كتاب عربي 21

الأزمة التركية السويدية تنتظر نتائج الانتخابات

إسماعيل ياشا
- جيتي
- جيتي
أدت عملية حرق المصحف التي قام بها زعيم سياسي دنماركي أمام السفارة التركية في ستوكهولم، إلى تعميق الأزمة التي تشهدها العلاقات التركية السويدية بسبب عدم منح أنقرة ضوءا أخضر لانضمام السويد إلى حلف شمالي الأطلسي "الناتو"، احتجاجا على دعم ستوكهولم للتنظيمات الإرهابية التي تستهدف أمن تركيا، وسماحها لأنصار حزب العمال الكردستاني بتنظيم أنشطة ومظاهرات في قلب العاصمة السويدية.

المسؤولون الأتراك أكدوا أن سماح ستوكهولم لزعيم عنصري متطرف بحرق نسخة من القرآن الكريم أغلق الباب أمام موافقة تركيا على انضمام السويد إلى الناتو في الوقت الراهن والمستقبل القريب. وقال رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان في تعليقه على الحادثة، إن السويد لا ينبغي أن تتوقع دعم تركيا في ملف انضمامها إلى الناتو. كما أعرب حليفه، رئيس حزب الحركة القومية دولت باهتشلي، عن اعتقاده بأن البرلمان التركي لن يوافق على انضمام السويد إلى الحلف في ظل هذه الظروف.

تشير نتائج استطلاع للرأي أجرته وكالة الأناضول للأنباء عبر حسابها في تويتر، إلى أن أكثر من 92 في المائة من الأتراك يقولون إن بلادهم يجب أن لا تدعم انضمام السويد إلى الناتو

الاستنكار الشعبي في تركيا للإساءة إلى كتاب الله ليس أقل من حجم الاستنكار الرسمي، حيث سارع الأتراك إلى 90 ألف مسجد في جميع أنحاء البلاد لأداء صلاة الفجر وتلاوة القرآن الكريم، كما خرجت في بعض المدن مظاهرات حاشدة احتجاجا على حرق المصحف في العاصمة السويدية.

وتشير نتائج استطلاع للرأي أجرته وكالة الأناضول للأنباء عبر حسابها في تويتر، إلى أن أكثر من 92 في المائة من الأتراك يقولون إن بلادهم يجب أن لا تدعم انضمام السويد إلى الناتو.

هناك من يرى أن العملية المشينة تقف وراءها قوى تسعى إلى توسيع الشرخ بين ستوكهولم وأنقرة، وتعارض انضمام السويد إلى الناتو، إلا أن قيام السياسي الدنماركي بحرق المصحف بإذن حكومة السويد وتحت حماية شرطتها يدحض هذه النظرية، كما أن التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء السويدي، أولف كريستيرسون، لتبرير الإساءة إلى مشاعر كافة المسلمين بدعوى "حرية التعبير"، تشير إلى أن العملية ليست "مؤامرة خارجية تستهدف الحكومة السويدية". وبالتالي، يطرح هذا السؤال نفسه: "لماذا سمحت ستوكهولم بحرق نسخة من القرآن الكريم، لتستفز تركيا، في الوقت الذي تحتاج فيه إلى موافقتها لتتمكن من الانضمام إلى الناتو؟".

التفسير الأول لموقف الحكومة السويدية من عملية حرق المصحف أمام السفارة التركية هو أن ستوكهولم تراجعت عمليا عن قرار الانضمام إلى الناتو، وتريد إخراج مشهد التراجع وكأن تركيا هي التي تعرقل وهي المسؤولة عن عدم تمكنها من الانضمام إلى الحلف. وأما التفسير الثاني فهو أن السويد تنتظر نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية المقرر إجراؤها في 14 أيار/ مايو المقبل، وتأمل أن تفوز فيها المعارضة. وهذا التفسير هو الأقرب للواقع.

التفسير الأول لموقف الحكومة السويدية من عملية حرق المصحف أمام السفارة التركية هو أن ستوكهولم تراجعت عمليا عن قرار الانضمام إلى الناتو، وتريد إخراج مشهد التراجع وكأن تركيا هي التي تعرقل وهي المسؤولة عن عدم تمكنها من الانضمام إلى الحلف. وأما التفسير الثاني فهو أن السويد تنتظر نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية

السويد تعرف أن فوز المعارضة التركية في الانتخابات سيسهل موافقة أنقرة على انضمامها إلى الناتو، وسيخلصها من عبء دفع ثمن مقابل تلك الموافقة، كما أنها لن تضطر للاستجابة لمطالب تركيا بشأن تسليم عدد من عناصر حزب العمال الكردستاني وجماعة غولن التي قامت بمحاولة الانقلاب الفاشلة في صيف 2016؛ لأن فوز المعارضة التركية لا يمكن أن يتحقق بأي حال إلا بدعم جماعة غولن وحزب الشعوب الديمقراطي الموالي لحزب العمال الكردستاني. ومن المؤكد أن اشتراط تسليم فنلندا والسويد حوالي 130 مطلوبا إلى تركيا سيختفي تلقائيا بمجرد فوز المعارضة بدعم من التنظيمين الإرهابيين.

وفي المقابل، سيزداد تمسك أنقرة بمطالبها في حال انتصر أردوغان في هذه المعركة الانتخابية التي توصف بأنها "الأهم في تاريخ تركيا الحديثة"، وستضطر السويد أن تدفع ثمنا باهظا للحصول على ضوء أخضر من أنقرة لانضمامها إلى الناتو، لأن أردوغان سيجلس على طاولة التفاوض مع الحكومة السويدية كقائد منتصر ورئيس حاصل على تفويض جديد من الشعب التركي؛ الذي يرى أن بلاده يجب أن لا توافق على انضمام السويد إلى الناتو ما لم تغير ستوكهولم سلوكها وتستجيب لمطالب أنقرة.

فنلندا والسويد وقعتا مع تركيا مذكرة تفاهم ثلاثية في 28 حزيران/ يونيو 2022 وتعهدتا فيها بالتعاون مع أنقرة في مكافحة الإرهاب، إلا أن السويد لم تستجب حتى الآن لمطالب تركيا. كما أن رئيس الوزراء السويدي أعلن قبل أيام أن بلاده لا يمكن أن تلبي جميع مطالب تركيا، مدَّعيا بأن الأخيرة تطلب من السويد ما لا تستطيع تلبيته، في إشارة إلى طلب تسليم المطلوبين من عناصر حزب العمال الكردستاني وجماعة غولن. وبعد وقف أنقرة مفاوضاتها مع فنلندا والسويد احتجاجا على حرق المصحف في ستوكهولم، دعا كريستيرسون إلى الهدوء والتفكير والعودة إلى الحوار مع تركيا، إلا أنه من غير المتوقع إحراز تقدم ملموس في جهود حل الأزمة التركية السويدية قبل ظهور نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية.

twitter.com/ismail_yasa
التعليقات (0)