى السياسي المصري عمرو عادل أن "سياسات مصر الفاشلة في التعامل مع محيطها الإقليمي، أدت إلى فقدانها امتدادها الغربي مع ليبيا بتحالفات خاطئة، ثم امتدادها الوجودي في الجنوب مع السودان بتحالفات خاطئة ساذجة لا ترى إلا تحت قدميها، وما يجري هو نتيجة متوقعة للخلل الكبير في الرؤية الاستراتيجية والعسكرية للنظام المصري وتحالفاته الطفولية وإدارته الشديدة السذاجة للملفات الكبرى المتعلقة بالأمن القومي المصري".

وأوضح عادل الضابط السابق بالجيش المصري، لـ"عربي21" أن "النظام العسكري الانقلابي المصري اعتمد على تحالفات هشة تكتيكية مع دول الخليج وظن أنها تحالفات استراتيجية، ومع تغير الواقع السريع تخلى الكل عنه بل أصبح في موقف عدائي مع حلفاء الأمس، وهذه طبيعة التحالفات الهشة المعتمدة على مواقف آنية، والسودان كما كانت ليبيا تكرار لنفس السيناريو".

ويرى أن مصر لا تملك أي خيارات غير سياسية لتهدئة الأوضاع في السودان، قائلا: "لم يدرك النظام المصري أنه غير قادر على خداع الجميع طوال الوقت، واكتشف الجميع مدى ما يعاني منه الجيش المصري من اهتراء، وكذلك ما تعاني مصر منه من فساد منهجي، ما جعل الجميع يعيد بناء تحالفاته، وهذا واضح للغاية في الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع الذي سيؤدي إلى انكماش أكثر وأزمات استراتيجية أكبر للنظام المصري، وسوف يخسر الكثير من أوراقه في جميع الملفات بما فيها سد النهضة".

امتداد أمن مصر القومي

يشكل السودان امتدادا حيويا لأمن مصر القومي، ويبلغ طول الحدود بين مصر والسودان 1276 كيلومترًا، وهي بذلك أطول حدود برية لمصر، فضلًا عن كونها الأكثر اكتظاظًا بالسكان مقارنة ببقية المناطق الحدودية، بحسب مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط.

ويعول نظام السيسي على رئيس المجلس السيادي في السودان لتبني موقف موحد في قضية سد النهضة حيث تبني إثيوبيا سدا كبيرا على نهر النيل يهدد دولتي المصب (مصر والسودان) بحجز كميات كبيرة من مياه النيل؛ وبالتالي تناقص حصصهما التاريخية في المياه.

ارتياب مصري من حميدتي

على الجانب السوداني، يقول الخبير في الشؤون السودانية الكاتب والمحلل السياسي الدكتور ياسر محجوب الحسين: "لقد ظلت مصر على الدوام تتوجس من مليشيا الدعم السريع لا سيما بعد سقوط نظام الرئيس عمر البشير؛ فهذه القوات غير مهنية وفوضوية ومناطقية تسيطر عليها عائلة من قبيلة بعينها، وهي بهذه الصفات تمثل خطرا على الأمن والاستقرار في السودان إذا ما تمكنت من مفاصل السلطة، وبالتالي فهي تمثل خطرا على أمن واستقرار مصر باعتبار المقولة المعروفة أن السودان عمق استراتيجي لمصر؛ وبالتالي فإن سيطرة الجيش السوداني على كامل الأوضاع في البلاد مبعث ارتياح لمصر الرسمية".

وأضاف لـ"عربي21": "على ما يبدو أن الأزمة السودانية الحالية المتمثلة في التصعيد الخطير بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع ليست إلا قمة جبل جليد قاعدته توتر إقليمي على خلفيات أزمة سد النهضة؛ فبينما يبدو أن حسابات قائد الدعم السريع الجنرال محمد حميدتي مرتبطة بدعم المصالح الإثيوبية، فإن قائد الجيش السوداني الجنرال عبد الفتاح البرهان يجد في توثيق العلاقات العسكرية مع مصر كابحا لتهديدات قوات الدعم السريع بتغيير التركيبة الجيوسياسية للدولة السودانية".

وما يؤكد التوجس المصري من مليشيا الدعم السريع، بحسب الحسين، العلاقات الخاصة التي تربط قائد الدعم السريع بإثيوبيا، ليس بسبب الاستثمارات الضخمة التي منحتها له أديس أبابا للتنقيب عن الذهب في منطقة بحر دار الإثيوبية فحسب، وإنما تلك الزيارات والتحركات السياسية المتبادلة طيلة السنوات الماضية، حيث سعى حميدتي في كانون الأول/ ديسمبر الماضي لإعلان اتفاق تسوية بين السودان وإثيوبيا دون مصر حول قضايا سد النهضة الإثيوبي المثير للجدل والخلاف بين مصر وإثيوبيا على وجه الخصوص، بينما الموقف السوداني الرسمي هو ضرورة التوصل إلى اتفاق فني ثلاثي ملزم حول إدارة وتشغيل السد الإثيوبي.

واختتم حديثه بالقول: "ولاحقا وفي محاولة لتدارك الجدل الذي أثاره ذلك الاتفاق، أصدر حميدتي بياناً قال فيه إن "التوصل لاتفاق في شأن سد النهضة ينبغي أن يضمن حقوق مصر والسودان وإثيوبيا في حصص نهر النيل". كذلك فإن اشتراط حميدتي لتسوية الخلاف مع الجيش قبل انفجار الأوضاع كان السماح لقواته باستكمال إنشاء قاعدة جوية خاصة بها قرب مثلث الحدود السودانية المصرية الليبية، وذلك تعتبره مصر تهديدا لأمنها".
التعليقات (3)
كلام ممنوع من الصرف..!!
الثلاثاء، 18-04-2023 04:55 م
نضطر احيانا الى استخدام الف كلمة كي نتجنب البوح الصريح بكلمة او عبارة واحدة، وهذا ما تنبّه اليه الراحل د . سهيل ادريس عندما قال ان كل ما لدينا في العالم العربي من حريات لا يكفي كاتبا واحدا، وانا اضيف الى ما قاله بعد استئذانه ان كل ما هو متوفر من الحريات لا يكفي مقالة واحدة، بحيث يهوي الانسان بالمعول على جذع الشجرة بدلا من التلويح بها في الهواء كما يقول مثل انجليزي ! وحين نسمع ما يقوله سفراء سابقون سواء لأمريكا او غيرها نحسدهم؛ لأن منهم من يعترف بالخطأ ويصف بعض مواقفه بانها كانت سخيفة كما قال السفير الامريكي السابق في سوريا فورد، واحيانا نحسد كل كتاب العالم؛ لأنهم يكتبون بلغات اخرى غير العربية وحين نُترجمهم نتقبل ما يقولون لأنهم ليسوا منّا، وما هو حلال عليهم حرام علينا ! لقد بدأ فصام الشخصية او ما يسمى الشيزوفرينيا بكل تجلياتها السياسية والاجتماعية في واقعنا العربي على شكل اصابات فردية متفرقة لكنه سرعان ما تحول الى وباء، ولم يعد حتى التلقيح ضده ممكنا؛ لأن امصال الوعي التي تستخدم في مثل هذا اللقاح غير مُتوفرة ! واحيانا نصاب بالدهشة حتى القشعريرة ونحن نرى غلاة القومية يرسبون في اول امتحان، فيكون الانتماء الى الحارة او ما هو اقل كالزقاق مثلما يحدث الان في السودان ! نعرف ان كلام الليل قد يمحوه النهار، وان الكتابة على الرمل او الماء محاولة عبثية، لكن ما نراه احيانا او نسمعه يشبه الكتابة على الماء والرمل، وهو كلام مُتأنّق ممنوع من الصرف، وكدت اقول ما كان يقوله اباؤنا وهو الكلام ببلاش، لولا هذه المليارات التي ننفقها على الثرثرة بالهواتف، فالكلام الان اغلى من اية فاكهة . هل وقعت شأن غيري في الفخ ذاته وكتبت مئات الكلمات كي اتجنب البوح بعبارة واحدة ؟ ربما فالضرورات في عالمنا العربي لا تبيح المحظورات فقط بل تبشر بها على مدار الساعة!!
سعدو
الإثنين، 17-04-2023 09:56 ص
هذا هو جيش مصر الكنانه الذي شاهدناه في رابعه وفي سيناء وعلى حدود غزه حقاً انه جيش السوس والسيسي
قاطعوا الهند
الأحد، 16-04-2023 03:02 م
بيقولك حميدتي مش خريج حربيه زي بلحه وقال ايه رتبته فريق يعنى مستوى بلحه...واساسا حميدتي تاجر جمال ومعيز وغنم .. بيقولك حلب العساكر المصريين ونومهم نوب العازب بتاعه مصنع الكراسى وغنى لهم اغنيه ...ابوس القدم .. وابدى الندم..على غلطتى...فى حق الغنم