مع بدء العام الجديد
لأيامه الأولى، تتحدث الأوساط العسكرية
الإسرائيلية عن تصاعد في التهديدات الأمنية
والعسكرية، واستمرار الجبهة
الفلسطينية بتصاعد المقاومة فيها، بعد أن طوى عام 2022
صفحته على عدد قياسي من قتلى
الاحتلال في
العمليات الفدائية حتى وصلوا إلى 31 قتيلا
بين الجنود والمستوطنين.
وهو رقم لم يُشاهد منذ 15 عامًا لدى الإسرائيليين، فيما
يزداد القلق في محافلها الأمنية من أن الشباب الفلسطيني يريدون أن يصبحوا نموذجا
جديدا من المقاومين، ما ينذر بالمزيد من الهجمات في الضفة الغربية في بداية العام
الجديد.
ألون بن دافيد، الخبير
العسكري
للقناة 13، أكد أن "عام 2022 هو أكثر الأعوام دموية في الصراع
الإسرائيلي الفلسطيني منذ الانتفاضة الثانية، حيث شهد سقوط 31 إسرائيليًا في هجمات
مسلحة في الضفة الغربية، ولعله تم تسجيل هذا الرقم القياسي بسبب إحدى السمات
البارزة للانتفاضة الفلسطينية في نسختها الجديدة، المتمثلة في مقاومة شرسة ومسلحة
في جميع الأراضي الفلسطينية، من خلال ظهور شكل جديد من "المقاومين
الجدد".
وأضاف في مقال ترجمته
"عربي21" أنه "من غير المتوقع أن تختفي أجواء المقاومة الفلسطينية
بين عشية وضحاها، لأنها ستصاحبنا حتى في عام 2023، ولعل أهم معيار في مسارها
المستقبلي أنها تعتمد إلى حد كبير على ما ستفعله إسرائيل، فيما تؤكد حماس أن
الفلسطينيين دخلوا مرحلة جديدة في إطار الصراع، متوعدة بالمزيد من المقاومة
والهجمات في الضفة الغربية وما حولها، مع العلم أن الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة
جلبت المشهد الأكثر، بما تشكله من تهديد حقيقي واستراتيجي للقدس المحتلة والضفة
الغربية وفلسطينيي48".
ولعل ما قام به الوزير
المتطرف إيتمار بن غفير، من اقتحام مبكر للمسجد الأقصى، يعطي وجاهة كبيرة لهذا
التشاؤم الإسرائيلي من أن الجبهة الفلسطينية سيزداد اشتعالها رداً على هذه
الاستفزازات التي ينفذها قادة الاحتلال.
اظهار أخبار متعلقة
نير دفوري المراسل
العسكري
للقناة 12، أكد أن "العام المقبل 2023 يكشف تحديات هائلة على
الاحتلال وجيشه، ما قد يحوله إلى عام حاسم، حيث تعمل القوات الجوية على تحسين
أسطول طائراتها والتدريب بلا توقف، وتحاول عزل إيران من خلال التعاون الدولي
و"الدبلوماسية الجوية"، فيما يتجهز الجيش لمواجهة التحدي القادم من
لبنان، فضلا عن التصدي لنقاط ضعف الجيش المتمثلة بالطرق الجديدة لتهريب الأسلحة، ما يجعل 2023 الذي يقترب منا يحمل تحديات لم نشهد مثلها".
وأضاف في تقرير ترجمته
"عربي21" أن "الجيش مطالب بالعمل ضمن خارطة التهديدات للعام
الجديد، حيث يُتوقع أن يكون عاما دراماتيكيًا لإسرائيل، في ضوء مخططاتها العسكرية
والتهديدات الجديدة، لاسيما أن 2023 سيصعّد فيه سلاح الجو من عمله فيما تعرف دول
"الدائرة الثالثة"، ما يستدعي بناء القوة، ووضع قدرة حقيقية على مهاجمة
إيران، وهي مسألة ذات أهمية حاسمة، حيث تعمل على منع نقل الأسلحة المتطورة
لأعدائها، وكبح التمركز الإيراني في سوريا، والنجاح بسلسلة طويلة من العمليات
العلنية والسرية لمنع وقوع الحرب على أكثر من جبهة، والجيش مستمر بتسليح نفسه
بطائرات إف 35".
وكشف أن "الجيش
يجري استعداداته لاستلام طائرات هليكوبتر جديدة، وطائرات التزود بالوقود، وأخرى من دون طيار، ونشر القبة الحديدية لتغطية الدولة بأكملها، وإجراء اختبارات بالتعاون
مع الصناعات الدفاعية لتوفير رد على التهديدات الجديدة، مثل صواريخ كروز وطائرات من دون طيار انتحارية وصواريخ ساحلية جديدة تمتلكها إيران وحزب الله، ما يتطلب
توثيق العلاقات العسكرية مع أوروبا، ودول الخليج العربي والأردن ومصر، مع اقتراب
موعد مناورة "العلم الأزرق" مع دول المنطقة".
تكشف هذه التحضيرات
الإسرائيلية للعام الجديد 2023 أن نقطة الضعف الأساسية للجيش هي القدرة على بناء
تعاون متعدد الأسلحة بين الأسلحة البرية والجوية والبحرية والاستخبارات، ما يتطلب
ممارسة سلسلة من السيناريوهات للتعلم من بعضهم، بدءا بالقدرة على الاعتداء على
منطقة كثيفة مثل غزة، مروراً بالاحتلال والسيطرة على مناطق إطلاق الصواريخ في لبنان، إلى عمليات مداهمة واسعة النطاق في الضفة الغربية.
مع أن التحدي الجديد
الذي يثير قلق جيش الاحتلال مع اقتراب العام الجديد هو محاولة إيران إنشاء طريق
جديد لنقل الأسلحة عبر الرحلات الجوية المباشرة من طهران إلى لبنان، عقب فشل
محاولاتها لتهريب الأسلحة إلى سوريا، ومن هناك إلى حزب الله في لبنان، ما قد يحمل
تطورا لافتا بإمكانية انتقال "المعركة بين الحروب" من سوريا إلى لبنان،
بعد أن بعث الاحتلال برسالة إلى لبنان، بأنه سيتم الهجوم على مطار بيروت، كما تم
الهجوم على مطار دمشق، إن وصلته شحنات أسلحة إيرانية.
في الوقت ذاته، يعلم
الاحتلال جيدا أن الهجوم في سوريا أسهل من لبنان، حيث الوضع أكثر صعوبة، وحزب الله
مجهز بأكثر من مئة ألف صاروخ، تشكل رادعًا لإسرائيل، فضلا عن عدم رغبة الجانبين
بدخول مواجهة عسكرية، لكن العام الجديد المقبل قد يحمل في طياته تطورات خارجة عن
إرادتهما.