كشفت
وثائق إسرائيلية قديمة، عن الكثير من الجوانب العنصرية
والإجراءات الفاسدة غير الأخلاقية في نشاطات الحكم العسكري، الذي فرضته "إسرائيل"
على
العرب ما بعد نكبة فلسطين عام 1948 وحتى ما قبل حرب 1967.
وأوضحت صحيفة "هآرتس" في تقرير لها أعده عوفر اديرت،
أن "خطأ فنيا لأرشيف الدولة، وفر لنا إطلالة نادرة على وثائق تاريخية عددها نحو
200 صفحة، تكشف جوانب عنصرية، مميزة، فاسدة وغير أخلاقية في نشاطات الحكم العسكري".
وأشارت إلى أن "الوثائق التاريخية"، خاصة بـ"البروتوكولات
التي توثق نقاشات اللجنة الوزارية لشؤون الحكم العسكري، التي عملت في أواخر الخمسينيات،
كما نشر بالخطأ على الموقع وثائق من عام 2021، حيث ظهر أمر من موظف في مكتب رئيس الحكومة،
يخضع له الأرشيف، يطالب بإخفاء بعض المقاطع، لكن الأرشيف لم يقم في النهاية بإخفاء
هذه الوثائق".
طمس فقرات.. "أبيدوا"
المادة كشف عنها بناء على طلب من معهد "عكفوت"
للتحقيق في النزاع بين الفلسطينيين والاحتلال، وهو الذي نشر في موقع الإنترنت الخاص
به مئات وثائق الأرشيف المرتبطة بنشاطات الحكم العسكري، وقراءة الوثائق تظهر ما الجوانب
التي طلب طمسها عن الجمهور".
ونوهت الصحيفة، إلى أن "المقاطع المذكورة التي كان يجب أن
تشطب، توثق الأسلوب السلبي الذي تعاملت به عناصر الحكم العسكري المختلفة مع العرب في
إسرائيل (حاملة الجنسية الإسرائيلية)، وطرق العمل الإشكالية لها إزاء هؤلاء المواطنين،
وكشفها يؤدي إلى إحراج إسرائيل ومؤسساتها، والأمثلة كثيرة؛ ففي إحدى الجلسات في نهاية
1958 تحدث المقدم يهوشع فيربن، الحاكم العسكري للمنطقة الشمالية، عن النكبة وقال:
"في 1948 حدثت هنا كارثة للسكان العرب، وقعت هزة هنا هزة وعاصفة شديدة بعد الحرب،
طرد معظم السكان، أبيدوا (عشرات المجازر نفذتها بها العصابات الصهيونية)، وتم فصلهم
عن المكان الذي عاشوا فيه".
ونبهت "هآرتس" إلى أن "أرشيف الدولة"
طلب إزالة كلمة "أبيدوا"، "كي لا يكون أي ذكر، بأن شخصا عسكريّا يستخدم
كلمة لاذعة جدا لوصف قتل العرب في حرب 1948".
ومن بين المقاطع التي طلب شطبها، "حديث تناول سرقة الأراضي
من العرب، وفي البروتوكولات يتم اقتباس الحاكم العسكري لمنطقة المثلث، زلمان ميرت،
وهو من أوائل المحاربين في "البلماخ"، حيث اشتهر بأنه عالج موشيه ديان بعد
إصابته في عام 1941، وأكد ميرت أن "تجريد العرب من أراضيهم، كان لصالح مستوطنات
يهودية، أقيمت لدوافع أمنية في المنطقة التي مرت بها الحدود مع الأردن، حيث سلبت الأراضي
من أصحابها، من خلال الإعلان عن المنطقة كمنطقة عسكرية مغلقة طبقا لتعليمات الطوارئ،
وذلك من أجل الحفاظ على الاحتياط نفسه من الأراضي التي خصصت للاستيطان الأمني".
وقال ميرت: "نحن نستخدم هذه التعليمات ونحرص على تنفيذها
للحفاظ على شيئين: أحدهما هو الحفاظ على احتياطي الأراضي".
ونوهت الصحيفة إلى أن الحاكم العسكري العقيد ميشال شاحم،
أعطى أمثلة ملموسة على المناطق التي طرد منها سكانها العرب مثل؛ قرية "خربة الحرش"،
الجلمة وغيرها، من أجل إقامة مستوطنات يهودية عسكرية بمفهوم "الاستيطان الأمني".
العرب بين التوقيع أو الطرد
وأكد نعيم إكول، عضو بعثة "الجمعية اليهودية - العربية
من أجل السلام والمساواة في الحقوق"، أمام المحكمة العليا أن "الحاكم العسكري
جاء للسكان (العرب) وهددهم وقال لهم؛ إذا لم توقعوا على هذا وذاك سأطردكم، وفي
"كفر اسميع" قال للمختار: إذا لم توقع، ابنتك لن تصبح معلمة".
وعندما سئل على ماذا كان يجب على المختار أن يوقع أجاب إكول،
أن "هذه الأراضي تعود للحكومة وليس له"، وبعد خروجه قال: "أنا وقعت
تحت الضغط، وقال الحاكم العسكري: إذا لم تعط الأرض ستطرد".
وهناك موضوع آخر على الأجندة، هو "تقييد دخول العمال
العرب (من حملة الجنسية الإسرائيلية) إلى المستوطنات اليهودية، والحاكم العسكري ميرت
قدم عدة مبررات لذلك: أولا؛ تحدث عن الحاجة إلى "منع إغراق سوق العمل اليهودية
بالعمال العرب، لترك أماكن العمل للمهاجرين الجدد والعمال اليهود".
والمبرر الثاني الذي قدمه الحاكم العسكري، هو "مبرر
أمني، لعدم إعطاء تصاريح العمل للمواطنين العرب، حيث هناك مخاوف من وجودهم قرب مواقع
عسكرية ومطارات، توجد قرب مستوطنات يهودية، وهنا غير مرغوب في العرب".
وتحدث ميرت عن "كيبوتس رمات دافيد"، وقال في مقطع
طلب أن يشطب: "مرغوب جدا بألا يكون في محيط المطار القريب عرب، أي عربي؛ لأننا
لا نثق تماما بهم، يجب علينا تقييد حركتهم في المحيط اليهودي، وعلى هذه الخلفية يوجد
لنا الكثير من المحادثات غير اللطيفة".
ولفتت الحاكم العسكري، الوثائق إلى بعض الطرق التي عمل من
خلالها الاحتلال على تجنيد "عملاء ومتعاونين"، حيث "يتم غض الطرف عن
نشاطات جنائية تورط فيها بعضهم مقابل التعاون معنا، كما يقوم الحكم العسكري بحماية
هؤلاء العملاء إذا تورطوا مع سلطات القانون بسبب نشاطاتهم الجنائية".
وجاء في الوثائق: "في حالة أنهم عملوا في قضايا أمنية،
نعطيهم الدعم، وإذا تم اعتقالهم من قبل الشرطة، نقدم في صالحهم كلمة جيدة ونقوم بإخراجهم
من السجن".
الأرشيف طلب أيضا شطب شهادة "خميس" عن محادثة تحدث
فيها مع حاكم عسكري عن منع استغلال المزارعين العرب، لكن الأخير قال: "نحن معنيون
بأن يكونوا أكثر فقرا، وبسبب ذلك هم سيتركون البلاد".
وأفاد "خميس"، أن "الحاكم العسكري يستخدم
العامل الأمني كذريعة لتحقيق أهداف سياسية وغيرها، وحسب كلامه حرفيا: "هذا ليس
موضوعا أمنيا، هم يستخدمون هذا الاسم المقدس، الأمن، لأغراض أخرى كان يجب أن تكون مخفية".