ما
يفتأ وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير يصدر قرارا تلو الآخر في محاولة
فاشلة لطمس معالم الهوية الوطنية
الفلسطينية، وآخرها حظره لرفع
العلم الفلسطيني في
الأماكن العامة، ما يشير إلى خوف اليمين الإسرائيلي من أي رمز يسعى للتذكير بوجود
الشعب الفلسطيني، مع أنه من المحتمل أن يؤدي أمره بمنع التلويح بالأعلام الفلسطينية إلى نتيجة معاكسة.
معلوم أن رفع الأعلام الفلسطينية يثير الجنون منذ فترة طويلة بين السياسيين
اليمينيين والجمهور الإسرائيلي بشكل عام، ويأتي توجيه بن غفير استمرارا مباشرا
لهذا الاتجاه
الاحتلالي، وهو جهد دون جدوى لكنه مسعى لإخراج القضية الفلسطينية من
جدول الأعمال، ومع ذلك فإن الشعب الفلسطيني لم يختف من الخارطة، لأنه يعيش تحت
القهر والاحتلال والفصل العنصري.
أورين
زيف الكاتب في
موقع محادثة محلية أكد أنه "يمكن الافتراض بالفعل أن قرار بن
غفير سيؤدي للنتيجة المعاكسة، بحيث سيتم رفع المزيد من الأعلام الفلسطينية،
وتعليقها في الأماكن العامة، حتى من قبل بعض اليهود في إشارة إلى معارضة الحكومة، مع
العلم أن قضية العلم تصدرت عناوين الصحف قبل الانتخابات، بعد قيام طلاب من
فلسطينيي48 برفعه في فعاليات إحياء ذكرى النكبة في الجامعات الإسرائيلية، ومؤخرا
في حفل استقبال الأسير المحرر كريم يونس".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف
في
مقال ترجمته "عربي21" أنه "قد لا يوجد جديد في قرار بن غفير،
لكنه سيجعل السياسة الشرطية والأمنية ضد العلم الفلسطيني ذات طابع رسمي، مع العلم
أنه بعد اتفاقيات أوسلو مع الفلسطينيين، فقد صرح النائب العام بأنه لا مصلحة باتخاذ
إجراءات جنائية ضد من رفع العلم الفلسطيني، فقط عندما ينشأ شك حقيقي أن التلويح به
يشكل جريمة بالتعريف، أو التعاطف مع منظمة معادية. وقضت المحكمة عدة مرات بأن
التلويح به أمر قانوني، ولا يُسمح للشرطة بمنعه إلا إذا كان هناك خوف من انتهاك
النظام العام، رغم أنها غالبًا ما استخدمت هذه الذريعة على نطاق واسع".
وأوضح
أنه "منذ أن نقل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب سفارة الولايات المتحدة إلى القدس في 2018 فقد قامت شرطة الاحتلال بمهاجمة كل من تجرأ على التلويح بالعلم
الفلسطيني، حتى في الاحتجاجات الصغيرة والصامتة التي لم يواجهها متظاهرون يمينيون. وفي 2021 طالب وزير الأمن الداخلي عومر بارليف بعدم مصادرة الأعلام إلا في حالات
استثنائية، ورغم هذا التوجيه فقد هاجمت الشرطة في مايو 2022 جنازة الصحفية شيرين
أبو عاقلة، وضربوا المشاركين، وصادروا الأعلام".
وأكد
أنه "من الآن فصاعدا يتوقع أن تتصرف الشرطة بعنف في أي حدث ميداني يوجد فيه
أعلام فلسطينية، خاصة في القدس والداخل المحتل، وسيكون الاختبار الأول في حي الشيخ
جراح، مع أن التجربة السابقة وردود الفعل في الوقت الحاضر، تؤكد حدوث احتمال كبير
بأن التوجيه الجديد لـ بن غفير لن يومض وجود الأعلام الفلسطينية في الفضاء العام، بل ربما العكس، لأنه بعد أقل من يوم على ذلك الإعلان فقد بدأ الفلسطينيون يسألون عن الأماكن التي يمكنهم الحصول منها على الأعلام، بل إن الفلسطينيين باتوا يضعون صورهم مع الأعلام على
مواقع التواصل الاجتماعي".
اظهار أخبار متعلقة
ربما
لا يذكر بن غفير ما شهدته انتفاضة الحجارة حين كان جنود الاحتلال يجبرون الأطفال
الفلسطينيين على تسلق أعمدة الكهرباء لإزالة الأعلام، أو مداهمة مصانع الخياطة،
حتى انتقل الفلسطينيون إلى حياكتها في المنازل، ورسمها على الجدران، وفي السنوات
الأخيرة استخدم الفلسطينيون في القدس بالونات الهيليوم والطائرات الورقية
والطائرات المسيرة لعرض الأعلام خلال الاحتجاجات في حي الشيخ جراح والبلدة
القديمة، حتى تخلى الجيش تمامًا عن فكرة إزالتها.
في
الوقت ذاته، فإن (يوم غد) الجمعة يتوقع أن يشهد أول اختبار للقرار الجديد، خاصة في
حي الشيخ جراح، وقد دأبت شرطة الاحتلال على لعبة القط والفأر مع المتظاهرين الذين
يحملون الأعلام الفلسطينية، مع أنهم تغلبوا سابقا على محاولات مصادرتها بإحضار
العشرات منها، وحمل أعلام صغيرة، أو رسم علم على أيديهم.